الخطة الخماسية... العصا قبل الجزرة

يبدو أن كل ما قيل عن "الخطة الخماسية" لتطوير المجتمع العربي لا يعدو مجرد محاولات جديدة من قبل الحكومة الإسرائيلية لذر الرماد في العيون. كاحلون كشف أن الخطة مجمدة، ونتنياهو يصر على تنفيذ أوامر الهدم أولا في البلدات العربية.

الخطة الخماسية... العصا قبل الجزرة

في أعقاب كشف وزير المالية الإسرائيلي، موشيه كاحلون، عن تجميد 'الخطة الخماسية' لتطوير المجتمع العربي أمام الهيئة العامة للكنيست، الإثنين الماضي، وما كان معروفا عن هذه الخطة أن حجمها 15 مليار شيكل، وتصريح كاحلون أن الخطة المجمدة تشمل ميزانيات إضافية لا تتجاوز 2.5 مليار شيكل، أي نصف مليار شيكل سنويًا، وباقي الميزانيات في الخطة رصدت في السابق وليست جديدة، تبدو سياسة التضليل كبيرة بحجم الوعودات الكثيرة التي قطعتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بجسر هوة التمييز ومنح المجتمع العربي ميزانيات لسد الفجوة بين المجتمعين العربي واليهودي.

وكشف موقع 'عرب 48' أنه من المقرر أن تبحث الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأسبوعية يوم الأحد المقبل خطة لتنفيذ أوامر الهدم في البلدات العربية على وجه التحديد.

والجدير بالذكر أن دراسات أكاديمية أجريت حول موضوع البناء غير المرخص في البلدات العربية، أكدت أن هذا الوضع ناجم عن سياسة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ضد المجتمع العربي.

ويأتي هذا المقترح بعد أيام من إعلان كاحلون عن أن الخطة الخماسية لتطوير البلدات العربية مجمدة بسبب إصرار رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على ما وصفه بـ'تطبيق قانون البناء'، أي تنفيذ أوامر الهدم أولا بالبلدات العربية.


أرقام كبيرة لتبسيط الأمور

وقال المحلل الاقتصادي، نبيل أرملي، لـ'عرب 48'، إنه 'غالبا ما يتم استخدام الأرقام الكبيرة لتبسيط الأمور وتجنب ما تحمله التفاصيل من 'وجع راس' وبلبلة للمتابع غير الخبير. لكن يبدو أن ما حصل مع الخطة الخماسية لتطوير المجتمع العربي التي أقرتها الحكومة آخر السنة جاء ليعكس الآية، حيث تم استخدام الأرقام الكبيرة، المدوّرة، لبلبلة حتى أشد المتابعين لتفاصيل هذه الخطة، ففي البداية أعلنت وزارة المالية وسلطة التطوير الاقتصادي بأن حجم الخطة يبلغ 15 مليار، ثم بدأت تتقاطر الأخبار بأنها لم تتجاوز العشرة مليارات ثم عادت لتكون 12 مليار ثم 15 مرة أخرى دون أن يفهم أي طرف الحجم الحقيقي والفعلي. وساد الانطباع لدى الجمهور بأن حكومة نتنياهو، التي ترى في العرب التهديد الإستراتيجي الأكبر، اكتشفت فجأة حجم الغبن وقررت الاستثمار من أجل النهوض بهذا التهديد لتعميق وجوده على أرضه'. 

وأوضح أنه 'في حقيقة الأمر، وبعد مرور نصف سنة على إعلان الخطة، يبدو أن المُستفيد الأكبر هم مسؤولو العلاقات العامة في وزارة المالية وسلطة التطوير الاقتصادي وغيرهم من الذين طبلّوا بهذا الإنجاز لأسابيع. في حقيقة الأمر يظهر أن 83% من الأموال المُفصلة في الخطة هي الحصة العادية للبلدات العربية في ميزانيات الوزارات المختلفة، وبأن حجم الإضافة الفعلية لتطوير المجتمع العربي لا تتعدى 2.5 مليار، وصرف هذا المبلغ، وهنا قمة الوقاحة، منوطة بالسلوك الحسن للعرب في مجال البناء وترخيص المباني غير المُرخصة، كما أعلن رئيس الحكومة على لسان وزير ماليته'.

وأشار إلى أنه 'في حالتنا المبالغ الكبيرة تُضلل فعلا. التقديرات الاقتصادية المهنية تُشير إلى أن المبالغ المطلوبة لسد الفجوة بين المجتمعين العربي واليهودي في البلاد تتراوح ما بين 40- 60 مليار شاقل. استثمار 2.5 مليار شاقل، على فرض أنها ستُصرف ولا أراها ستصرف، ليس إلا فتات وذر للرماد في العيون'.

العصا والجزرة!

وقال النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، د. باسل غطاس، لـ'عرب 48'، إنه 'من الواضح أن هناك محاولات من داخل حكومة نتنياهو ومن ديوان رئيس الحكومة شخصيا لعرقلة تنفيذ الخطة الاقتصادية كلها أو جزء منها (الـ 2،5 مليار بحسب كاحلون)'.

وأكد أنه 'بروح خطاب نتنياهو التحريضي في شارع ديزينغوف يريدون استخدام العصا قبل الجزرة في موضوع البناء وهدم البيوت بحجة احترام وتطبيق القانون. نحن نستنكر هذا الربط ونعتبر أي تأجيل في تنفيذ الخطة بمثابة انتصار للسياسة العنصرية الإقصائية للعرب، وهذا يستدعي منا ردا في المؤسسات الدولية وخاصة في منظمة الـ OECD'. 

وقال رئيس القائمة المشتركة، النائب أيمن عودة، لـ'عرب 48'، إنه 'في واقعنا المركب علينا أن نناضل من أجل الضغط لإقرار خطة اقتصادية، وبعد ذلك أن نناضل للضغط من أجل تنفيذها. نجحنا بالشق الأوّل وهذا إنجاز مهم للقائمة المشتركة، ونحن اليوم في خضّم العمل اليومي من أجل تنفيذ هذه الخطة. نتنياهو ومعه ثلّة من الوزراء يبذلون كل جهد لمنع تنفيذ الخطة'. 

وأوضح أنه 'أمامنا طريقان، إما أن نجلس جانبًا بانتظار تطبيق الجزء النزير من الخطة، أو أن نبذل كل جهد من أجل الضغط للمزيد من التطبيق. والطريق الثاني هو الأكثر وطنية لأنه الأكثر إفادة لشعبنا. لدينا جلسة نهاية هذا الشهر مع وزارة المالية حول الجدول الزمني لتنفيذ بنود من الخطة، وبعدها سيكون الأمر أكثر وضوحًا. ولكن مهم أن أؤكد للجميع أن العمل البرلماني قد يأتي بإنجازات كمية تراكمية، ولكن ليس لنا إلا النضال الشعبي من أجل إحراز إنجازات نوعية لشعبنا'.

التعليقات