جسر الزرقاء: "دبابير خضراء" تضيّق على قرية الصيادين

تشهد جسر الزرقاء تضييقات يوميّة وصعوبات معيشية هائلة، علمًا أنّ البلدة معروفة بالوضع الاقتصادي الصعب، عدا عن بعض المظاهر الاجتماعية السلبية التي تعاني منها البلدة.

جسر الزرقاء: "دبابير خضراء" تضيّق على قرية الصيادين

مجموعة صور التقطت بعدسة "عرب 48"

تشهد جسر الزرقاء تضييقات يوميّة وصعوبات معيشية هائلة، علمًا أنّ البلدة معروفة بالوضع الاقتصادي الصعب، عدا عن بعض المظاهر الاجتماعية السلبية التي تعاني منها البلدة.

فرقٌ كبير بين هذه البلدة وبين بلدات عربية أخرى، والتي يتمتع أهلها بظروفٍ أفضل. تتميّز جسر الزرقاء بأنها البلدة العربية الوحيدة التي لا تزال تقف شامخة على الساحل، لتُشرِف على البحر بكامله.

وتحتاج هذه البلدة إلى الكثير من الدعم أولاً مِن قِبل المجلس المحلي، وكذلك مِن قبل المؤسسة، التي لا تلتفت إلى واقع هذه البلدة وأهلها، إذ لا تتوفر لديهم، الاحتياجات المطلوبة، سواء كان ذلك في المجال التربوي وحتى في المجال الاجتماعي.

وقال الناشط والصحافي سمير أبو الهيجاء، حول هذا الواقع القاسي الذي يتعرّض له الصيادون: 'أنا متابع لقرية الصيادين، قرية غير منفتحة، هي عبارة عن بركيات أو ألواح زينكو في عزبة ليس فيها أدنى الخدمات التي يمكن أن تقدمها مؤسسة'.

وتابع أنه 'لاحظت مدى الظلم لهذه البلدة، والمستوى الاقتصادي للبلدة منخفض جدًا، ومعيشة الصيادين صعبة وقاسية، كنت في الماضي قد قارنت بين الصيادين اليهود (الطنطورة) الذين بحوزتهم رخص الصيد، يجرفون السمك جرفًا، وليس بشبكة بدائية، وهذا نوع من العنصرية التي تجعل أهالي جسر الزرقاء في وضع اقتصادي بائس، واليهود في مرتبة أعلى، ما يجعل الصيادين يعانون من نقص الأسماك، ويبقى لهم الفتات. وعدا عن التصاريح والفتات، ما يثقل على الصياد وبالكاد يجد لقمة العيش أنه في الفترة الأخيرة تعد الدولة مخططا للاستيلاء على الشاطئ من قبل سلطة حماية الطبيعة، قد يحظرون الدخول إلى الشاطئ، وقد يضطر الصياد إلى تمرير بطاقة دخول خاصة، وكثيرون قد يتركون هذه المهنة، عدا عن الضرائب والرخص، لم يجددوا رخص الصيد منذ شهر، وهناك مخالفات كثيرة، وللأسف يتدخل هؤلاء بكل شيء ويقررون أي أنواع السمك يمكن صيده وأي الأسماك غير مسموح صيدها، بينما يعتاش اليهود بصورة أفضل بكثير، وكأنما يريدون منع التنفس واستنشاق الهواء، إذا ما اكتشفوا أنّ الهواء له ثمن'.

وأضاف أنه 'لا تزال السلطات الإسرائيلية تضع مخططًا لحماية الطبيعة وليس لسكان قرية جسر الزرقاء، ومعروف واقع هذه البلدة، وعلى الدولة رفع مستوى المعيشة وليس سلب أرزاق السكان، أعرف الكثيرين الذين ورثوا الصيد عن أهلهم، ولهم الحق في خيرات بلدهم، وستكون هناك الكثير من التضييقات ما قد يجعل الصيادين يملّون ويتركون هذه المهنة التي تفتحّت عيونهم عليها، في المكان الذي يرتبط بهم منذ الولادة'.

وقال عضو مجلس جسر الزرقاء المحلي، الصحافي والناشط سامي العلي، إنه 'يجب وقف هذا المخطط وتجميده حتى يتم النظر في الاتفاقية ما بين المجلس المحلي والسلطات الإسرائيلية، ومحاولة تعديل بنود الاتفاقية لصالح الصيادين أولاً وحمايتهم وضمان حقوقهم التاريخية على هذه البقعة، بالإضافة إلى ذلك نطالب بتغيير بنود الاتفاقية بشكلٍ يتماشى مع السلطة المحلية بحيث تكون المسؤولية الأولى والمركزية للسلطة المحلية وتكون هناك إدارة مشتركة، هذا أول ما نُطالب به، ثانيًا: سنقوم بعدة خطوات احتجاجية، ومن أجل ذلك بدأنا بإثارة الرأي العام على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي، وسيصدر بيان في الأيام القريبة، كما طلبنا من أئمة المساجد ومن رجال الدين ومن عدة ناشطين وعدة حركات ناشطة في الساحة المحلية الاهتمام بالأمر، كما نسعى لإثارة الموضوع وحشد الناس والتخطيط لمظاهرة وعقد اجتماع طارئ مع السكان والصيادين، وأيضًا التوجه للكنيست ولوزارة الزراعة، خاصةً لقسم صيد الأسماك، ولمنظمة الصيادين القطرية، ليتجندوا لجانبنا في هذا النضال العادل الذي يأتي لحماية الموروث الفلسطيني في جسر الزرقاء'.

