اليوم العالمي للمرأة: نظرة من داخل المجتمع العربي

كيف ينظر المجتمع العربي إلى الثامن من آذار، اليوم العالمي للمرأة؟ ما هو رأي الناشطين والفنانين في دعم مكانة المرأة؟ وهل حققت المرأة ما تصبو إليه من مساواة وعدالة مجتمعية؟

اليوم العالمي للمرأة: نظرة من داخل المجتمع العربي

يافا، شباط/ فبراير 2013 (أ ف ب)

يصادف اليوم الأربعاء الثامن من شهر آذار/ مارس، اليوم العالمي للمرأة، وحين نتحدث عن هذا التاريخ المرتبط بالعامين 1857 و1909، نستذكر قرار النساء بالإضراب عن العمل بسبب ظروف عملهن الصعبة، رغم أنهن كنّ الأساس في صناعة النسيج بمدينة نيويورك بالولايات المتحدة، ولم تسلم النساء في حينه من التمييز العنصري كونهن نساء، وكون بعضهن من 'الزنوج'، فكان التمييزُ ضدهُنّ مضاعفًا، لكنهن لم يستطعن السكوت أكثر على الإذلال الذي تعرضن له خلال عملهن، ما دفعهن إلى إطلاق ثورة الغضب في الولايات المتحدة، يوم الثامن من آذار، احتجاجًا على ظروف عملهن، ولم تأتِ هذه الإنجازات التي صنعتها المرأة، بسهولة، فقد عانت المرأة قبل أعوامٍ طويلة، من التمييز العنصري، وهناك روايات خطيرة جرى من خلالها الكشف عن مدى العنصرية التي تعرّضت لها النساء في دول عديدة بينها أميركا، وترك التاريخ روايات قاسية عن التمييز العنصري ضد النساء بالأساس، والزنوج بشكلٍ خاص.

بعد تلك المظاهرات الاحتجاجية، انطلقت الاحتفالات في الولايات المتحدة كل عام، وتجسّدت الثورة بتاريخ الثامن من، لتكون رمزًا للمرأة وحقها ودورها في النضال مِن أجل انتزاع الحقوق الأساسية في العمل، وبفضلهن أُجبر أرباب العمل على الاعتراف بحقوقهن كاملةً.

في الثامن من آذار من كل عام تجري احتفالات بالإنجازات الاجتماعيّة والسياسية والاقتصاديّة للنساء اللواتي انتزعن اعترافًا بالحصول على إجازة في هذا التاريخ. 

كيف ينظر المجتمع العربي إلى الثامن من آذار، اليوم العالمي للمرأة؟ ما هو رأي الناشطين والفنانين في دعم مكانة المرأة؟ وهل حققت المرأة ما تصبو إليه من مساواة وعدالة مجتمعية؟

 الفنان لطف نويصر

وقال الفنان لطف نويصر، لـ'عرب 48' عن حقوق المرأة، إن 'الإعلان عن يوم المرأة العالمي لم يأتِ محض صدفة، هذا يذكرني بأيام زمان، وبالتاريخ القديم، كيف كان للمرأة تأثير، إذ قادت معارك وبطولات، من الأساطير والحكايات القديمة، وإحدى القصص التي رُويت تطرقت لـ'طروادة وإسبارطة'، فبعد أن الخصام بين آلهة الحب وآلهة الحكمة، اشتبك البلدان طروادة وإسبارطة، بينما نجحت لايستراتا بإيقاف المعركة، واستهترت من الرجال الذين جاؤوا لإقناعها بالتوقف عن الإضراب الذي خاضته ضد الحرب، أما اليوم فنرى المرأة جزءا أساسيا في المجتمع، مع ذلك يجري تهميشها وحرمانها من حقوقها، مع العلم أنّ ما من مشروع يكتمل دون المرأة، وليس هناك أي بيت بدون امرأة، فالمرأة قادرة على العيش بمفردها وبكرامتها، فيما إذا عاش الرجل لوحده فإنه يشعر بالتعاسة'.

وأضاف أنه 'من الضروري منح المرأة حقوقها، وبرأيي المرأة ليست نصف المجتمع بل هي المجتمع بكامله، لكن أحيانًا تسيطر عنجهيتنا كرجال، فنحاول استضعاف المرأة، ومَن يحاول استضعاف الآخر هو كائنٌ ضعيف'.

