الناصرة: أزمة السير... هل هي مشكلة لا حل لها؟

النزول إلى الشارع الرئيسيّ في الناصرة يستغرق الكثير من الوقت دون فائدة، سائقون يصرخون ويضغطون على "زامور" السيارة، يقفون كسلسلةِ عقدٍ لا تنفرط بسهولة، لا يذهبُ كلٌّ منهم في حال سبيلهِ إلا بعد جهدٍ جهيد من الأعصابِ التالفة والشتائم أحيانا.

الناصرة: أزمة السير... هل هي مشكلة لا حل لها؟

مجموعة صور من الناصرة التقطت بعدسة "عرب 48"

النزول إلى الشارع الرئيسيّ في مدينة الناصرة يستغرق الكثير من الوقت دون فائدة، سائقون يصرخون ويضغطون بغضبٍ على 'الزامور' في السيارة، يقفون كسلسلةِ عقدٍ لا تنفرط بسهولة، فلا يذهبُ كلٌّ منهم في حال سبيلهِ إلا بعد جهدٍ جهيد من الأعصابِ التالفة والشتائم أحيانًا... للأسف هذا هو حال الناصرة وشوارعها المتخمة بسمنة السيارات والشاحنات والمواصلات العامة.

يشكو مواطنو الناصرة هدر ساعاتٍ ثمينة من وقتهم للتنقل داخل المدينة، أحيانًا لمدةٍ تصل إلى ساعات في مدينة تبلُغُ مساحتها 14،200 دونم، يقطنها 80 ألف نسمة من السكان العرب الذين ترسخت في أذهانهم أيقونة أزمة السير بأنّها مشكلةُ لا حلّ لها على الإطلاق، خاصةً مع التخطيط الخاطئ لدوار 'البيج' الذي فاقم المشكلة بدلاً من تخفيفها وحلها.

 

المُسبب يعاني من النتيجة!

وصف التاجر الذي يملك محلا للأحذية على الشارع العامّ، سليم خليليّة، وضع السير في الناصرة بأنه 'متأزم'.

وقال لـ'عرب 48'، إن 'الأزمة تبدأ مع افتتاح المدارس كل يوم الساعة السابعة والنصف صباحًا، الأهل يقومون بإيصال أبنائهم بسياراتهم الخاصة وهذا سبب للمشكلة عوضًا عن استعمال الباصات المدرسيّة، فكل فرد كلما أراد شيئا استقلّ سيارة خاصّة به مما يشكل حيزًا على الشارع، ولكن إذا استعمل كل فرد المواصلات العامة فهذا حل لتخفيف حركة السير'.

وعن دوار 'البيج' الجديد أشار إلى أنّ 'الاختناق فيه سبب أزمة سير مضاعفة. اختناق المرور يعود إلى أكثر من سبب، أولاً وجود عدد كبير من السيارات، وثانيًا وجود دوّارات بغير مكانها الصحيح، وثالثًا الفوضى التي يفتعلها بعض السائقين بركن سياراتهم في منتصف الشارع وفي أماكن غير قانونيّة'.

ومن جهتهِ قال شربيني شربيني، لـ'عرب 48'، إنّ 'أغلب السيارات يستقلها شخص واحد، ألّا وهو السائق، ومن هنا أرى أنّ استعمال المواصلات العامّة يكاد يكونُ معدومًا في الناصرة دون أي سبب يذكر، فالسيارات تزداد عددًا والشوارع هي ذاتها دون أن تتغير أو تتوسع وتتطور'.

الطلاب هم المتضررون

أسلوب نقل الطلاب إلى مدارسهم هي مُسبب آخر لأزمة السير، هذا ما قاله شربيني، 'حين أخرج من منزلي صباحًا أضطر للخروج قبل نصف ساعة وذلك احتسابًا لحركة السير التي تمتد من دوار سعيد الحج ونزلة أم إيلي امتدادًا إلى حارة الروم والعين، وهو أمر مبالغ فيه فهي تؤثر بأنني أقوم باستعجال كافة أموري فلا أشرب قهوتي الصباحيّة ولا أتناول الفطور حتى أستطيع اللحاق والركض'، بتعبيره باللغة العاميّة 'مثل المصروعين'.

