الليوان: مقهى ثقافي بديل يحاول هز رئتي سوق الناصرة

في صدرِ هذا السوق، يعملُ "ليوان"، على إعادةِ إنعاشِ رئتيّ السوق من خلال جذب السائحين وأهل مدينة الناصرة إليه وتفعيل السياحة البديلة التي تقدم ثقافةً من نوعٍ آخر، وإن كان اسمهُ محبوبًا ومألوفًا نسبةً إلى أنّه جزء من البيت يتّصف بالحميميّة، فهكذا هو.

الليوان: مقهى ثقافي بديل يحاول هز رئتي سوق الناصرة

صور من الليوان في الناصرة

في صدرِ هذا السوق، يعملُ 'ليوان'، على إعادةِ إنعاشِ رئتيّ السوق من خلال جذب السائحين وأهل مدينة الناصرة إليه وتفعيل السياحة البديلة التي تقدم ثقافةً من نوعٍ آخر، وإن كان اسمهُ محبوبًا ومألوفًا نسبةً إلى أنّه جزء من البيت يتّصف بالحميميّة، فهكذا هو.

'ليوان'، هو مقهى ثقافي، مصمم بأغلبيتهِ من بواقي المنازل الفلسطينيّة، يقدمُ الطعام الفلسطينيّ للسائحين ويعرّفهم على الثقافة الفلسطينيّة، والمدينة بعيونٍ أخرى، منطلقًا من أهميّة إيجاد نقطة التقاء في البلدة القديمة، والتي لا زالت غير متوفرة حتى الآن، أينما يتمكّن السكان التجمع والاسترخاء في بيئة غير رسمية، وحيث يمكن للسياح المجيء لتلقي المعلومات بما يخص المدينة والأقلية الفلسطينية في الداخل، أقيم وتأسس على أيدي ثلاثة شركاء، سامي جبالي، سالي عزّام وسيلكي وونير من ألمانيا.
 

النواة

إحدى القائمات على المشروع، سالي عزّام، قالت لـ'عرب 48'، إنّ 'المشروع هو نتاج عمل أكثر من سنة، بدأ من حاجة خلق مكان في الناصرة يلتقي فيه السائحون مع أهل المدينة ليتحدثوا، وهدفه خلق مساحة حرّة للإنتاج، تستطيع الناس القدوم إليه والعمل، عرض صور وتفعيل برامج ثقافية، هو مكان مختلف، ولقد صممنا كل شيء بأيدينا دون الحاجة إلى مهندس، نحن ثلاثة شركاء في المشروع، صممنا كل شيء هنا بالمبنى، فكرةً وتنفيذًا'.

وعن اختيار البلدة القديمة، أجاب أحد القائمين على المشروع، سامي جبالي، لـ'عرب 48'، أنّ 'السوق هو مركز البلدة القديمة، تجتمع به الناس، وهذا ما يلامس هدفنا في إعادة إحياء السوق، ولكن للأسف في العشرين سنة الماضية تراجع السوق من الناحية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، إذ بات خاليًا من الناس، وها نحن نعمل على إرجاع الناس إليه، عن طريق استرداد ثقة أهل المدينة بسوقها، وللأسف اليوم لا يوجد بالسوق سوى بضع محلات للفواكه والخضار والملابس، وهو أمر لم يعد يشجع الناس على القدوم. اليوم نحن نقدم مكانا فنيا ثقافيا مختلفا عن أي مكان موجود في المدينة، فهو ليس مقهى فقط'.

الليوان السياحيّ

الناصرة، أكبر مدينة عربية في الداخل الفلسطيني، تتضمن بعض أشهر المواقع المقدسة في العالم، فضلاً عن المنازل الفخمة التي تعود إلى الفترة العثمانية والتي تشكّل إرثا ثمينَا للمدينة، 'ليوان' يريد أن يشجع أهالي الناصرة على استرداد فخر الإقامة في مدينتهم، ويقول للزوار بأن الناصرة هي أكثر من مجرّد كنيستين'.

ورأت عزام أن 'هذا المشروع لا يستهدف السائحين فقط بل أهل المدينة، لأنّ أهلها يترددون إلى المكان دومًا ويستطيعون كذلك إنعاش السوق، كي يستطيع السوق إعادة ترميم نفسه وفتح مصالح جديدة، وسيضمّ الليوان ناد ثقافي لأهل المدينة، ويقدم إرشادا سياحيًا يحاول إبقاء السائحين لقضاء أكثر من ليلة واحدة في الناصرة، عن طريق الشرح لهم عن الأماكن، ولكن من خلال شرحنا نرى أن منهم من يغيّر رأيه ويرى بالناصرة مكانا يستحق المكوث فيه لأيام، وذلك بسبب أنّ السائحين يعتقدون أنّهم يستطيعون المرور بالناصرة وزيارتها بـ5 ساعات فقط، وذلك وفقًا لما يقوله مرشدو السياحة في إسرائيل للسائحين، ونحن نعمل على خدمة السائحين وإمدادهم بالمعلومات عن أهالي الناصرة وتاريخها كي يمكثوا أيام أطول مما يفيد الناصرة اقتصاديًا وينعشها'.

