المنسيون: غالبية ضحايا حوادث العمل من العرب

أكدت معطيات رسمية أن غالبية الضحايا في حوادث العمل هم من العمال من الضفة الغربية وقطاع غزة ومن العرب داخل الخط الأخضر والأجانب.

المنسيون: غالبية ضحايا حوادث العمل من العرب

أكدت معطيات نشرتها وزارة الاقتصاد ومؤسسة التأمين في إسرائيل أن العام 2015 شهد ارتفاعا ملحوظا في عدد الضحايا الذين سقطوا في حوادث العمل.

وأشار التقرير إلى أن غالبية الضحايا هم من العمال من الضفة الغربية وغزة ومن العرب داخل الخط الأخضر والأجانب.

ودلت المعطيات أن 54 شخصا لقوا مصرعهم في ورشات البناء وأصيب ما يقارب 50 ألف عامل في حوادث عمل.

ولوحظ ازدياد في حوادث العمل في العام الجاري 2016 عن العام الماضي، حيث تسقط الضحية تلو الأخرى، في حين تقف السلطة المسؤولة مكتوفة الأيدي دون حلول على أرض الواقع، وتتكرر المآسي في كل شهر، واللوعة والألم ترافق أقارب الضحايا في كل وقت يسترجعون فيه صورهم.

ويستدل أيضا من تقرير فصلي أصدرته دائرة الأمان والسلامة في العمل حول حوادث العمل التي وقعت في الربع الأول من العام 2016، أنه لقي 13 عاملا خلال العمل في الفترة الممتدة من شهر كانون ثان/ يناير ولغاية آذار/ مارس 2016، مقابل 10 في نفس الفترة من العام الماضي 2015، و19 في الربع الأول من العام 2014.

ووفقا للمعطيات فإن 6 من العمال لقوا مصرعهم في مواقع بناء (نفس العدد في هذه الفترة من العام الماضي، و9 في عام 2014)، 4 عمال في مجال الصناعة (1 في العام الماضي، و5 في عام 2014)، عاملان لقيا مصرعهما في مجال الزراعة (0 في العام الماضي، 4 عام 2014) وعامل واحد لقي مصرعه في مجال الخدمات والتجارة (مقابل 3 العام الماضي و4 عام 2014).

ودلت المعطيات أنّه منذ بداية العام أجرى طاقم دائرة الأمان والسلامة في العمل 3067 زيارة ميدانية، فرضوا خلالها 304 أوامر لتطبيق تعليمات الأمان و653 أمر تحسين شروط العمل. يذكر أن وزارة الاقتصاد الإسرائيلية قررت نظاما جديدا يقضي بإغلاق أي ورشة بناء تقع فيها حادثة عمل نتيجة خلل وعدم التزام بأنظمة الأمان، بحيث تغلق الورشة إلى حين إصلاح الخلل وعرض خطة أمان جديدة وكاملة لورشة العمل.

وكانت لجنة العمل التابعة للكنيست بحثت قضية حوادث العمل في ورشات البناء، مؤخرا، تبين خلاله وجود نقص كبير في المفتشين، إذ هناك 17 مفتشا فقط مقابل حوالي 1300 ورشة بناء.

ويعمل عمال البناء خاصة في ظروف صعبة، إلى جانب استغلالهم من قبل المقاولين ومديري الورشات.
انعدام التفتيش والرقابة

إسقاط واجب

وقال مقاول البناء والجبص من الطيبة، محمد جابر، لـ'عرب 48'، إن 'مفتشا من قبل صاحب المنزل أو صاحب ورشة العمل يتواجد عادة بالمكان، وهذا يتم تشغيله وفق القانون، يمنح التعليمات مرة واحدة عند الدخول إلى الورشة فقط. مفتش من قبل وزارة الاقتصاد نكاد لا نراه بتاتاً، ونستغرب أن الكثير من المقاولين ليسوا على دراية أن هناك مفتشا من قبل الوزارة، بالكاد نراه مرة واحدة بالسنة. تقع غالبية حوادث العمل لمن يعمل في الأماكن المرتفعة والمفتوحة كأعمال البناء والتركيب، والمسؤولية تقع بحسب ملابسات الحادث، أحيانا يكون المقاول هو المسؤول وأحيانا أخرى المفتش أو صاحب الورشة أو العامل نفسه'.

وأضاف أنه 'حسب رأيي لا يكفي عمل المفتش في الورشات، لأنه ينحصر بمنح التعليمات، وهو أشبه بـ'إسقاط واجب' ومن ثم لا نراه، يجب أن يتقيد المقاولون بالقوانين واتخاذ خطوات صارمة وقاسية لمن يخالف القانون. للأسف الكثير من المقاولين والمفتشين يستهترون بهذه الأمور، وهذه الظاهرة تزداد من فترة لأخرى، وفي كل يوم نسمع بوقوع حادث عمل ومصرع عامل هنا أو هناك'.

