هل باتت المحاكم الإسرائيلية أداة بيد ساسة إسرائيل؟

يستعد المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل، "عدالة"، لتقديم استئناف للمحكمة العليا الإسرائيلية، بعد سابقة إقرار المحكمة المركزية في حيفا طلب سحب مواطنة الشاب علاء زيود (22 عامًا)، من سكان مدينة أم الفحم.

هل باتت المحاكم الإسرائيلية أداة بيد ساسة إسرائيل؟

علاء زيود (عرب 48)

يستعد المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل، "عدالة"، لتقديم استئناف للمحكمة العليا الإسرائيلية، بعد سابقة إقرار المحكمة المركزية في حيفا طلب سحب مواطنة الشاب علاء زيود (22 عامًا)، من سكان مدينة أم الفحم.

ويأتي قرار سحب مواطنة زيود، بحجة تنفيذه عملية دهس وقعت على الشارع رقم 35 عام 2015، وحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 25 عامًا منذ حزيران/ يونيو الماضي.

ويأتي الحكم تحت طائلة ما يعرف بقانون الولاء، وتذرعت المحكمة المركزية في قرارها بأن إبطال مواطنة زيود هدفه الردع، وليس الانتقام، والقصد ردع الشخص نفسه.

علما بأن المحكمة العليا كانت قد رفضت التماسا، في السابق، يطالب بإلزام وزير الداخلية، بإبطال مواطنة قاتل رئيس الحكومة الأسبق، يتسحاك رابين، يغئال أمير.

وعن قرار المحكمة المركزية في حيفا والخطوات القادمة، قالت المحامية في عدالة، سوسن زهر، لـ"عرب 48"، إن "قرار المحكمة المركزية ليس نهاية الطريق، وهناك استئناف للمحكمة العليا سيقدم، ونحن أمام مرحلة طويلة لحين حسم هذا الموضوع بشكل نهائي".

هل تكون المواطنة مشروطة لأي إنسان في أي دولة؟

سوسن زهر

يعتبر الحق في المواطنة أهم حق دستوري، لأنه الحق الذي يكفل للمواطن الحقوق الأخرى، بمعنى الحق في المواطنة أم الحقوق الأخرى، ومنها تنبثق الحقوق الاجتماعية والمدنية و السياسية.

والحق في المواطنة في القانون الدولي يمنع اشتراطه ولا بأي نوع فعل، ولذلك هناك اتفاقيات دولية وقعتها إسرائيل وتعهدت بالالتزام بها، والتي تقول إنه يمنع على أي دولة سحب مواطنة إنسان وجعله دون أي مكانة.

هناك أهمية كبيرة للمواطنة في القانون الدولي، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت تجريد ملايين الأشخاص من مكانتهم ومواطنتهم.

ولكن مع الأسف، المواطنة للفلسطينيين في الداخل تعتبر وتعامل من قبل دولة إسرائيل كمواطنة من نوع "ب" أو "ج"، مشروطة وليست مفهومة ضمنا، وكأنها لا تُعطى لنا كحق وإنما كمعروف.

هذا هو الخطر الذي ينبع من قرار المحكمة المركزية في حيفا، بالإضافة للإشكاليات القانونية النابعة من القرار.

أهم ما فيه، هو الرسالة السياسية التي توجه للمواطنين الفلسطينيين في الداخل، والتي تقول إن مواطنتكم عمليا مشروطة، علما بأن المواطنة يمنع أن تكون مشروطة أصلا.

هل هناك هيئات دولية، تتيح التصدي لهذا النهج من قبل الدولة تجاه الأقلية القومية العربية، مثلا "المحكمة الدولية" الهيئة العامة للأمم المتحدة؟

حاليا لا توجد إمكانية للتوجه للمحافل الدولية. الإمكانية الوحيدة حاليا هي التوجه للمحكمة العليا الإسرائيلية، ونأمل أن تفهم المحكمة العليا مدى خطورة قرار المحكمة المركزية، لأننا نتحدث عن أول مرة تقوم فيها محكمة إسرائيلية بالمصادقة على قرار إبطال مواطنة، هذه سابقة قضائية.

في المرة الوحيدة التي وصلت قضية مشابهة لمرحلة طلب التماس، كانت لإجبار وزير الداخلية في حينه، أريه درعي، لإبطال مواطنة يغئال أمير، قاتل رئيس الحكومة الأسبق يتسحاك رابين.

وفي حينه، عندما وصل الأمر لأبواب المحكمة العليا، رفضت قبول الالتماس وإبطال المواطنة، بادعاء أن المواطنة غير مشروطة، وهي أم كل الحقوق، ولها مكانة خاصة وممنوع استخدامها كأداة ردع أو عقاب، أو انتقام من الشخص، لأن الإجراءات الجنائية، منطقيا وقانونيا، يفترض أن تكون أداة العقاب والردع من قبل أي دولة تجاه أي مواطن، وهذا ما حدث مع علاء زيود، الذي حوكم وحكم عليه بالسجن لمدة 25 عاما، وهي عقوبة أعلى من معدل عقوبة محاولة قتل جنائية عادية.

قدمتم هذه المسوغات للمحكمة المركزية التي أقرت إبطال مواطنة زيود؟

نعم رفضت المركزية هذه الادعاءات، وهذا ليس كل شيء، بل إن القاضي أعطى مصداقية بشكل واضح أنه يحق إبطال المواطنة كأداة لردع المجتمع، وهذا خاطئ جدا، لأنه يمنع استخدام الردع في مسار إبطال مواطنة، الردع يستخدم في الإجراءات الجنائية، وعلاء زيود عوقب جنائيا وحكم عليه بالسجن 25 عاما، وهذا يكفي لقضية الردع، ولذلك فإن الاستخدام خاطئ من أساسه.

الخشية تكمن بأن تكثر طلبات إبطال المواطنة للمحاكم المركزية، والتي ستقبل الطلبات، بل إن هناك تخوفا حقيقيا لأن يكون (إبطال المواطنة) أداة بيد وزير الداخلية، تستخدم فقط ضد الأقلية العربية، ومن المعطيات التي قدمناها نلاحظ أنه خلال عام 2014، نفذ 16 عملًا إرهابيًا من قبل يهود، ولم يقدم ضد أي منهم طلب إبطال مواطنة، وهذه الادعاءات ستقدم من جديد للمحكمة العليا على أمل أن تلغي المحكمة العليا القرار.

هناك شعور أن المحاكم أصبحت بيد السلطة التنفيذية، المواطنون العرب يشعرون بعدم توفر العدالة حتى لدى المحكمة العليا؟

هذا شعور ليس جديدًا، وهو نتاج كثير من قرارات المحاكم وبالذات من المحكمة العليا، ومن الواضح أن هناك حلقة وصل قوية بين القانون والسياسة، ومحاولة استخدام الأداة القانونية لتحقيق أهداف سياسية، وبهذه الحالة يكون هدفهم أقوى.

هل نحن أمام موجة لتقديم طلبات إبطال المواطنة من قبل وزير الداخلية؟

لا يمكن القول موجة، ولكن هناك تخوف أن يتزايد تقديم الطلبات لإبطال مواطنة مواطنين عرب، وهناك ملف آخر في اللد لمواطن فلسطيني ينتظر القرار، هناك بضع طلبات قدمها وزير الداخلية ضد أشخاص حاولوا تنفيذ عمليات، لا يمكن القول موجة بالمئات أو العشرات، ولكن هناك تخوف كبير أن يتم استخدام هذه الصلاحية بشكل أوسع.

 

التعليقات