قلنسوة: 750 مريضًا بالسرطان ودعوات لإغلاق مكب النفايات

كشفت معطيات جديدة ارتفاعا حادا في نسب الإصابة بالأمراض السرطانية على اختلافها، في مدينة قلنسوة، بمنطقة المثلث.

قلنسوة: 750 مريضًا بالسرطان ودعوات لإغلاق مكب النفايات

كشفت معطيات جديدة ارتفاعا حادا في نسب الإصابة بالأمراض السرطانية على اختلافها، في مدينة قلنسوة، بمنطقة المثلث.

وتظهر المعطيات ازديادا مخيفا في حالات الإصابة بالسرطانات، مؤخرا، في قلنسوة، الأمر الذي بات يهدد حياة المئات دون مبالغة.

وقال عدد من الأهالي إن 'هذا المرض الخبيث بات آلة الموت البطيئة التي أزهقت أرواحا، وقطفت زهرات في ريعان شبابها، وثكلت عائلات، ويتّم أطفال صغار. إحدى الأسر فقدت أربعة من أبنائها في أعقاب إصابتهم بالسرطان'.

واعتبر السكان أن 'الوضع خطير جدًا، فسرعة الإصابة بالسرطان وازدياد الحالات المصابة بالمرض الفتاك، في ظل ازدياد الإصابة أيضا بأزمة التنفس وأمراض في الجهاز التنفسي بسبب التلوث وغيرها، وفي ظل انبعاث الروائح الكريهة والأضرار البيئية والمكاره الصحية من المزابل ومكبات النفايات والتي تعمل ليلا ونهارا، يشعر المواطنون بالخطر الداهم نحوهم'.

أكثر من 750 حالة سرطان في الأعوام الأخيرة

أشارت الإحصائيات الأخيرة إلى أنه لغاية عام 2014 شخّصت 750 حالة سرطان في قلنسوة، فيما أكّد مواطنون أن هذه الإحصائيات غير دقيقة، وأن عدد الإصابات تجاوز هذا العدد ولم يتم إدراجها في الإحصائيات ربما بسبب الكشف المتأخر لها وعدم معرفة أسباب وفاة عدد من المرضى بسبب عدم تشخيص مرضهم، حيث أن الواقع يشير إلى أنه توفي في الشهر الأول من العام الجاري أربعة شبان في مقتبل العمر من المدينة، نتيجة للإصابة بمرض السرطان، وهي حالات مؤكدة، وهناك العشرات من الإصابات (شباب ونساء وأطفال) في مراحل متقدمة من العلاج.

مخاوف من انتشار المرض وتدافع نحو العيادات المحلية

في أعقاب هذه المعطيات المقلقة والخطيرة وارتفاع نسبة الوفيات بين مرضى السرطان، تعم قلنسوة في الآونة الاخيرة، مشاعر قلق وخوف، تحول هذا المرض إلى كابوس بين الناس، كل من يرى مجرد ورم في جسمه ينتابه الهلع وتوجه للطبيب أو العيادة.

وقال أطباء العائلة في العيادة الطبية المحلية في المدينة، إن 'السكان أصيبوا بحالة من القلق، وبدأنا نلحظ توافد أعداد كبيرة منهم إلينا. للأسف تنتشر روائح كريهة في الفترة الأخيرة، وهي تنبعث من مكب النفايات الواقع غربي الطيبة وجنوب غرب قلنسوة، وبحسب وصف السكان فإن الأحياء المجاورة المحيطة بمكب النفايات يقطنها عشرات العائلات ومئات الأفراد من جهة الشرق وكذلك الأمر شمالا وجنوباً، وتشتم الرائحة المؤذية بشكل شبه يومي منذ 15 عاما وكذلك في ساعات الليل، لكنها ازدادت حدة قبل فترة قصيرة لتقض مضاجعهم وتزيد مخاوفهم'.

