دارين طاطور: تجربة الاعتقال زادتني ثقة بالنفس!

محكمة الصلح في الناصرة تنظر ظهر غد الأحد في قضية الأسيرة دارين طاطور وتخصص الجلسة لسماع شهادات الدفاع تتضمن الترجمة الدقيقة للقصيدة التي اعتبرت تحريضية وشرح مدلولات ومعاني الكلمات التي اعتبرت تحريضية

دارين طاطور: تجربة الاعتقال زادتني ثقة بالنفس!

تمثل الأسيرة الشاعرة دارين طاطور، في الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح يوم غد الأحد، أمام محكمة الصلح في الناصرة، للنظر في التهم التي وجهت لها، تتضمن التحريض والمس بأمن الدولة، بسبب قصيدة نشرتها على صفحة 'الفيسبوك'.

وتتركز جلسة المحاكمة المقررة للاستماع إلى شهادات الدفاع، حيث يقدم المترجم د. يوري ماندل ترجمة دقيقة للقصيدة المشار إليها. علما أن د. ماندل مختص بالترجمة من العربية إلى العبرية، وسبق أن ترجم قصائد لعدد من الشعراء إلى العبرية بينهم محمود درويش وسميح القاسم.

كما تستمع المحكمة إلى شهادة أخصائي في اللغة العربية لشرح معاني ومدلولات الكلمات التي اعتبرت تحريضية في القصيدة.

وينوي الدفاع من خلال هذه الشهادات تفنيد ادعاءات النيابة بشأن التحريض على العنف والمس بأمن الدولة.

تجدر الإشارة إلى أن القرار النهائي بخصوص الأسيرة دارين، التي لا تزال قيد الاعتقال المنزلي، سوف يصدر في السادس من نيسان/ أبريل القادم.


التقيت بالأسيرة دارين طاطور، ابنة الرينة، بينما هي تمضي محكوميتها في الحبس المنزلي، وممنوعة من تخطي عتبة البيت التي لا تتعدى خطوات قليلة، قبل أن يتم وضع الأصفاد في رجلها، وكأنها ستهرُب مِن بيتها في أقرب فرصة.

وادعت الشرطة عند اعتقالها، في الساعة الثالثة فجرًا، أنّ دارين نشرت عبر صفحة الفيسبوك الخاصة بها، مقاطع فيديو لعمليات، وخلفية مقاطع الفيديو بصوتها وهي تقرأ قصيدة كتبتها، وتحمل عنوان: انتفضوا أبناء شعبي انتفضوا'.

ودارين لمن لا يعرفها، اعتُقلت في العاشر من شهر تشرين أول/أكتوبر عام 2015، وتنقلت بين عدة سجون. وخلال تجربتها القاسية، التي بدأتها بكسرٍ في الساق، أمضت ليلة كاملة تتأمل بسبب الوجع، والدواء هو ماءٌ بارد في ظروفٍ غاية في القساوة، ليتم تحويلها في اليوم التالي من سجن الدامون إلى مستشفى بن تسيون في حيفا.

وتهمة دارين كالعديد من الصبايا والشباب الذين اعتُقلوا، لمجرد نشرهم لقصيدة مؤثِرة، أو لتعقيبٍ على واقعٍ صعب. فاليوم بات كل ما هو منشور على صفحات الفيسبوك، عُرضة للتحليل والتساؤلات والتحقيقات وما إلى ذلك.

ولم تندم دارين لأنها تكتبُ القصيدة، فهي محاولات للتعبير عما يجيش في النفس من مشاعر إنسانيّة خلاقّة، ولا أدلُ على ذلك مِن يوم الشعر العالمي، والذي حازت فيه دارين على إعجاب العالم الغربي بأعدادٍ هائلة.

وقد أبرق لها المتضامنون الأجانب، سواء في البلاد أو في أوروبا وحتى من الولايات المتحدة، برسائل تضامن تشمل تأكيدًا للدعم ولحق الإنسان في التعبير عن مشاعره بطريقةٍ يختارها الإنسان بمحضِ إرادته.

تتحدث دارين عن تجربتها في السجون مع الأسيرات، وعن أقسى ما عاشته في الاعتقال، وعن الأسيرات المصابات بدون إسعاف. ولا تغفل الإشارة إلى سيارة 'البوسطة' التي ينقل بواستها الأسرى لمسافاتٍ طويلة ولساعات طويلة على مقاعد حديدية في المركبة.

