إسرائيل تهدم أفراحنا

تأبى السياسة الإسرائيلية المعادية للمواطنين العرب الفلسطينيين في الداخل إلا أن تنغص حياتنا باستمرار، وتواصل آلة هدمها المؤللة جرائمها في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية، وكأنه لا يكفي ما اقترفته من مصادرة أرض وتهجير ونكبة وتمييز

إسرائيل تهدم أفراحنا

الجرافات الإسرائيلية تهدم قاعة أفراح في كابول

تأبى السياسة الإسرائيلية المعادية للمواطنين العرب الفلسطينيين في الداخل إلا أن تنغص حياتنا باستمرار، وتواصل آلة هدمها المؤللة جرائمها في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية، وكأنه لا يكفي ما اقترفته من مصادرة أرض وتهجير ونكبة وتمييز وعنصرية.

في الوقت الذي تنفذ سلطات الهدم والدمار جرائم هدم المنازل العربية في مختلف البلدات بادعاء عدم ترخيصها، تواصل الحكومة الإسرائيلية تعنتها بعدم الاعتراف بنحو 51 قرية عربية في النقب، وتستهدفها بشكل مستمر بالهدم وتشريد أهلها، بينما تشرع بشكل مستمر ببناء تجمعات استيطانية لصالح اليهود في النقب.

وتتعرض قرى النقب كغيرها من البلدات العربية، في الآونة الأخيرة، لحملات هدم كبيرة طالت مئات المنازل بحجة البناء بدون ترخيص.

وتواصل السلطات الإسرائيلية جرائم هدم المنازل العربية في منطقة النقب، على سبيل المثال، بادعاء عدم ترخيصها، في حين يناشد المواطنون العرب في النقب وكافة الأهل في الداخل الفلسطيني كافة المؤسسات الدولية الإنسانية والحقوقية زيارة النقب ومشاهدة حجم الجريمة المقترفة بحق أهله.

يعيش في صحراء النقب نحو 220 ألف عربي فلسطيني، يقيم نصفهم في قرى وتجمعات بعضها مقام منذ مئات السنين. ولا تعترف المؤسسة الإسرائيلية بملكيتهم لأراضي تلك القرى والتجمعات، وترفض تزويدها بالخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء.

صورة من جلسة المجلس المحلّي (عرب 48)
صورة من جلسة المجلس المحليّ في كابول اليوم (عرب 48)

لا يمر أسبوع أو أيام معدودة إلا وتنفذ إسرائيل جريمة هدم في اللد أو عرابة أو الطيبة أو قرية العراقيب، مسلوبة الاعتراف، التي هدمتها 97 مرة على التوالي وشردت أهلها وأطفالها في العراء، وأبقتهم دون سقف يقيهم حر أشعة الشمس وبرد الشتاء القارس.

وتشكل جرائم هدم قاعات الأفراح والمطاعم، بعد إتلاف محاصيل زراعية، حلقة جديدة في سياسة التضييق على العرب الفلسطينيين في الداخل التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية، وسعيها في محاربتهم ووضع العقبات والعراقيل أمام تحصيلهم لقمة العيش الكريم.

إقدام السلطات الإسرائيلية على اقتراف جريمتي هدم قاعتي أفراح ومطعمين في قريتي كابول الجليلية وجسر الزرقاء الساحلية، صباح اليوم الإثنين، جاء ليؤكد رسالة العداء التي تحملها للعرب الفلسطينيين في الداخل عامة.

جرائم الهدم الإسرائيلية لمنازل عربية لا تتوقف، وهي ليست بحاجة لأي ادعاءات أو حجج واهية أو غيرها، فقادة الهدم والدمار لا يترددون عن 'قوننة' جرائمهم ولا يقصرون في 'شرعنتها' في دولة لا تفهم سوى لغة الظلم والقهر والكيدية.