المجاورون لمكب النفايات الأشد معاناة من الروائح الكريهة

يعاني سكان حي منطقة 'المتناس' في قلنسوة الأمرّين يوميا، كونهم السكان الأقرب إلى منطقة مكب النفايات الذي يستوعب نفايات صلبة، سائلة وجافة، تجلب من أماكن بعيدة من أنحاء البلاد، هذه النفايات لا تقبل بها مواقع أخرى للنفايات.

هؤلاء السكان يعانون من انبعاث رائحة الدخان الناتجة عن احتراق الغازات في المكب، 'الرائحة تزداد ولا تطاق'، قال أحد السكان في الحي، وأكد أنه يفكر في الرحيل والانتقال لمكان آخر يستنشق فيه هواء نقيا. وأضاف: 'قررت بيع بيتي'، مؤكدا أنه لا يستطع الجلوس في شرفة بيته أو الساحة بسبب الرائحة الكريهة والخطر من الإصابة بالأوبئة وانتشار الحشرات والبعوض، 'أنا أخاف على أطفالي ولن أبقى هنا'.

وقال مواطن آخر، إن 'الرائحة في الفترة الأخيرة لا تطاق، وإنها في كل مرة تختلف رغم شدتها، تارة تصنّف برائحة حرق قطع بلاستيكية أو نايلون، وتارة أخرى لنفايات، وتارة لنفايات رطبة وأخشاب'.
وأضاف أن 'المكب أصبح مركزيا في البلاد حيث يستوعب نفايات وقاذورات من أماكن بعيدة، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وشوهدت رؤوس خنازير وغيرها من النفايات التي لا يقبلها أي  مكب'.

محاصرون داخل المنازل

وقال حكمت تكروري، لـ'عرب 48'، إننا 'نعاني منذ سنوات بسبب هذه المشكلة التي تفاقمت في الآونة الأخيرة، أصبحنا لا نستطيع نشر الغسيل ولا الجلوس خارج البيت ولا حتى فتح نافذة بسبب الروائح الكريهة'

وأضاف: 'لقد فقدت أخي نتيجة إصابته بمرض السرطان، وأختي حاليا ترقد في المستشفى وتعاني من نفس المرض. لا يمكن السكوت بعد'.

وأوضح أن 'لم نقف مكتوفي الأيدي وتوجهنا سابقا ولا زلنا نتوجه إلى الجهات ذات العلاقة لحل المشكلة التي تفاقمت منذ 3 أشهر، وبتنا في حصار دائم، نغلق البيت بإحكام، ولم نعد نفتح أي نافذة. الصيف لم يبدأ بعد ونحن نستخدم المكيفات منذ شهرين داخل البيت عوضا من فتح النوافذ. أؤكد لك مرة أخرى بأننا توجهنا إلى الكثير من المسؤولين إلا أنه لا حياة لمن تنادي، وكلٌ يُلقي بالمسؤولية على الآخر، وصراع المرض لا يتوقف. مكب النفايات يفتك بنا وبشبابنا، بأعزائنا وأحبائنا خلال فترة قصيرة، وهذا ما لم يشعر به إلا من تذوق الحسرة بمرارتها، لم يتوقف ذلك ففي كل أسبوع يفارق الحياة مصاب بالسرطان في قلنسوة'.

وأشار إلى أن 'منطقة المتناس تعتبر حيّا صغيرا نسبياً، منذ أواخر عام 2011 وحتى هذه اللحظة توفي 7 أو 8 أشخاص نتيجة إصابتهم بالسرطان، وأصيب أكثر من 15 شخصا بالمرض حتى الآن، أربعة أشخاص من عائلة واحدة يعانون من السرطان. كنت أسكن داخل البلدة القديمة في قلنسوة، وانتقلت إلى هنا قبل أربعة أعوام وللأسف حكمت على نفسي وعائلتي بـ'الإعدام' بسبب الوضع المتأزم والمعاناة بسبب مكب النفايات'.