عن تجربة الاعتقال

ترى دارين أنّ تجربتها في السجون علمتها الشيء الكثير، وكأنما الاعتقال عبارة عن مدرسة، تفتح عيونك على دنيا مختلفة، وهي تجربة عميقة في المعرفة وفتح آفاق للأفضل.

ورغم التجربة القاسية التي عاشتها دارين، إلا أنّها تصر على تعزيز حلمها بمتابعة كتابة الشعر، خاصةً أنّ تلقت دعما غير متوقع، وتلقّت رسائل رائعة ممن لم يعرفونها، وإنما لمعرفتهم بأنها لمجرد أنها كتبت قصيدة، واجهت التضييقات والاعتقال.

وكانت المحكمة المركزيّة قررت أن تبقى دارين رهن الاعتقال حتى الانتهاء من كافة الإجراءات القانونيّة أو إيجاد حبس منزلي بديل عن منزل والدها، حيث وجد الأهل ذلك البديل، لكنّ المحكمة رفضته رغم أن ضابط أحداث قام بفحص البيت وأقرّ بصلاحية المعيشة فيه.

وحول ارتباط دارين بالشعر قالت: 'إنّ الاهتمام بالقصيدة وترجمتها لأكثر من عشر لغات، كان بالنسبة لي أمرٌ مهم، فقد أظهر كيف تبني الحكومة الإسرائيلية لائحة الاتهام على أوهام، فكل اللغات التي تُرجمت للقصيدة، اتفقت أنه لا يوجد أي شيء في القصيدة، مثل التحريض كما تدّعي النيابة، وهذا نوعٌ من الدعم الدولي لدارين، كما أنه يبيّن أكاذيب النيابة التي تظهرها المؤسسة حول التهم التي تخصني.

عن ظروف الاعتقال وتعرفك على أسيرات كيف أثّر عليك؟!

'لقد دخلتُ السجن إنسانة، وخرجت إنسانة أخرى مختلفة، لقد تعرفتُ على الكثير من التجارب الصعبة، سواء من الأسيرات أو القصص التي سمعتها. ظروف الاعتقال في السجن كانت جدًا صعبة من حيثُ تلقي الحاجيات الطبية بالأساس. فالأسيرات يفتقدن لأية عناية طبيّة، وإن وجدت فهي سيئة جدا، ولا يتلقين العلاج الكافي أو المناسب للأسف، كما أنّ التنقلات من المحاكم للسجن ومن السجن للمحاكم، كانت صعبة جدًا، وظروف الزنازين الموجودة في المحاكم قاسية. هذه الأمور التي تعاني منها الأسيرات.

تعرضتِ صحيًا لظروف صعبة، هل لكِ أن تحدثينا عنها؟

لقد وقعت في السجن في ساعات منتصف الليل وكسرت رجلي. لم أتلق أي علاج فوري. لم أحصل بداية إلا على مسكن الآلام (أكامول) وثلج. بقيت حتى الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم التالي. تألمت أكثر من 12 ساعة متواصلة ورجلي مكسورة بدون علاج.

استفادتك من فترة السجن، تعرفتِ على أسيرات أمضين سنوات في السجن؟

الاستفادة الأولى وبالأساس بفضل الأسيرة العظيمة لينا جربوني، عميدة الأسيرات، والتي سُعدتُ بالتعرُف عليها، وسيتم تحريرها في 17/4/2017، أي بعد شهر من اليوم، عرفتُ لينا كإنسانة معطاءة، تضحي لمصلحة الأسيرات، وتعلمتُ من تجربة السجن، بشكلٍ فعلي، وحتى في الاعتقال البيتي وظروف الاعتقال الصعبة التي تعرضت لها وما أزال: مثل الإقامة الجبرية، وعدم الخروج والتكيف مع الحياة العادية، تعلمت الصبر، التأقلم مع كل ظرف أعاني منه.

كتبت شعرًا كثيرًا في هذه الفترة، كما أنّ التجربة عرفتني على أناس لم أتخيل أن ألتقي بهم، بينهم عرب ويهود وناشطون دوليون.

عن التطلعات المستقبلية تقول دارين: 'سأكمل حياتي التي كنت قد بدأت بها أساسًا، وأكمل مشواري الشعري الأدبي، وفي مجال الكتابة والتصوير والتعليم. أسعى بآمال أكبر وأوسع إلى الحياة التي أطمح بها.

 

التعليقات