الناصرة: "غاضبون يحرقون دوار البيج"... حلول أزمة السير!

بعد شبوب الحرائق في البلاد خلال الأيام الأخيرة، نشر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صورة مفبركة لدوار "البيج" في الناصرة وهو يحترق، وذلك بسبب سخط الأهالي إثر أزمة السير وحوادث الطرق التي تتكرر في هذا الدوار والشوارع المتفرعة عنه.

الناصرة: "غاضبون يحرقون دوار البيج"... حلول أزمة السير!

بعد شبوب الحرائق في البلاد خلال الأيام الأخيرة، نشر ناشطون في صفحات مواقع التواصل الاجتماعيّ صورة مفبركة لدوّار 'البيج' في الناصرة وهو يحترق، وذلك بسبب سخط الأهالي إثر أزمة السير وحوادث الطرق التي تتكرر في هذا الدوار والشوارع المتفرعة عنه.

صورة مفبركة لدوّار 'البيج' في الناصرة وهو يحترق

موجة السخط هذه ليست على دوّار البيج وحده، بل هو منطقة واحدة مشتعلة من مجمل مدينة اعتادت على حرق النفط بدون تحريك دواسة البنزين إلى الأسفل إلا مع انتظارٍ طويل...

ماذا يقول الخبراء عن دوار البيج؟

قال مهندس السير والمواصلات، ألبير أندريا، أنّ 'دوار البيج يعتبرُ موضوعًا شائكًا، كونه لا يخصّ فقط بلدية الناصرة، بل عدة جهات منها 'مسارات إسرائيل'، والحيّ الجديد في جبل المطرانية، فكانت هناك أمورا قضائية بين شركة 'مسارات إسرائيل' ومستثمرين في المطرانية وكانت نتيجة القرار القضائي أن يكون هناك دوارا فوقه جسر، الدوار جرى إنشاؤه، لكن الجسر لم ينجز بسبب عدم توفر ميزانية من قبل شركة 'مسارات إسرائيل'، وبهذا حل الدوار هو حل فاشل تخطيطيًا لأن المفرق مع شارات ضوئية كان يعطي حلولًا أفضل بكثير من الدوار الآن، فما كان يجب إنشاء الدوار بدون ميزانية لإقامة الجسر من نتسيرت عيليت إلى اتجاه العفولة وكل المشروع'.

هل حل أزمة السير في الناصرة ممكن؟

وأكد المهندس أندريا أنّ 'هناك عدة عوامل تعيق حركة السير في مدينة الناصرة، وهذه العوامل تقسم إلى تخطيطيّة تتعلق بتخطيط الشوارع، وعوامل سياسيّة تتعلق بسياسة الدولة تجاه المواطنين العرب'.

مهندس السير ألبير أندريا

وبدأ حديثه بتحديد خلفيّة الأزمة المروريّة التي تعاني منها البلدات العربيّة كافة، بما فيها الناصرة، بأنّها 'تعاني من عوامل سياسيّة تهميشيّة للبنية التحتيّة وضيق المساحات في الوقت الذي تُخطط فيه مدن يهوديّة لشوارع واسعة تمنح المجال لأفضليات في المواصلات العامة والدراجات، وتصمم وفق حيّز عام أفضل ومتطور أكثر بكثير من البلدات العربيّة'.

وأردف أنّ 'المدن والقرى العربيّة تتوسع سكانيًا على مدار السنوات بينما الخرائط الهيكليّة لا تتغير رغم اكتظاظ السيارات فالشوارع والبنية التحتية تبقى كما هي، لكن هذا لا يعني أن لا نكون حكماء في ظل هذا الإطار الموجود، أما الجانب التخطيطي فنستطيع العمل والتخطيط فيه للتقليل من حركة السير الموجودة، وهناك أمور كذلك لا تتعلق بالتخطيط  كالمراقبة، ففي الكثير من الأحيان نرى في الشوارع أنّه ليس هناك سيارات كثيرة، لكن بالمقابل هناك حركة سير، وسبب ذلك إيقاف المركبات بشكل خاطئ، أو افتقاد مفارقنا لشارات ضوئية تنظم حركة السير'.

التخطيط الإستراتيجيّ

وأشار أندريا إلى أنه 'من ناحية التخطيط هناك الكثير ما نستطيع فعله لتخفيف حركة السير، أولاً التخطيط الإستراتيجي، ويعني كيف ننظر إلى الناصرة بعد 10 أو 20 عاما، فإذا أردنا النظر إلى الناصرة بطريقة مختلفة علينا التخطيط منذ الآن، فمع الوقت تزداد حدّة أزمة السير وليس العكس، بينما وصل الغرب إلى حلها منذ زمن، فالمدن القديمة التي لا نستطيع توسيع مسالكها وتحسين بنيتها، يتوجب علينا اتباع إستراتيجية المواصلات العامة هناك'.