ووجه نداء بالقول 'نريد حلا جذريا وليس حلا مؤقتا كما في السابق، لأننا نموت ببطئ، ويجب أولاً ايقاف عمليات الرشاوى التي تتم من أجل استصدار رخص للمزابل، ونطالب المسؤولين للمرة الألف أن يساندونا في هذه القضية وأن يعملوا على إيقاف عمل تلك المزابل، ما نريده فقط العيش في بيئة نظيفة وبأمان'.

وقال يوسف شريف، لـ'عرب 48'، إن 'هذه المزبلة تعمل منذ أكثر من 15 عاما ويزداد عملها في كل عام، بالإضافة إلى عدة مزابل افتتحت في الفترة الأخيرة، ولم يستطع أحد على إغلاقها، والضحايا تسقط الواحدة تلو الأخرى'.

وتابع: 'نناشد البلديات المسؤولة والنواب العرب ولجنة المتابعة، التدخل من أجل إنقاذ كل طفل فقد أمه أو والده ومن أجل كل أم فقدت عزيز لها. نحن اليوم في خطر في هذا الحي، الوضع خطير جدا وأفكر ببيع بيتي وأنتقل لمكان آخر. نطالب كل إنسان لديه ضمير حي في هذا البلد بأن يخرج ويتظاهر كي نقف وقفة رجل واحد من أجل إغلاق مكب النفايات، ووضع لحل لهذه المشكلة التي تهدد حياتنا'.

بلدية قلنسوة: 'نعمل على منع استمرار العمل في مكب النفايات'
 

رئيس بلدية قلنسوة، الشيخ عبد الباسط سلامة

وقال رئيس بلدية قلنسوة، الشيخ عبد الباسط سلامة، لـ'عرب 48'، إن 'بلدية قلنسوة سعت جاهدة للبحث عن حلول ومنع استمرار العمل في مكب النفايات الذي يستوعب نفايات البلاد، وسكان المنطقة يتضررون منها، فقد  توجهت لوزارتي الداخلية وحماية البيئة وللجنة اللوائية للتخطيط والبناء، بطلب وقف عمل المكب، ووصلني رد بأن هذا المكب يتبع لمنطقة نفوذ الطيبة ولا يحق لي التدخل بهذا الجانب، كما وأن هذا المكب حصل على الترخيص القانوني، ولهذا استمر في العمل، ولم يبق أمامنا أي شئ سوى النضال الشعبي، ونحن نحتاج لهبة جماهيرية وحان الوقت لئلا نصمت، كفى مسا بالسكان، وآن الأوان لاتخاذ خطوات احتجاجية ضد المكب من خلال الهبة الجماهيرية'.

بلدية الطيبة: 'لم نمنح ترخيصا لمكب النفايات'

وقال رئيس بلدية الطيبة، المحامي شعاع منصور، لـ'عرب 48'، إن 'بلدية الطيبة لم تمنح ترخيصا لمكب النفايات، غرب مدينة الطيبة الواقع تحت نفوذها، بل كانت قد أصدرت أمرا بإغلاقه بتاريخ 10.11.2015، والبلدية تواصل إجراءاتها لإغلاق المكب، قدمت اعتراضا على طلب صاحب الموقع الذي طلب من اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء الترخيص وشاركت البلدية في جلسة التخطيط لتقديم الاعتراض ومناقشة الأمر. بلدية الطيبة لم ولن توافق أبدا على استمرار عمل المكب أو ترميمه'.

اقرأ/ي أيضًا | حيفا: انبعاثات سامة بسبب حريق في مكب للنفايات المعدنية

وأضاف أنه 'في أعقاب الروائح الكريهة التي انبعثت الليلة الماضية، أرسلت المراقبين إلى مصدرها، وسنقدم ضدهم لوائح اتهام، ولن نتهاون في هذا الأمر حتى إغلاق المكب نهائيا'.

التعليقات