يافا: إسرائيل تريد حصة 3 لاجئين بمنزل عائلتهم

تعيش عائلة شعيا في منزل متواضع يطل على البحر في يافا، بعد أن هجّر 3 من أبناء العائلة إبان النكبة، تريد إسرائيل الاستيلاء على حصتهم المقدرة بنحو 40% من المنزل رغم وجود وثائق تؤكد أن العائلة اشترت الحصة من الثلاثة قبل العام 1948.

يافا: إسرائيل تريد حصة 3 لاجئين بمنزل عائلتهم

فدوى شعيا تبرز وثائق ملكية المنزل

تعيش عائلة شعيّا من مدينة يافا نكبة مستمرة منذ 1948، ممارسات التهويد والتطهير العرقي لم تنقطع بكل الأساليب وبادعاءات مغطاة بقوانين فصّلت على مقاس السلطة الإسرائيلية، استيلاء القوي وسيطرته على أملاك المهجرين 'الغائبين' أحد أبرز عناوين القهر والظلم والسلب، فبعد أن كان المنزل قد احتضن أبناء العائلة السبعة، هُجّر ثلاثة منهم في عام النكبة وبقي الأشقاء الأربعة في المنزل الذي ورثوه من جدهم وحافظوا عليه وتمسكوا به فهو ما تبقى من بقايا ومعالم فلسطين قبل النكبة.

حكاية عائلة شعيّا في يافا تروي مأساة متواصلة ونكبة مستمرة تعيشها عائلات فلسطينية بالداخل، تسلحت بالإيمان بحقها وتزودت بالنضال والكفاح والصمود في معركة البقاء. 

'الدار دار أبونا وإجو اليهود يطحونا' بهذه الكلمات عبّرت فدوى شعيّا عن الألم والوجع الذي تعيشه بفعل الممارسات الإسرائيلية التي تلاحق أبناء العائلة بهدف تهجيرهم وترحيلهم من منزلهم الذي يأويهم بعد أن شردت ثلاثة من أبنائها إبان النكبة، ولا إسرائيل تهجيرهم بل تسعى إلى أن تستولي على حصّة من هُجّروا وفق قانون 'الغائب'، وتضع شروطا بين الاستيلاء على قسم من المنزل وبين أن يدفعوا ملايين الشواقل.

صراع وبقاء

 تعيش عائلة شعيا في بيت متواضع مساحته نحو 220 مترا، تطل واجهته على البحر، منظر خلاب ورائع قبالة بحر يافا، المدينة العريقة، بقي أربعة من أبناء العائلة في المنزل، كل حسب حصته، وحصّة الثلاثة الذين هجروا منحتها العائلة لمركز يأوي الأيتام، غير أن إسرائيل تسعى للاستيلاء على قسم من المنزل وتنغص حياة العائلة.

جذور عائلة شعيا ضاربة في أعماق تراب مدينة يافا، هذا منزل جدها المرحوم الذي بناه بعرق جبينه على أرضه الخاصة، هي أرض الآباء والأجداد، أورثه لأولاده وعاشوا فيه حتى سنة 1946، حين اجتاحت عصابات 'الهاغاناة' الصهيونية يافا وكان يقودها 'بيغين'. كان يسكن البيت 7 أشقاء، هجّر ثلاثة منهم إلى لبنان، وقتل وشرد العديد من أهالي يافا.

مخطط تهويد

تبذل السلطات الإسرائيلية في هذه الأيام محاولات لإخلاء نصف المنزل بهدف التهويد، وتخوض هذه العائلة العربية الفلسطينية الصابرة معارك قاسية، بهدف البقاء، حتى وصلت أروقة المحاكم، حيث تطالبها ما يسمى 'دائرة الأراضي' بنحو 40% من مساحة المنزل، بادعاء أنه حق الأخوة الثلاثة المهجرين في لبنان، ووفق قانون 'حق الغائب' تتحول أملاك الغائبين بعد فترة من الزمن الى سلطة الدولة و'دائرة الأراضي'، مع العلم أن منزل شعيا منذ قبل قيام إسرائيل بملكية العائلة الخاصة بحسب وثائق ومستندات موقعة تثبت أن الأشقاء الثلاثة باعوا حصتهم لشقيقهم مقابل المال واشترى حصتهم بالمنزل، غير أن إسرائيل ترفض ذلك ولا تعترف به، وأقرت المحكمة في جلستها أن 'كل عقد أو اتفاق أو مستند قبل سنة 48 حتى وإن كان موثقا ومختوما، فهو باطل'، وبعد جلسات متتالية في أروقة المحاكم ومساعِ قضائية شاقة تقدم بها المحامي هشام شبايطة من مؤسسة حقوق الإنسان، ردت الدولة الإسرائيلية بأنها تريد منهم 20% من سعر المنزل، أي ما يقدر بنحو مليوني شاقل.