وقال الصيّاد معين نعيم (44 عاما) من جسر الزرقاء: 'ورثتُ المهنة عن الوالد، فنحنُ في هذه المنطقة منذ فترة طويلة، عشنا منذ سنوات طويلة على الصيد، وهنا في هذا المكان التابع للصيادين، نأكُل ونشرب ونعمل ونعتاش. وكنّا قد أخذنا المكان منذ فترةٍ طويلة، لكن مؤخرًا قامت (الدبابير الخضراء) سلطة حماية الطبيعة بإجراء مسح للوادي، وقررت السيطرة على المكان، والتضييق على الصيادين، لدرجة أنهم حددوا نوعية الأسماك التي يجب صيدها، فالأسماك العادية الصغيرة للعرب، أما الأسماك المختلفة ذات النكهة اللذيذة، فهي للصيادين اليهود. وكأنما يريدون للصيادين العرب أن يحصل لهم ما حصل للصيادين في يافا، حيثُ جرى التضييق عليهم وتدريجيًا تقلّص عدد الصيادين، حتى باتوا قِلة. هكذا قام من أسموهم 'سلطة حماية الطبيعة'، بالسيطرة على المكان وهددوا الصيادين بتقليص مساحتهم في المكان، بينما يؤمن الصيادون أنّ البحر لهم والأسماك هي مصدر معيشتهم الوحيدة، ولن يتركوا المكان، آملين أن يصلوا إلى اتفاق لصالح الصيادين العرب'.

وحدة الصيادين

ويتابع الصياد معين نعيم: 'كلنا موحدون ومتفقون، صحيح أننا تحت حكم المجلس، لكنّ المجلس قام بخطوات استباقية دون مشاورتنا. كنّا قد طلبنا منهم عدة مرّات أن نلتقي لمناقشة موضوع الصيادين، دون رد'.

وأنهى بالقول: 'نحنُ نعتبر هذا المكان الذي نُقيم ونعتاش منه بمثابة نافذة على البحر، ومَن يتهاون ويتنازل عن شاطئه، يسهُل عليه التنازُل عن أرضه وعرضه'.

وتساءل: 'لماذا يصرّون على الإقامة في هذه البقعة؟! البحر واسع ويتسع للجميع. كل ما يجري هنا يضرنا، ويضر بيئتنا، ويمس حياتنا ومصدر معيشتنا وعائلاتنا. لن نترك الشاطئ ولن نتخلى عنه، الشاطئ بالنسبة لنا هو شرف البلد، وهو بقعة النفس التي نستنشق منها'.

أرض الآباء والأجداد

وأكد الصياد نعيم أنه 'طوال الوقت ونحنُ نؤكد أننا ورثنا المهنة عن أجدادنا وآبائنا، ونحن باقون وسنظّل فوق أرضنا. هناك العديد من المخالفات التي يتعرّض لها الصيادون بتحريض من موظفي 'حماية الطبيعة' ولا يُعقل أن يتم مخالفة الصيادين، كما جرى لي، حيثُ استلمتُ مخالفة قدرها سبعة آلاف شيكل، كل ذلك مقصده أن نمل ونترك أرضنا والبقعة التي نتمسك بها. نأمل أن نجد من يسمع شكوانا ويقدّر واقعنا وموقفنا، خاصةً أنّنا البلدة الوحيدة التي تحافظ على بقائها، فوق هذه البقعة من البحر، ومن يتخلى عن شاطئ بلده لن يكون له ميراثه وتاريخه، وسيفقد مستقبله أيضًا. إنها أرض الآباء والأجداد ومَن لا يحمي أرضه، لن يكون له مكانٌ فوق هذه الأرض'.

وتساءل الصيّاد الشاب خالد جمال: 'أين جسر الزرقاء من هذه التحسينات التي يريد أن يحققها المسؤولون عن حماية الطبيعة؟! أين نحن كسكان جسر الزرقاء من هذا الأمر؟، توجهنا للجنة، فكانوا يوجهوننا للمجلس، كل شخص يحولنا إلى شخص آخر، أمضينا سنوات في هذا المكان، نحنُ مرتبطون بالأرض والماء والمكان الذي يربطنا بالماضي وبالآباء والأجداد. نحنُ كصيادين متحدون، لكن المخططات التي تُحاك ضدنا تضايقنا، لقد قطعوا المياه عنا، ونريد للجميع أن يعوا هذا المخطط، إنهم يتحدثون عن بناء في المكان وما إلى ذلك؟! إنه كلام فارغ، من يشتري منازل في مكانٍ كهذا؟!'.

وحل الهدف من هذا المخطط، قال الصياد جمال، إن 'الأمر واضح تمامًا، هم يسعون للتضييق علينا أكثر فأكثر، مِن أجل إقصائنا وإبعادنا عن أرضنا وعن البحر الذي نحبه، وسنبقى نتمسك به!'.

هذا، وسنقوم بنشر تعقيب مجلس محلي جسر الزرقاء والجهات ذات العلاقة على الموضوع فور وصوله.  

التعليقات