شعب: متحف التراث يستقطب آلاف الطلاب

البحث وجمع هذا العدد الكبير من القطع لم يكن سهلًا، خاصة أنك تجوب البلاد في الداخل وأكثرها في الضفة الغربية على مدار سنوات، صحيح لأن البعض كان يتبرع مجانا بالقطع ولكن كان من يستغل حاجتنا ويستغلنا بالأسعار

شعب: متحف التراث يستقطب آلاف الطلاب

بعد أن اندثرت الكثير من الملامح والأدوات التراثية التي اعتمدها الآباء والأجداد في حياتهم القديمة أمام وتيرة الحداثة المتسارعة، ليغيب الكثير من دلالات الجذور وصورة الماضي أمام جيل الشباب، بدأ بعض المهتمين بالالتفات إلى أهمية إقامة متاحف في البلدات العربية، ليتسنى للجيل الجديد معرفة شيء من الجذور والأدوات التي استخدمت في معيشة الآباء والأجداد، التي تميزت بالكد والكدح وواقعهم المعيشي والاجتماعي.

أخذ د. عيسى حجاج هذه المبادرة وأقام متحف 'كان زمان' للتراث في قريته شعب، وهو متحف يحتوي على آلاف القطع التراثية وهي تنتصب في كل زاوية من زوايا المتحف الرحب لتحكي بعمقها حكايات قديمة للشباب الذين يتوافدون بالآلاف على مدار السنة.

'تحقيق حلم'

وحول الفكرة والغاية، اعتبر حجاج، صاحب المتحف، أن الفكرة انطلقت منذ العام 2000، لأنه ليس من اليسير أن يقام متحف بمبادرة وعمل فردي وخاصة بتأخر بعد أن اندثرت معظم المقتنيات التراثية، واعتبر أن 'نقطة التحول في بناء مشروع حياة وتحقيق حلم راودني سنوات طويلة وكانت نقطة التحول التي جسدت حلمي افتتاح المتحف بتاريخ 25-10-2014، بعد أن قمت باستكمال جمع القطع الأثرية، أي قرابة أربعة آلاف قطعة من المقتنيات التراثية على مدار 14 سنة'.

وعن المصاعب التي واجهها، قال إن 'البحث وجمع هذا العدد الكبير من القطع لم يكن سهلًا، خاصة أنك تجوب البلاد في الداخل وأكثرها في الضفة الغربية على مدار سنوات، صحيح لأن البعض كان يتبرع مجانا بالقطع ولكن كان من يستغل حاجتنا ويستغلنا بالأسعار، لكن ما ساعدني أكثر هي علاقاتي الواسعة مع الناس لتحقيق هذا الحلم في إنجاز صرح ثقافي متاح لجميع الأجيال'.

الفكرة

ويواصل د. حجاج استعراض الفكرة والمسيرة قائلًا إنه 'عندما كنت أعمل في سلك التعليم كنائب مدير للمدرسة في شعب، كان يصل إلينا طلاب من دار المعلمين، لاحظت أن بعض الكتب تحتوي على نصوص تراثية بحيث كان الطلاب يسألون ويستفسرون عن أسماء بعض الأدوات التي كانت تستخدم في الماضي والتي يجهلونها بالكامل'.

وتابع 'بعدها، أدخلنا حصة تدريسية اسمها تراث، كنت أقوم بتدريسها بنفسي ولاقت اهتمامًا كبيرًا إلى حين تبلورت الفكرة كمشروع ثقافي اجتماعي والسعي لتجسيد حلم ومشروع حياة إلى حين تمكنت من جمع قرابة 4 آلاف قطعة أثرية، والآن لدي برنامج محوسب لزوايا المتحف المتنوعة، أي أن يتم التعريف والشرح عن المقتنيات والمعلومات عنها في هذه الزوايا عن طريق الحاسوب'.

وحول رواد المتحف والشرائح المهتمة، لفت حجاج إلى أن الزوار والمهتمين هم من مختلف المناطق، من النقب والمثلث والجليل والجولان، وخاصة من المدارس والمؤسسات التي وصل منها منذ بداية هذا العام 150 حافلة ركاب من مختلف المناطق، واعتبر أنه 'بالنسبة لنا، ليس الربح المادي هو الغاية بل هي الرسالة التثقيفية والتعريف على تراثنا وانكشاف الأجيال على ماضينا العريق للتواصل الوجداني مع هذا الإرث لتواصل الأجداد والاحفاد ومعرفة كيف كد وكدح الآباء والأجداد وشقائهم وتضحياتهم.

أجواء تراثية حية

وشدد د.حجاج على أن استقبال وتعريف الطلاب لا يتم بشكل نظري جاف، 'بل ندخل الطلاب الزائرين إلى حالة من التفاعل العملي مع روح التراث بحيث يتم استقبالهم في جو من الغناء والرقص الشعبي مع الحرص على أن يلبسوا اللباس الشعبي التراثي ويتم توزيعهم لفريقين في فعاليات وطقوس تراثية، ثم نعد بعدها وجبة مناقيش بالمكان ليعيشوا جو الماضي وما فيه أيضا من مودة ومحبة وألفة وفرح حقيقي، ومن ثم نقوم بعملية إرشاد في زوايا المتحف مع تقديم قصة تراثية قصيرة'. 

التعليقات