اقرأ/ي أيضًا | هدم متنزه الشاطئ في جسر الزرقاء

وفي المقابل لا يستطيع المواطنون العرب منع جرائم الهدم التي تحميها قوات معززة من الشرطة ووحداتها الخاصة، غير أن مشاهد التكاتف والوحدة تتجلى بأعظم صورها، فتراهم يتجمعون من حول أصحاب المنازل المهدومة، ينصبون خيام الاعتصام ويعيدون بناء ما هدمته الجرافات الإسرائيلية، في رسالة واضحة بأننا 'هنا باقون على أرض آبائنا وأجدادنا.. هنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون'... بقاء أسطوري ونضال عنيد لشعب يحب أرض وطنه ويحرسها برمش العين.

في كابول وجسر الزرقاء، كسائر البلدات العربية، تداعت اللجنة الشعبية والمجلس المحلي والقوى الوطنية لعقد اجتماعات طارئة، ودعت لإعادة بناء القاعتين ردًا على سياسة الهدم.

رئيس اللجنة الشعبية وعضو المجلس المحلي في جسر الزرقاء، سامي العلي، دان بدوره جريمة هدم متنزه الشاطئ (الموارس)، فجر اليوم الإثنين، من قبل سلطات التنظيم والبناء، بحجة إقامته دون ترخيص على أرض زراعية.

وقال إن 'هدم مكان لتنظيم الأفراح والأعراس، يفضح للمرة المليون أن السلطات الإسرائيلية لا تسعى للتنظيم والتطوير، بل للهدم والتدمير، لا سيما وأن المتنزهات والقاعات ترسي النظام وتوفر خدمة للمواطن وتضع حدًا لمظاهر سلبية تعم البلدات العربية في موسم الأعراس'.

وأشار إلى أن 'جسر الزرقاء، تعاني كما تعاني بلدات عربية كثيرة، أزمة أراض للبناء والتطوير وتفتقر لقاعات ومتنزهات وأماكن تتيح للأهالي تنظيم الحفلات والأعراس فيها كما هو الحال في البلدات اليهودية التي تتواجد بها القاعات والمتنزهات بوفرة، وهذا طبعًا بسبب سياسة التمييز التضييق والحصار والهدم ومصادرة الأرض التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين بالداخل'.

وأضاف أنه 'لطالما انتظرنا إقامة أماكن لتنظيم الأعراس في القرية، وبتوافرها عم النظام وانخفضت ظاهرة إغلاق الشوارع وعاد الأمان، لا سيما وأنها تحد من ظاهرة إطلاق النار وتوفر الخدمة الراقية والمريحة للمحتفلين، فضلا عن توفيرها مصدر رزق لعشرات العائلات'.

اقرأ/ي أيضًا | هدم قاعة أفراح ومطعم في مدخل كابول

ودعا أهالي جسر الزرقاء، إلى 'الوقوف صفا واحدا بوجه سياسة الاقتلاع والهدم، والتضامن مع أصحاب المتنزه، عادل عياط ومفيد جربان، ومد يد العون لبناء المتنزه من جديد'، مؤكدًا أن 'القضية ليست فردية أو تجارية، بل قضية وجود وصمود وحياة، وواجبنا الوطني يلزمنا أن نتصدى لسياسة هدم بيوتنا وكياننا، فقوتنا في وحدتنا'.

وفي كابول كذلك، دعا رئيس المجلس المحلي، صالح ريان، إلى عقد جلسة طارئة، مستنكرا جريمة الهدم، وأكد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية، على المستوى القطري، لمواجهة سياسة هدم المنازل العربية.

أكثر من 50 ألف منزل عربي مُهدَّد بالهدم، في النقب والمثلث والجليل والمدن الساحلية، والذّريعة هي ذاتها تلك الحجة الواهية البناء غير مرخص، وما يجري لا يقل عن عملية تطهير عرقي ممنهج للوجود العربي الفلسطيني في البلاد.

نحن أمام معركة وطنية وُجودية حقيقية لا يمكن الصمت والغضب المحدود عليها، أو الوقوف على الحياد.

نحن بحاجة إلى رؤية جديدة وآليات ووسائل نضال وإستراتيجية لها تكتيكاتها للتصدي لآلة الهدم وجرائمها.

التعليقات