41 عاما على يوم الأرض: مخططات التهويد تواصل استهدافنا

مرت الأعوام منذ الـ30 من آذار/ مارس عام 1976 بسرعة ولا تزال تلك الويلات التي يعانيها المجتمع العربي الفلسطيني بفعل المخططات التهويدية للأرض والإنسان على حالها.

41 عاما على يوم الأرض: مخططات التهويد تواصل استهدافنا

مسيرة يوم الأرض في دير حنا، أمس (عرب 48)

مرت الأعوام منذ الـ30 من آذار/ مارس عام 1976 بسرعة ولا تزال تلك الويلات التي يعانيها المجتمع العربي الفلسطيني بفعل المخططات التهويدية للأرض والإنسان على حالها.

يُصارع العرب الفلسطينيون على البقاء والصمود والثبات في الجليل والمثلث والنقب والساحل، يواجهون جرائم هدم المنازل التي تصاعدت في الآونة الأخيرة بعدما استهدف الإنسان والأرض، بالإضافة إلى مواجهة العنف والفقر والتجهيل والتمييز العنصري والملاحقات السياسية.

يروي عبد العزيز أبو أصبع 'أبو عدي' من مدينة الطيبة، لـ'عرب 48'، أحداث يوم الأرض الأول في الثلاثين من آذار/ مارس 1976 وما سبقه، حيث كان شاهدا على العدوان الإجرامي الذي نفذته الشرطة الإسرائيلية، آنذاك،على أبناء وبنات الشعب العربي الفلسطيني داخل مناطق الـ48.

وقال أبو أصبع إنه 'عشية يوم الأرض الأول في العام 1976 كانت الأجواء مشحونة جدا، أوحت أن شيئا ما سوف يحل هنا على هذه البلاد، كنا نشتم رائحة هجوم السلطات وعسكرها علينا، شعرنا بأنهم يبيتون لنا شرا، كنا نراه في أعينهم، لم نخف يوما من بطشهم ولا من ظلمهم، رغم شدته، لم نهب الموت أبدا دفاعا عن أرضنا وشعبنا. اجتمع الناس والمسؤولون وأعلنوا عن يوم الأرض، يوم الإضراب العام والشامل، يوم الغضب في المجتمع العربي الفلسطيني احتجاجا على المخطط لمصادرة ونهب الأراضي العربية وتهويد الجليل، خاف بعض رؤساء السلطات المحلية آنذاك، ورفض توفيق زياد إلا أن يكون الإضراب والاحتجاج، وثار الشعب ولم يتوانى بالخروج إلى الشوارع والتظاهر وإطلاق العبارات الرافضة والمستنكرة لسياسة السلطات الإسرائيلية ومخططاتها، ولم يخف الشعب الجبار من فوهة البارود العسكرية، وكانت الحصيلة ستة شهداء أبرار، كان هذا يوم الأرض الخالد الذي زرع في قلوبنا، وكان ولا زال رمزا وطنيا لكل أبناء شعبنا'.

عاش عبد العزيز أبو أصبع تاريخا نضاليا حافلا، فقد تتلمذ في مدرسة المناضل المرحوم صالح برانسي من مؤسسي حركة الأرض، وكان أبو أصبع أيضا من مؤسسي هذه الحركة التي أقيمت للدفاع عن الأرض والمسكن.

عملت حركة الأرض منذ تأسيسها في العام 1958 ونظمت فعاليات نضالية حافلة، مناهضة لسياسة إسرائيل ومخططاتها التهويدية، وسبق لغالبية أعضائها أن اعتقلوا في السجون وذاقوا الويلات في الزنازين آنذاك.

استذكر أبو أصبع تلك الحقبة، وقال: 'سجنت بسبب إحدى التظاهرات المناهضة للاحتلال، كان في حينها حكما عسكريا، جرّني الجنود الصهاينة من الحارة القديمة في الطيبة بجانب منزلي من قدمي، وجسدي كان يجر على الأرض حتى لم تترك الكدمات مكانا سالما فيه. اقتادوني إلى المعتقل العسكري، وذقنا ويلات التعذيب حينها، لكن كل ذلك لم يكسر إرادتنا في الصمود ومقاومة مخططات التهويد'.