والمرأة المثالية بنظر الفنان نويصر، هي التي تُعطي وتوفِّق بين العمل والبيت، والمرأة المثقفة والمنفتحة وقوية الشخصية هي المثالية والقادرة على تحقيق الإنجازات والتضحيات.

المحاميّة مديحة رمّال

وقالت عضو بلدية عكا سابقا، المحاميّة مديحة رمّال، لـ'عرب 48' إن 'يوم المرأة العالمي يجعل الجميع يُسلط الضوء على قضايا المرأة، معاناة المرأة، يوم يعطي كل رجل وامرأة أن تفكر بالأمور التي تقوم بها، تفكر بحقوقها التي حصلت عليها، كيف تغيِّر وضعها، وكيف يدعم الطرف اللآخر، أو يساعد على تغيير وضع المرأة بشكلٍ عام'.

وعن نظرتها للمرأة المثالية، قالت المحامية رمّال، إن 'كل امرأة وأم مثالية، حتى لو كانت إنسانة بسيطة لأنها معطاءة لأبنائها وتسعى لتربيهم بأفضل حال، ليكونوا جيلا جديدًا، وأفرادًا من المجتمع، الذين يمكنهم تطويره ودعمه، وهناك نساء بسيطات، لكنهن قادرات على تحمُل الظروف الصعبة، نساء مطلقّات، ليس لديهن أي دعم مادي، مع ذلك قمن بتربية أبنائهن أفضل تربية، في غرفةٍ واحدة وصغيرة مع الأبناء الصغار. بعض هؤلاء النساء بنين بيوتًا وعمارات، رغم شظف العيش اللواتي يعشنه، إلا أنّ الإرادة والتصميم جعلهن في قمة العطاء لأبنائهن، وكم يسعدني أن أسمع قصص هؤلاء النساء اللواتي تحملن وصبرن حتى كان لهن ما أردن، وأنا أفتخر بالنساء اللواتي عملتُ معهن، كوني محامية، وشاهدتُ عن قرب إنجازاتهن، وأفتخر بهن رغم بساطتهن فقد حققن إنجازات في رحلة كفاحٍ سطرتها الأمهات المكافحات العنيدات مِن أجل مصالح أبنائهن، والمتميزات اللواتي ناضلن من أجل أولادهن وعطائهن للمجتمع'.

ورأت الناشطة هدى أبو عبيد من النقب أنّ 'يوم المرأة هو يوم نضالي للنساء اللواتي خرجن وأضربن بسبب ظروف العيش القاسية'.

الناشطة هدى أبو عبيد

وقالت أبو عبيد لـ'عرب 48' إننا 'لا ننتظر في هذا اليوم تبادل الهدايا، كنت أتمنى أن يكون لدينا عطلة رسمية كما هو الحال في الضفة الغربية المحتلة، لنرتاح فيه من يوم عمل. نحن اليوم في النقب نفكر أن نقيم مجلسا نسائيا ليكون صوتًا للنساء بكل ما يخص هدم البيوت وتوسعة البلدات وتخطيط البناء ومصادرة الأراضي والمطالبة بالاعتراف بالقرى العربية وغيرها، وسنقوم بدعوة النساء للمشاركة يوم الخميس القريب، ونأمل أن تشارك النساء والفتيات في هذا النشاط، للتعمق أكثر في موضوع البناء والمسكن، لكننا للأسف لم نصل لعشر نساء بعد، وآمل أن تشارك النساء في بداية طريقهن والتواصل معنا لبناء جسم جديد، خاصةً أنّ صوت نساء النقب على أرض الواقع غير مسموع. يشار أنّنا نتحدث عن جسم تطوعي، وقضية الأراضي تستوجب وجود نساء مطلعات على التفاصيل، وما تقوم به الدولة من تخطيط وفرض قوانين وما إلى ذلك'.