ونوّه إلى أنّ 'الباص الواحد يقل 50 شخصا بينما السيارة تقل شخصا واحدا أحيانًا، وفي الناصرة يمكن لشخص أن يتنقل مشيًا على الأقدام مسافة 300 متر، وليس شرطًا أن يكون مصفّ السيارة أمام باب المكان الذي يقصده الإنسان، فهذه العادة يجب أن تتغير، ومن هنا علينا إعطاء أفضليّة للمواصلات العامة لإيصال أطفالنا من جيل 9 سنوات وأكبر إلى المدارس، وهذا يتحقق من خلال تخصيص مسالك ومقاطع من الشارع للمواصلات العامة في أوقات الصباح المحددة من الساعة 8 إلى 10 صباحًا، فالباص الواحد يلغي 50 سيارة عن الشارع بكونه يقل 50 راكبًا وحين ترى شركة الباصات تفضيل المواصلات العامة من قِبل السكان ستزيد تلقائيًا من حافلاتها العموميّة، وبهذا لن نرى اكتظاظًا في الباصات، وسيصل الباص بالوقت المحدد'.

الدراجات الهوائيّة لطلاب المدارس

ويرى أندريا أنّ 'جيل اليوم ذكيّ جدًا ويستطيع استعمال مواصلات تستخدم في مدن أخرى متطورة كتل أبيب التي يستخدم 10% من سكانها الدراجات الهوائيّة كوسيلة نقل، ونرى أنّه لا مشكلة في ذهاب وإياب طلاب المدارس في الناصرة على الدراجات الهوائية إذا ما جرى تهيئة وتحضير البنية التحتيّة حتى تكون المواصلات آمنة، والقانون الإسرائيليّ يسمح اليوم للأطفال من جيل 9 سنوات وصاعدًا باستخدام المواصلات العامة كوسيلة للتنقل. راكبو الدراجات الهوائية إذا بحثنا عنهم لا نجدهم، لكن إذا حضّرنا لهم مسارات فسيأتون، هذا ما نقوله في التخطيط الإستراتيجيّ، فمثلا حي بير الأمير وجبل الدولة والكروم وفي كل حيّ، إذا جهزنا مسارات مخصصة للدراجات الهوائية فسنحلّ جزء من أزمة السير.

وأكد أنه 'لا يوجد تقسيم متوازن في شوارع الناصرة ما بين كل من يستعملون الشارع من مشاة وسيارات ودراجات هوائية ومواصلات عامّة، فهذا التوازن في الناصرة غير موجود، فالشارع للسيارات فقط، ففي شوارع الناصرة التجارية هناك رصيف لا يتعدى عرضه المترين وباقي الشارع للسيارات، وهذه فكرة خاطئة لأنّ الشارع للناس أساسا، وهي أمور إستراتيجيّة يجب على البلديّة العمل عليها، لكن لا يوجد أحد يعمل عليها، وما من أحد يفكر ويخطط للمستقبل لتعبيد طرقات لراكبي الدراجات الهوائيّة كي يستعملها  الطلاب، وهي أمور إستراتيجيّة لا أحد يفكر بها في البلديّة'.

الخطوات العمليّة... منذ هذه اللحظة!

وقال أندريا إن 'مفرق الخانوق، دوار البيج، مفرق ديانا، مفرق فندق الجليل ومفرق دوار الحاج، جميع هذه المفارق مزدحمة ويمكن العمل عليها في الوقت الحاليّ، وهي مشاكل لها حلول عن طريق تخطيط شارات ضوئية وتوسيع الشارع ومراقبة عن طريق إلغاء بعض مواقف السيارات لتوسيع المفارق وربط شبكة للشارات الضوئية بين مفرق ومفرق للسير بوتيرة أفضل، وكل هذا يمكن أن يجري عن طريق إحصائيات لعدد سيارات كل مفرق ومفرق، وبحسب النتائج نستطيع إيجاد الحل المناسب لتخفيف حركة السير وإعطاء حلول للمشاة بقطع الشارع بطريقة مرتبة'.

مواقف السيارات

وأنهى أندريا أنه 'ليس هناك لافتات توجه الزائرين والأهالي لمواقف السيارات في المدينة، وأغلب من يركنون سياراتهم على الطريق هم من التجار وهذه المواقف لا تتعدى 200 موقف يمكننا أن نجمعهم في موقف واحد، وبهذا يمكنهم أن يركنوا سياراتهم في الموقف الواحد بقيمة 100 أو 200 شيقل رمزيّة للشهر الواحد، بينما يجري توسيع الأرصفة ووضع الأزهار والبنوك لتجميل المدينة، وهي خطوات تحتاج توجيه وعمل من قِبل البلدية'.

اقرأ/ي أيضًا | عرب حيفا: بين نارين... التحريض والحريق

التعليقات