كفر كنا: من فتح الأبواب أمام سماسرة الأرض؟

تعاني قرية كفر كنا من مصادرة أراضيها منذ العام 1948 كغيرها من البلدات العربية، ما جعلها تعيش أزمة سكن خانقة ونقص حاد في قسائم الأرض للأزواج الشابة.

كفر كنا: من فتح الأبواب أمام سماسرة الأرض؟

الشارع الرئيسي في كفر كنا، 2017 (عرب 48)

تعاني قرية كفر كنا من مصادرة أراضيها منذ العام 1948 كغيرها من البلدات العربية، ما جعلها تعيش أزمة سكن خانقة ونقص حاد في قسائم الأرض للأزواج الشابة.

طالبت قانا الجليل في العقود الأخيرة باسترجاع أراضيها وضمها لمنطقة نفوذها، غير أن طلباتها المتكررة رفضت ولم تلق آذانا صاغية في مكاتب السلطات الرسمية.

قضية مركبة

وفي هذا السياق، قال عضو المجلس المحلي في كفر كنا عن قائمة التجمع الوطني الديمقراطي، المهندس وليد حكروش، لـ"عرب 48" إن "قصية البناء في كفر كنا مركبة بل هي كارثة بحد ذاتها، إذ أن الأراضي التابعة للقرية تم مصادرتها طبعا وأصبحت أراض تابعة للدولة، فقامت "دائرة أراضي إسرائيل" بتوفير قسائم البناء بعد الكثير من الطلبات التي توجه بها المجلس المحلي، ولكن بعد عام ونصف من عرض القسائم تدخل السماسرة واشتروا، بطرق ملتوية، الكثير من القسائم".

وأوضح أن "صفقات السماسرة تتلخص بالتوجه للكثير من الأشخاص الذين لهم الأحقية حسب قائمة الأفضليات لشراء الأراضي، مثل الذين لهم الحاجة لشراء الأراضي حيث عرضوا عليهم مبالغ مالية للتنازل عن حقوقهم بشراء الأراضي، وهكذا أصبح السماسرة يستولون على عدد كبير من قسائم البناء مما رفع سقف أسعار القسائم".

وأضاف حكروش أن "السماسرة لم يكتفوا بذلك، بل إنهم فتحوا الباب لأشخاص غير كناويين لشراء قسائم أرض في هذه المنطقة، وطبعا هذا رفع سقف الأسعار أكثر حتى وصلت عشرة أضعاف، وعند الحديث عن مشروع (ابني بيتك) علينا أولا توضيح أقسام المشروع إذ أن المشروع يحتوي على أراض حصلها المجلس من دائرة الأراضي وأيضا أراضي ملك لعائلة كناوية بمنطقة "التلة اليعقوبية"، وتبلغ القسائم المملوكة للعائلة نحو 150 قسيمة، وجرى بناء مشروع المعابد عليها وبيع باقي القسائم للأهالي".

وإجابة على سؤال، هل فعلا يمكن اعتبار مشروع "ابني بيتك" بديلا لأهالي القرية؟ قال حكروش إنه "لا يمكن اعتباره كبديل، لأننا لا ننكر أن هناك تقصيرا من المجلس بقضية البناء في البلدة، عندما التزم المجلس الحياد بمهزلة تدخل السماسرة، طبعا يتحمل المجلس المحلي المسؤولية، لأن ما حصل أخرج المشروع من نطاق الحل البديل".

خارج عن السيطرة

وفي المجلس المحلي قالوا إنهم عملوا على إبرام اتفاقيات مع "دائرة أراضي إسرائيل" منذ 15 عاما وحتى اليوم، كان آخرها اتفاقية في العام 2010 نصت على أن القسائم المعروضة للبيع هي قسائم مخصصة لسكان كفر كنا فقط.