ضحية الإهمال

'كان نادر كل حياتنا، لم نحرمه من شيء في صغره وكبره، راح ضحية لإهمال في العمل'، بهذه الكلمات تحدث والد المرحوم نادر حاج يحيى الحاج (أبو نادر) بحرقة وألم.

أبو نادر حاج يحيى

وأضاف أن 'ابننا المرحوم نادر كان البكر وبلغ بوفاته 33 عاما، ترك خلفه زوجة وطفلين. توفي بتاريخ 20.07.2012 وكان أول يوم في شهر رمضان آنذاك، وهو ضحية لحادث عمل وقع في مدينة كفر قاسم في أحد محلات الأخشاب. كان يعمل سائق شاحنة نقل، وفي يوم الجمعة بالتاريخ المذكور، نقل أبوابا من ميناء أسدود، مع العلم أنه لم يكن يعمل في ذلك اليوم، لكن ضغط صاحب المحل عليه جعله يعمل ووقع الحادث المفجع حيث سقطت عليه 'مقطورة' الأخشاب وتوفي على الفور'.

واوضح:' بعد الحادثة جاءت الشرطة وجمعت الادلة وشرعت بالتحقيق، وتبين ان المكان لم يكن صالح لنقل الحمل الثقيل، علما بان ارضية المكان لم تكن صالحة بغير القانون الذي ينص على ان الارضية يجب ان تكون صحيحة، بالإضافة الى ان سائق الرافعة حمل مقطورتين معا الامر الذي ادى لوقوع المقطورة الثانية على المرحوم.

وانتقد الإهمال وعدم توفير الأمان والحفاظ على السلامة في أماكن العمل، 'ابني راح ضحية لإهمال المقاول وسائق النقل والمراقبين والدولة وكل من له صلة بذلك، فلو اتخذت كل الإجراءات المطلوبة لما حصل ذلك، لكننا نؤمن بالله ونؤمن بالقدر وهذا قدر الله'.

وأشار إلى أنه 'عندما نسمع بوقوع ضحية بحادث عمل لا نشعر بحجم المأساة التي تعيشها عائلة الضحية لاحقا. هذا الوضع يجب أن يوضع له حل ولا يمكن السكوت بعد. للأسف في كل سنة يموت الكثير من الناس في حوادث العمل ويجب أن تكون وقفة واحدة من أجل الحد من هذه الظاهرة التي لا تقل خطورة عن العنف، حوادث العمل تخطف أولادنا وهم في ريعان شبابهم'. 

المرحوم نادر حاج يحيى

تزايد خطير

وقال النقابي جميل أبو راس، لـ'عرب 48'، إن 'هناك تزايد في جرائم حوادث العمل، وهذا الأمر لا يقف عند حد معين بل نشهد تزايدا عاما بعد الآخر، ويتأثر هذا بعدة أسباب أولها الإهمال الكبير من وزارة الاقتصاد التي لا تقوم بواجبها تجاه المراقبة وفرض العقوبة لما يجري في ورشات العمل المختلفة من انعدام ظروف عمل آمنة. والسبب الثاني هو النقص الكبير بعدد المراقبين، 17 مراقبا فقط لأكثر من عشرة آلاف ورشة عمل في الدولة، فقط خمسة منهم يمتلكون سيارات كي يتجولوا بين الورشات بهدف المراقبة. وعندما يقع حادث عمل ووفاة، يمرون عليه مر الكرام، وللأسف لا ينعدم التحقيق الجدي والمتابعة بشكل موضوعي ولا تتخذ إجراءات صارمة'.

وأضاف أنه 'يوجد سبب آخر لازدياد حوادث العمل وهو تشغيل العمال عن طريق مقاولين ثانويين الأمر الذي يدفع المقاول الثانوي للتوفير حتى يزيد نسبة الربح، ولذلك يجب إلزام الشركات بتشغيل العمال عن طريقها مباشرة'. 

وأشار إلى أن 'في أغلب حوادث العمل يسقط العامل من علو أو يسقط عليه شيء من علو، ولذلك يجب على أصحاب العمل أن يشددوا باتخاذ الإجراءات اللازمة وإلزام العمال باستخدام مستلزمات الوقاية والسلامة، كما أن الأمر يحتم على الدولة المراقبة وفرض القانون بدلا من إغلاق جميع ملفات حوادث العمل، ما معنى أن تفرض غرامة لا تتجاوز خمسة آلاف شيقل على مقاول أو صاحب ورشة عمل؟ هذا استهتار واضح بحياة الإنسان'.

واختتم أن 'مؤسسة التأمين صرفت مخصصات بلغت أربعة ونصف المليار شيقل للمصابين والضحايا من حوادث العمل في العام 2015، ولو صرف 20% من هذا المبلغ على الوقاية والمراقبة في ورشات العمل لتحسن الوضع كثيرا، لكن غالبية الحوادث ضحيتها عامل عربي من الضفة الغربية أو من الداخل الفلسطيني أو عامل أجنبي، وهذا نتاج التمييز في هذه الدولة، ولو كان غالبية الضحايا يهود لاختلف الأمر تماما'.

التعليقات