الطالبة تيماء أبو عياش تعاني من حركة السير صباحًا، وتؤثر عليها سلبًا كما عبّرت عدّة مرات، فإن تأخرت دقيقة عن موعد الباص تضطر للانتظار نصف ساعة إضافية بسبب حركة السير، مما يؤثر على مدرستها وتعليمها كما قالت لـ'عرب 48'، فهي في أغلب المرّات تصل متأخرة إلى مدرستها بسبب الازدحامات المرورية.

ورغم صغر سنّها، إلّا أنّ أبو عياش اقترحت أن يتم تنظيم حركة السير بوضع شارات ضوئيّة ومنظمي حركة السير لتسيير الأمور في الشوارع فبعض السيارات لا تسمح للمركبات الأخرى بالمرور وتقوم بالإخلال بالنظام، ويفضلون مصلحتهم الشخصيّة بأن تكون على حساب تعطيل حركة السير في الشارع، والتي هي تعطيل لسير حياة الأشخاص وليس المركبات.

المواصلات العامّة... أفق لحل الأزمة؟

يرى بعض المواطنين أنّ وجود الباصات في المدينة يفاقم أزمة السير، وفي هذا السياق قال المنظم في شركة باصات العفيفي، محمد ناصر، لـ'عرب 48'، إنّ 'الباصات وجدت لمساعدة وخدمة أهالي الناصرة والتخفيف كذلك من حركة السير، ونحن نحاول تقديم خدمة لجمع أهالي المدينة، لكنهم لا يتفاعلون مع الباصات فلو قام مواطنو الناصرة باستقلال الباصات هذا سيساعد من تخفيف حركة السير الذي يستمر طوال أيام الأسبوع، حتى في يوم العطلة، الأحد'.

واسترسل ناصر أنّ 'الباصات أيضًا تعاني من حركة السير المزدحمة، فنحن كشركة ملتزمون بمواعيد الباصات تجاه الناس ووزارة المواصلات، وبسبب الأزمة لدينا في بعض الأحيان مشاكل في وصول الباصات بمواعيدها المحددة، فالأزمة تمتد في جميع أرجاء الناصرة، من الخانوق إلى أم واصف'.

وأكد أنه 'لا توجد توعية تجاه المواصلات العامّة واستخدامها، فلو كانت هناك توعية لأهميّة الباصات ومدى مساهمتها لكان الوضع أفضل بكثير، ولا نتوقع من المواطنين الالتزام المطلق، لكن التزام بنسبة 50% من مواطني الناصرة سيساهم بشكل كبير في امتصاص الأزمة، والشريحة التي تستقل الباصات مكونة من فئتين بالمعظم: أولها طلاب المدارس، وثانيها كبار السن الذين لا يجيدون السياقة، أما الشباب فهم لا يستقلون الباصات العامة'.

'فوبيا المخالفات'

حررت الشرطة للعديد من سائقي السيارات في الناصرة، في الآونة الأخيرة، مخالفات سير أثناء قيامهم بأمورهم الحياتيّة، وبهذا الشأن قال صاحب مطعم للأسماك، غازي أبو آمنة، لـ'عرب 48'، إنّ 'المخالفات المروريّة التي تقوم الشرطة وتصويرها للسيارات دون علم السائقين أو أصحاب المحال التجاريّة أمر غير جيّد، جعل الكثير من النساء يخاف من النزول إلى الشارع بسبب تفشي 'فوبيا المخالفات'، فلا يعقل أن يذهب السائق لشراء السمك بـ50 شيقل ليعود  بعد ذلك إلى سيارته ويجد  مخالفة بقيمة 250 شيقل، وجعل الكثير منهم يهرب من النزول إلى الشارع الرئيسي للبحث عن بديل آخر يشتري منه، وهذا سبب إضافيّ لضعف الاقتصاد في الناصرة'.

اقرأ/ي أيضًا | الناصرة: ماذا يعرف الناس عن مجزرة كفر قاسم؟

وأضاف بلهجة عامية أن 'البلد احترقت، كل واحد بفوت على البلد رح يقضي نهاره بالبلد'، مناشدًا بلدية الناصرة بـ'التحرك السريع'.

التعليقات