جديدة المكر: تصاعد مقلق وخطير في العنف والجريمة

شهدت جديدة المكر في الآونة الأخيرة حوادث عنف وجرائم إطلاق نار بشكل هستيري، ما أثار القلق والتذمر بين الأهالي.

جديدة المكر: تصاعد مقلق وخطير في العنف والجريمة

مجموعة صور خاصة التقطت بعدسة "عرب 48"

شهدت جديدة المكر في الآونة الأخيرة حوادث عنف وجرائم إطلاق نار بشكل هستيري، ما أثار القلق والتذمر بين الأهالي.

وبهذا الصدد، حاور 'عرب 48' عددا من الأهالي في جديدة المكر حول آفة العنف والجريمة المستشرية وسبل اجتثاثها.


وقال الناشط صائب منصور من قرية الجديدة، لـ'عرب 48'، إن 'الموجة التي تعصف بجديدة المكر ليست فجائية، لا سيما وأنها أتت نتيجة تراكمية كبيرة منذ هبة القدس والأقصى في العام 2000، منذ ذلك الحين استعانت الشرطة بعصابات الإجرام لمساعدتها في توصيل معلومات وما شابه ذلك'.

وأضاف أنه 'منذ العام 2000 شهد المجتمع العربي انفلاتا واستمرت المؤسسة الإسرائيلية بإهمال قضاياه الحارقة، ومن هنا بدأت عصابات الإجرام بأخذ متنفس كبير، بمعزل عما يجري من حولها من تدمير للأسس الاجتماعية خاصتنا، ومن ناحية أخرى وقفت الشرطة والمخابرات والمؤسسة الإسرائيلية مكتوفة الأيدي وسعيدة أيضًا كون المجتمع العربي يدمّر نفسه بيده'.

وأشار إلى أنه 'قبل فترة وقعت جريمة إطلاق نار قرب منزلي، حيث حضرت الشرطة إلى المكان وقامت بأخذ جهاز الكاميرات من منزلي، ثم اتضح لي لاحقا لدى استعادتي له بأنهم لم يفتحوا الجهاز أصلًا حيث كان بنفس الوضعية حينما سملتهم إياه، ما يدل على مدى إهمال الشرطة في معالجة ذلك'.

وحول مسؤولية المجتمع، قال: 'لا نبرئ أنفسنا أيضًا من تفشي آفة العنف والجريمة، فهناك عدة مسببات من بينها غياب الاجتماعيات والأحزاب وعدم توفر فرص عمل جيدة في القرية، كما أن الدور الذي تلعبه الشرطة والمخابرات ككل يهدف لتدمير المجتمع العربي، علمًا أن غالبية الذين ينحدرون لعالم الإجرام هم بالأصل من عائلات مدمرة اجتماعيا واقتصاديا'.

ودعا إلى اعتماد برامج توعية، وقال إنه 'علينا التوعية واتخاذ خطوات عملية كالتظاهر أمام مراكز الشرطة وإقامة مظاهرات داخل القرى والمدن العربية، فمحاصرة وعزل عمليات الإجرام ومرتكبيها تبدأ من وقوفنا إلى جانب بعضنا البعض، وتكاتف الفعاليات المحلية الوطنية والاجتماعية والدينية'.

وأنهى أن 'معظم المنحدرين في عالم الإجرام على علاقات مباشرة مع الشرطة والتي بدورها تستعملهم كعصابة ضد أخرى من أجل مصالحها الشخصية'.


وذكرت العاملة الاجتماعية، نغم كيال، من قرية الجديدة، لـ'عرب 48'، أنه 'للأسف الشديد تشهد جديدة المكر كسائر القرى والمدن في المجتمع العربي تصاعدا مقلقا في مظاهر العنف بالآونة الأخيرة لأسباب كثيرة ونابعة عن عوامل عديدة، فعلى الصعيد الاجتماعي نرى أن مجتمعنا العربي متأرجح ويمر بفترة ليست بالسهلة في هذه الدولة، بالإضافة إلى الانفصام الذي نشهده في كافة الأمور التي تمر علينا سواء كان باجتماعياتنا أو السياسة وما إلى ذلك'.

وأكدت أن 'المسؤولية تقع على عاتق عدة جهات لوضع خطة وإستراتيجية معينة من أجل تفادي مظاهر العنف والجريمة، من بينها الشرطة التي نلاحظ أن دورها مغيب لا سيما وأن هناك شرخ بينها والمجتمع العربي، باعتبار أن الشرطة معنية أن يدير المجتمع العربي أموره بنفسه، كما تقع المسؤولية على لجنة المتابعة والسلطات المحلية والوجهاء والمثقفين في ظل غيابهم عن الساحة وعدم وجود برامج توعية من أجلها تعزيز الترابط الاجتماعي بين المواطنين'.

وأنهت أنه 'يستوجب أولا على الشرطة ومؤسسات الدولة أخذ المسؤولية على عاتقها، تليها مؤسسات القرية وعلى رأسها المجلس المحلي من أجل توفير الأطر لشبابنا وأطفالنا وإيجاد بدائل أفضل لهم بدلا من اللجوء إلى بؤر العنف، كما أنه علينا جميعا كمواطنين أن نأخذ دورنا في النهوض بقريتنا بطريقة أفضل مما هي عليه الآن'.