وفي هذا الصدد، قال مهندس مجلس كفر كنا المحلي، عوني زريقات، لـ"عرب 48" إن "المجلس المحلي عمل، على مدار 15 عاما، على توزيع نحو 250 قسيمة بناء، لمواجهة أزمة السكن في البلدة، أما قسائم الأرض في منطقة التلة اليعقوبية فهي مملوكة لأحد السكان الكناويين، ولكنها ترجع لمنطقة نفوذ قرية المشهد وليست ضمن مشروع "ابني بيتك"، وفيما يخص المشروع، فقد تم أول عرض للقسائم، ولكن فوجئنا بأن الطلب على القسائم كان أقل من المتوقع".

وأوضح أنه في أعقاب ذلك، "عقدنا اجتماعا في المجلس وأقر الاجتماع فتح الأبواب أمام مواطنين من خارج البلدة لتبقى القسائم في إطار نفوذ البلدة، وفعلا استقبلنا الكثير من الطلبات مما رفع أسعار الأراضي، ولكن في العام 2010 أبرمنا اتفاقية جديدة تنص على أحقية أهل البلدة بشراء القسائم، وذلك لتزايد الطلب على القسائم وتفاقم أزمة السكن".

وأضاف زريقات أنه "فوجئنا بتغيير قوانين العرض والبيع التي تنتهجها دائرة أراضي إسرائيل، والتي تحولت من القرعة محددة السعر لطرق المناقصات التي تعرضها الدائرة، وللتوضيح فإن الدائرة أصبحت تعرض القسائم على المتقدمين للشراء دون تحديد السعر، وتطلب منهم اقتراح الأسعار التي يعرضونها لشراء القسيمة وبعدها تجري المناقصة وتبيع لقسائم للمتقدمين بأعلى الأسعار، وهذا بالطبع قد رفع من سقف أسعار القسائم".

وأكد أن "المجلس ليس لديه أي صلاحية لنقض القوانين الجديدة، فهذه سياسة تتبعها الدولة للضغط على المواطنين العرب، والمواجهة تكون فقط باتفاق بين أهالي البلدة المتقدمين للشراء بتحديد الأسعار من قبلهم".

وختم مهندس مجلس محلي كفر كنا أنه "بالنسبة لقضية السماسرة، فهي خارجة عن سيطرتنا، لأن هذا يرجع لدائرة الأراضي التي تسمح لهم بشراء القسائم بطرق ملتوية".

نتائج كارثية

ومن جهته قال الناشط في حراك "شباب كفر كنا لغد أفضل"، هشام سعيد، لـ"عرب 48" إن "هناك أزمة سكنية في البلدة خاصة أمام الأزواج الشابة، فارتفاع أسعار القسائم حال دون قدرة الشباب على الشراء، ما دفع الكثير منهم لتفضيل السكن خارج القرية".

وتساءل: "هل يعقل أن يسكن أبناء القرية خارج كفر كنا في الوقت الذي يشتري الغرباء قسائم البناء؟ ثم لماذا هناك قسم من المنطقة مملوكة لعائلة بجد ذاتها؟ أين دور المجلس المحلي في الحد من ارتفاع الأسعار بعرض قسائم أقل تكلفة من القسائم التي يستحوذ عليها السماسرة؟".

وأكد سعيد: "نحن نعلم أن المجلس فتح الأبواب أمام السماسرة وهذا بحد ذاته غير مقبول، فبالرغم من مصادرة الأراضي ومشاكل الخارطة الهيكلية لم يحرك المجلس ساكنا لإيجاد الحلول البديلة والمستعجلة لإنقاذ مصير الأزواج الشابة".

وختم الناشط في حراك "شباب كفر كنا لغد أفضل" بالقول إن "مشكلة البناء في كفر كنا وباقي البلدات العربية لها نتائج كارثية على الأجيال الجديدة التي تضطر للهجرة خارج البلدة، وهذا طبعا بضغط من الحكومة كسياسة ترانسفير جديد للمواطنين العرب في البلاد".

التعليقات