'ليوان' = لقاء

الليوان هو الغرفة المُجمّعة للعائلة، وقد اختير نسبةً لسهولة لفظه على لسانِ السائحين، إضافةً إلى ارتباط معناه بالمنزل والحنين، وهو اسم غير متداول.

وفي هذا السياق، أفاد جبالي أنّ المشروع يعمل على راحة الزائرين ليشعروا أنّهم في منزلهم، مضيفًا أنه 'بدأنا نلحظ الإقبال على المشاريع الثقافية والفنيّة، نحن لا نقدم هنا طعامًا كما المطاعم الأخرى، بل نعمل على التضييفات الخفيفة، تقديم الثقافة والفنّ، والمكان جامع بين الناس المحليين والأجانب، ليس فقط الأفراد بل العائلات والأطفال، من خلال عرض أفلام، معارض فنيّة، وفقرات للعزف، الشعر والأدب'.

الليوان يعمل على فتح مطبخ فلسطيني متواضع، أي مطبخ مجتمعي بديل بأسعار معقولة، يقدم الكنافة، الهريسة، القهوة العربيّة، الفريكة، بامية، مجدرة، وغيرها من المأكولات العربيّة، مطبخ بيتي لا يقدم ما هو جاهز، بل فقط ما تصنعه أيديهم، من خلال تشغيل نساء محليات من سكان البلدة القديمة وتمكينهنّ اقتصاديًا، من اللواتي اعتدن تحضير الطعام لأسرهنّ، وبهذا تقول عزّام: 'نحن نقدم الطعام للمجموعات السياحيّة، إضافةً إلى تعريف السيّدة التي تعدّ الطعام بالسائحين والحديث بينهم، وهي بدورها تخبرهم قصّة من تراث المأكولات الشعبيّة المُقدمة لهم، وتتبادل أطراف الحديث معهم. السائحون بحاجة إلى أن يتعرفوا على أهل المدينة وليس فقط إلى حجارتها، وبشكل خاص لديهم حب استطلاع عن فلسطينيي الداخل، يريدون فهم هويتهم والتعرف إليهم'.

وتابعت عزّام أنّه 'عن طريق المأكولات يتعرف السائحون إلى نساء المدينة، ونحن نساعد النساء في الترجمة إن لم يستطعن الحديث بالإنجليزيّة'.

مُتاح

يهدف المشروع إلى التواصل مع مؤسسات فلسطينية تعمل على تطوير السياحة الريفية والبديلة، وبذلك التصدي لواقع التجزئة الذي فرضه المشروع الصهيوني الاستعماري، هذا المشروع يصفه القائمون عليه بالبساطة، فليس كل مشروع بحاجة لاستثمار هائل كي يكون مشروعًا، هو مشروع تم تجميعه بكل بساطة، حتى الأثاث تمّ تجميعه من البيوت الفلسطينيّة التي تحمل كل واحدة منها قصّة مختلفة، ليعطي المكان إحساس البيت.

وبما أنّ الليوان منبسط على الجميع، فالفعاليات التي يقوم بها هي مجانيّة ومتاحة للجميع دون استثناء، كما أكدت عزّام أنّ 'مجانية الفعاليات أتت للحفاظ على مشاركة كافة الطبقات، وليس محصورًا على طبقة معيّنة'، مشيرةً إلى أنه 'لاحظنا تفاعل أبناء البلدة القديمة معنا ومع الفعاليات، وهو أمر مشجع لنا في الاستمرار'.

ونوّه جبالي في ختام حديثه بأن 'الجيل الشاب لا يعرف السوق، ولم يدخله، ونحن نريد أن يتقرّب الجيل الجديد إلى السوق، وهو أمر غير مستحيل، هناك حاجة إلى فعل أيّ شيء، ونحن قد جازفنا بجرأة كبيرة بمشروعنا هذا، ولكن حين جازفنا رأينا أنّ هناك العديد ممن باتوا يتشجعون لفتح مصالح في البلدة القديمة، وهو أمر يحتاج الإيمان بالقضية والمثابرة من أجلها'.

التعليقات