 نريد حلا

وقال المحامي هشام شبايطة، لـ'عرب 48'، إن 'هذه القضية حساسة جدا، إذ أننا نتحدث عن بيت مأهول منذ زمن. عادة تكون قضايا حق الغائب تتعلق بقطعة أرض أو دكان، لكن عندما نتحدث عن بيت مأهول فإنه من غير المعقول تقاسمه، لأنه في حال تقاسمه فسوف تقسم الغرف بين الدولة وأصحاب البيت' 

وتابع أنه 'في البداية طالبوا بـ40% من البيت وهي نسبة الأشقاء الثلاثة الغائبين، بحسب ادعائهم، فإما أن تأخذ الدولة حصتها وتبيعها أو أن تؤجرها، وإما أن يجبر أصحاب البيت بأن يشتروا الحصة كلها من الدولة، وهي تقدر بما يزيد عن 4 ملايين شيقل، بالإضافة إلى مطلبهم غير منطقي، وهو أن يدفع أصحاب البيت ضريبة استئجار مقابل الـ40% منذ سنة 48 على أنهم كانوا قد استعملوها وهي ليست من حقهم!، لكن بعد مداولات شاقة في أروقة المحاكم، استطعنا أن نقنع المحكمة بإلغاء فرض ضريبة الاستئجار، وأن نقلص نسبة طلب سلطة الأراضي في البيت من 40% إلى 20% بعد أن حولنا البيت وفق قانون المسكن المؤمن، وبذلك تكون الأفضلية لأصحاب البيت بشراء الـ20% من سلطة الأراضي'.

 معركة شرسة

وقالت فدوى شعيا، لـ'عرب 48'، إن 'زوجي المرحوم كان يتابع القضية قبل وفاته بكل ما أوتي من قوة، وكان شخصية معروفة في البلاد إذ كان عضوا في بلدية يافا. وذات يوم سافرنا للاستجمام في أميركا، وهناك حصل مع زوجي نوبة قلبية حادة توفى على أثرها هناك، وعدت لوحدي إلى البلاد لأربي أولادي وأحارب السلطة  مجددا بكل ما أوتيت من قوة. جابهت معركة شرسة من محاولات تهجيري وطردي من بيتي وكنت وحيدة'.

وأضافت أنه 'منذ وفاة زوجي في عام 73 لم يطرق باب بيتي أحد، وقبل ثلاثة أشهر حضر اليهود ليدخلوا البيت وطالبوني بإخلائه، وبكل وقاحة تفوه أحدهم باستهزاء 'نحن جيران' و'نحن عائلة واحدة وبيت واحد'، وطلبوا أن يدخلوا إلى البيت من أجل أن يقيسوا مساحته، لكني في البداية رفضت وطردتهم، وفي المرة الثانية حاولوا أن يكسروا الباب، حتى قال لي ولدي دعيهم، وبدأت الشكاوى تصلنا تلو الأخرى، ناهيك عن الغرامات والمبالغ الطائلة، حتى أنهم قالوا أنه علينا دفع مبلغ 4700 شاقل شهريا كدفعة إيجار مقابل ما يدعونه باستعمال 'حصّتهم من البيت'، وانهالت علينا التهديدات من كل حدب وصوب، كل يوم يطل علينا أحدهم. لقد تعبنا وسئمنا من هذا الوضع واليوم أصبحت امرأة عجوز لا قوة لي لمجابهة المعارك'.

وأشارت إلى أنها كانت دائما تنظر إلى الفقراء والمساكين تقدم لهم المساعدة، 'كان قسم من البيت مفتوحا كمنزل لليتامي والمساكين ولكل محتاج يطلب المساعدة، وهذا هو بالنسبة لي العمل الإنساني الذي لا يمكن أن أتنازل عنه، فكيف وبعد عقود طويلة يأتون ليطالبونا بقسم من بيتنا؟ يريدون أن ندفع 2 مليون شاقل، وإلا فإنهم سوف يبيعون نصف بيتنا. هذا أمر لا يعقل ولا يصدق، نحن نتوجه ونناشد ونطالب كل أصحاب الضمائر والمسؤولين الوقوف بجانبنا في هذه القضية لأنها نكبة جديدة نعيشها يوميا'.

التعليقات