وقال عضو مجلس محلي جديدة المكر، غازي مسعود، لـ'عرب 48' إن 'أسباب تفشي ظاهرة العنف في جديدة المكر تعود نتيجة البعد عن الدين والعادات والتقاليد المعهودة في السابق'.

وأضاف أنه 'من أجل الحد من ظواهر العنف والجريمة ينبغي رفع المستوى الثقافي في المدارس، كما يستوجب على السلطة المحلية إيجاد مناخ ملائم لاستيعاب الشباب واحتضانهم في أوقات فراغهم مثل المركز الجماهيري غير الفعال في يومنا هذا'.

وتوجه لجميع الأهالي من أجل 'التكاتف والوقوف إلى جانب بعضنا البعض بهدف وضع حد لظاهرة العنف المتفشية في جديدة المكر نتيجة فقدان لغة الحوار واستبدالها بلغة السلاح، وبدوري بادرت لعقد جلسة مجلس بهذا الخصوص في القريب العاجل كي نضع حلولا لهذه الظاهرة بالتعاون مع اللجنة الشعبية'.

إلى ذلك، رأى أن 'المسؤولية في استشراء العنف والجريمة تقع على عاتق الأهل أولا في تربية أبنائهم، كما أن هناك مسؤولية كبرى تقع على السلطة المحلية التي لا تعمل بجهد، نظرًا لعدم وجود نوادي شبابية وحدائق عامة، وأرى أن المسؤولين عن مشروع 'مدينة بلا عنف' غير أكفاء لهذا المنصب، ولا ننسى أن الشرطة متخاذلة ومعنية أيضًا بذلك من أجل مصلحتها الشخصية، وما يهمها الابتعاد فقط عن أمن الدولة، في حين نرى اجتهادها في الكشف عن الجناة بكل جريمة يكون الضحية فيها يهودي'.

وقال الناشط في الحراك الشعبي الموحد وعضو اللجنة الشعبية، نمر عطية، من قرية المكر لـ'عرب 48'، إنني 'على الصعيد الشخصي انحدرت في السابق لعالم الإجرام، حيث كانت لي تجربة بتجارة المخدرات والأسلحة وارتكاب جرائم إطلاق نار بهدف الدفاع عن النفس لدى قيامي بعمليات معينة مثل السطو، لكن كنت أفكر مليا قبل إطلاق أي رصاصة، وما نراه اليوم بخلاف ذلك كليا وأصبح إطلاق النار بشكل عشوائي وبالأخير الضحايا هم أناس ومن بينهم أطفال دون ذنب'.

وأضاف: 'تحولت اليوم وقمت بتغيير طريقي ومنهجي وإيماني واعتقاداتي في الحياة، مع الإشارة إلى أن انخراطي بعالم الإجرام كان من منطلق حب التقليد وأن أكون تابعا لمجموعات معينة، وفي المقابل أقوم اليوم بتقليد من يسعى من أجل خدمة البلد'.

وحل انتشار العنف، قال إن 'أسباب تفشي ظاهرة العنف وإطلاق النار في جديدة المكر بدأت منذ انتخابات المجلس، حيث شكلت حينها عصابات زودت نفسها بالأسلحة بغية الحفاظ كل منها على عائلتها، فأصبح الوضع مقلقا بالنسبة للمواطنين الذين اضطر قسم منهم للعيش خارج القرية ومنهم من بات يتردد بفتح مصلحة معينة في القرية نتيجة الخوف من الخاوة'.

وأكد أن 'الحلول لا زالت موجودة لمعالجة هذه الآفة واجتثاثها، بدءا من المجلس المحلي الذي لا أجزم أن باستطاعته الحد من ظواهر العنف، لكن بإمكانه التخفيف منها، ومن هنا أتساءل أين مشروع 'مدينة بلا عنف' الذي سمعت عنه منذ سنوات؟ وأين الميزانيات التي خصصت لهذا المشروع؟'.

وعن دور الأسرة والمجتمع، قال إن 'المسؤولية أيضًا تقع على عاتق رب الأسرة تجاه تربية أبنائه على العادات والتقاليد المتبعة سابقا، فعدم المبالاة بذلك أدت إلى انحراف الشباب في ظل عدم وجود أندية ومشاريع شبابية لاحتوائهم، ومن هنا ألوم المسؤولين والمثقفين والمختصين في كافة المجالات من منطلق أنه بإمكانهم التأثير داخل عائلاتهم وقريتهم'.

وفي ذات السياق، أعرب عن اعتقاده أن 'هناك ملفات كثيرة في القرية لم يكشف فيها عن هوية الجاني ولم نعلم من خلالها سوى المجني عليه، فالتستر على الجاني من قبل الشرطة أكبر جريمة جنائية، لا سيما وأنها معنية بوضعنا داخل بؤرة من أجل قتل بعضنا البعض، وتجتهد فقط لمنع المس بأمن الدولة، ومن هذا المنطلق أقول أن أمن وأمان قريتي أهم من أمن الدولة'.

التعليقات