وأوضح أنه 'حاولنا خوض انتخابات الكنيست، لكن السلطات رفضتنا، وفي العام 65 شكلنا حركة 'النهضة' في الطيبة خصيصا لمناهضة الحكم العسكري وممارساته. في حينها لم يقتصر نضالنا لمناهضة الحكم العسكري، إنما كنا نناهض أعوان الحكم العسكري من بعض رؤساء العائلات والمتعاونين. عملنا أيضا على كبح جماح العنف والسرقات وظواهر سلبية أخرى في المجتمع'.

وعن يوم الأرض، قال أبو أصبع، إنه 'لا تغيب عن ذهني تلك المشاهد في يوم الأرض الأول، احتشدت الناس في الشوارع وجالت أروقتها وأزقّتها، كانت صرخة قوية من الناس تبين الوجع والألم والغضب الذي كان في داخلهم، كانت مساحة الطيبة على سبيل المثال قبل العام 1948 أكثر من 150 ألف دونم، ولم يبق منها إلا 19 ألف دونم اليوم، هذه بحد ذاتها نكبة لأهالي البلدة. بعد خروج الناس بحشودهم إلى الشوارع ودخول قوات الجيش اندلعت مواجهات عنيفة جدا، بدأ الشباب بإلقاء الحجارة لطرد الجيش الذي قام بالرد عليهم بإطلاق الرصاص الحي حتى استشهد الشاب رأفت الزهيري من مخيم نور شمس في الحارة القديمة أمام مبنى البنك القديم بالطيبة، كان الخبر بمثابة فاجعة، الجيش أراد ترهيبنا من خلال بطشه إلا أننا لم نهب منه أبدا، واستمرت المواجهات واعتقل العشرات من أبناء الطيبة، وكان يوم الأرض يوما ناجحا في المجتمع العربي عامة، ودحر مخططا صهيونيا لا زلنا نذكره إلى هذا اليوم وكأنه كان بالأمس'.

وأشار أبو أصبع إلى أنّ 'يوم الأرض لم ينتهِ أبدا، لا زالت المخططات الإسرائيلية مستمرة إلى هذا اليوم. لو نظرنا إلى عدم توسيع مسطحات البلدات العربية وعدم المصادقة على خرائط هيكلية تفصيلية لأيقنا ذلك. بقيت مساحة نفوذ البلدات العربية على حالها من يوم الأرض ولم توسع، والضائقة السكنية تزداد حدتها في كل فترة، ولم يبق للشباب قسائم أرض للبناء ولا يعرفون ما العمل، والبلدات العربية باتت محاطة كلها بمستوطنات يهودية تكمل مخططا مبرمجا منذ احتلال هذا الشعب وأرضه، الحكومة تتحدث مع المواطن اليهودي بلغة الخوف من التوسع الديمغرافي للعرب. ونحن علينا أن نتعامل مع يوم الأرض كأنه اليوم لأن المخططات لا زالت مستمرة، وليس فقط نستذكره كذكرى عابرة، يوم الأرض هو هدم المنازل وعدم استصدار رخص بناء، ولا يمكن أن نستثني كل هذه الأحداث التي أصبحت طبيعية في مجتمعنا، وكانت في السابق عبارة عن جريمة لا تغفر'.

وعن هدم المنازل، قال أبو أصبع، إنه 'عندما أرى الرد المتخاذل في ما يتعلق بهدم المنازل من قبلنا، أقول ألا ليت يعود الزمن يوما. يجب على لجنة المتابعة أن تعمل على توعية شعبنا تجاه الأرض والمسكن ومخاطرها بسبب المخططات الصهيونية وأن تكون شجاعة باتخاذ قراراتها وتنفيذها، أدعوها إلى أن تتبنى اللجان المحلية والقطرية التي كانت هي المغذي الأول للوطنية لشعبنا بالداخل، وعلينا أن نعي إلى ما ستؤول إليه الأحداث السياسية في الداخل الفلسطيني، وأن نتوحد ونتكاتف من أجل التصدي للمخططات التي تستهدفنا'.

التعليقات