 د. ميري توتري

وقالت المحاضِرة في الإعلام والعلوم السياسيّة، د. ميري توتري، لـ'عرب 48' إن 'يوم المرأة يجب أن يُكرَّس لصالح إنجازات المرأة والمشاكل التي تواجهها وضرورة حل هذه المشاكل. قضية المرأة أصبحت توضع على الأجندة العامة، على أمل أن يتم دعم المرأة، ومنحها الفرصة الأفضل للنجاح والتألُق، ونشهدُ اليوم عدة مراكز تعليميّة وتربويّة تحاول الربط بين العمل والإنجازات، وهذا الأمر يُعطي مؤشرًا، ويضع المعطيات على الأجندة، بهدف تحسين واقع المرأة وإزالة العوائق التي لا تزال المرأة تواجهها للأسف، على أمل أن تُترجم قراءة هذه المعطيات من خلال برامج قابلة للتحسين ولإنجاز الأفضل'.

والمرأة المثالية في نظر د. توتري، 'هي التي تقوم بواجبها بأحسن وجه، والمرأة إنسان معطاء، فهي تخدم بيئتها القريبة وهي إنسانة مُحِبة وداعمة لعائلتها، ولديها إحساس عالٍ توظفه في دعم المجتمع والعائلة والقرية بالأساس، تخدم مجتمعها بشكلٍ عام، تخدم بيئتها القريبة وانسانة معطاءة لعائلتها، لديها حس عام، هذه هي المرأة المثاليّة بنظري'.

سامي أبو شحادة

وعن إحياء يوم المرأة، قال عضو اللجنة المركزية للتجمع الوطني الديمقراطي، سامي أبو شحادة، من يافا، لـ'عرب 48' إن 'إحياء يوم المرأة هو أمر في غاية الأهمية، والحديث يجري عن قضية عادلة، لكنها تُناقش بشكلٍ مهني، خاصةً في عالمنا العربي، أعترض بشدة على ادعاء وجود تقدُم كبير في هذه القضية ولا توجد حاجة لإحياء الذكرى، وباعتقادي كل من يستعمل هذا الخطاب غير مدرك لحجم القضية، فهناك أهمية كبيرة لإحياء يوم المرأة، وهذه فرصة لعرض القضايا والأرقام والمعطيات بكل ما يتعلّق بحالة عدم المساواة، والأمر الثاني يتعلق بإحياء يوم المرأة، إذ أنّ قضية المرأة هي قضية المجتمع، وعدم مساواة المرأة بالرجل هي قضية كل المجتمع وليست قضية المرأة، فالجميع يخسر في هذه الحالة، وسيكسب المجتمع بكامله في حال تحقيق العدالة الاجتماعيّة'.

وأضاف أنه 'لا يمكن تقسيم حقوق الإنسان، إذ لا يمكن أن يكون الإنسان مناضلا من أجل حقوق الإنسان، وألا يكون نصيرا لقضيّة المرأة أو لقضيّة المساواة داخل مجتمعنا أو لقضيّة العدالة المجتمعيّة، والمساواة والعدالة الاجتماعيّة هي مكسب للأسرة، للرجل والمرأة والأطفال، وللمجتمع بكامله'.

وقال مدرب التنمية البشريّة، جلال هريش من الناصرة، لـ'عرب 48' إن 'المرأة هي عماد أساسي من أعمدة المجتمع ليس فقط ليوم واحد في السنة ولا يجب تكريمها بيومٍ واحد في العام. المرأة هي الأم والأخت والزوجة والعاملة. وبما يتعلَق بي، فإنني شهدتُ قصة نجاحٍ لامرأة مميّزة هي أمي، حين فقدتُ البصر، وقفت إلى جانبي، ولا تزال سندًا وسببًا أساسيًا في نجاحي بجميع مراحل حياتي، كانت تتابع معي موادا طويلة أثناء دراستي الجامعية، ولو أنها دخلت الجامعة لحصلت على أعلى درجات النجاح'.

مزارعات فلسطينيات في الجليل (أ ف ب)

وأعرب عن تقديره للمرأة، وقال إن 'للمرأة القدرة الكافية أن تكون ناجحة، وعلى المرأة أن تبدأ بصنع نفسها وبناء ذاتها وتحقيق إنجازاتها، ويجب أن تبدأ بوضع نفسها في الصدارة. ورسالتي للمرأة أن تعتبر كل يوم هو عيدٌ لها، وهي قادرة على صناعة البهجة في البيت فحضورها يخلق رونقًا وجمالاً. وتبقى رسالتي الأخيرة أن تجنح نحو بناء مستقبلها وصناعة الإنجازات العلميّة والإبداعيّة لنخلِق جيلاً يتطلع إلى السماء'.

التعليقات