الطيبة: بين خيوط الحصار والتضييق وهدم المنازل

لا تختلف مدينة الطيبة في منطقة المثلث عن سائر البلدات العربية في أراضي الـ48، إذ تُحاصرها المخططات وتُضيّق عليها السلطات الإسرائيلية رافضة إعادة بعض الأراضي التي سُلبت وصودرت منها لخدمة المخطط التهويدي.

الطيبة: بين خيوط الحصار والتضييق وهدم المنازل

لا تختلف مدينة الطيبة في منطقة المثلث عن سائر البلدات العربية في أراضي الـ48، إذ تُحاصرها المخططات وتُضيّق عليها السلطات الإسرائيلية رافضة إعادة بعض الأراضي التي سُلبت وصودرت منها لخدمة المخطط التهويدي.

وتُطوّق السلطات البلدات العربية بمستوطنات يهودية تحيطها من كافة جوانبها، بهدف الحد من تطورها الديمغرافي ومنع تمددها وتوسعها.

ويُمنع المواطنون العرب من إصدار تراخيص بناء على أراض بملكيتهم الخاصة، بذرائع وحجج واهية، بينها وجود المباني المقامة خارج مسطحات البلدات العربية الضيقة أصلا، في وقت يعاني فيه أصحاب المنازل من فرض الغرامات الطائلة وخطر الهدم، بينما تشهد المستوطنات اليهودية المجاورة للبلدات العربية توسعًا باستمرار وتنعم بكافة الخدمات والمتطلبات.

وفي الوقت الذي يصارع فيه عشرات أصحاب المنازل المهددة بالهدم في منطقة الطيبة، تتوسع مستوطنة "سلعيت" شرق الطيبة، ومستوطنة "تسور يتسحاك" شرق جنوب الطيبة.

سياسة عنصرية

وقال عضو اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في الطيبة، د. حسام عازم، لـ"عرب 48" إن "الطيبة كسائر البلدات العربية في الداخل الفلسطيني، تعاني من سياسة الحكومة العنصرية والتضييق السكني، فالحكومة تهدف إلى مصادرة كل الأراضي العربية، وإنشاء جهاز يمكن عن طريقه هدم أي بيت عربي بسهولة".

وأكد أن "هذه السياسة موجهة منذ فترة طويلة جدا، لكنها في الآونة الأخيرة ازدادت حدتها، وإذا تحدثنا عن مدينة الطيبة فإن مساحتها اليوم هي 18 ألف دونم، اذ استطاعت السلطات حتى الآن عبر المشاريع العديدة مثل شارع 6 وخط الغاز وخط الكهرباء ومحطة القطار وسكة الحديد وشارع 444 أن تمنع البناء في مساحة 47% من أراضي الطيبة".

خنق وحصار

وأضاف د. عازم أن "هذه العملية أدت إلى واقع مؤلم، وهو خنق الطيبة ومنعها من التطور مستقبلا، وعندما قاموا بتخطيط هذه المشاريع لم يكن أي مندوب عربي ضمنها، وإنما جلهم من الحكومة، وهذا ليس فقط تخطيط معماري إنما هو تخطيط سياسي لحصر البلدات العربية في مكانها وعدم منحها التطور وعدم تواصل المدن والقرى العربية مع بعضها البعض، كي لا تكون كتلة واحدة".

وأوضح عضو اللجنة الشعبية في الطيبة بخصوص شارع "عابر إسرائيل" أنه "كان لنا درسا في شارع 6 ما ما يعرف بـ"عابر إسرائيل" إذ أن الضرر كان فيه بشكل كبير، في حين أن أهالي الطيبة لم يأخذوا التعويضات اللازمة، لأن النضال كان غير ناجع ولم نرَ الصورة واضحة كون الأرض كانت مصادرة، ولم يكن لدينا الإمكانية للاستعادة الأراضي، لكن كان بالإمكان العمل على التعويضات من خلال النضال القضائي والسياسي، وهذا ما لم يكن مخططا بشكل جيد".

ونوّه عازم أنه "إذا ما كان هناك أي مخطط وقد مُرّر، فيجب علينا أن العمل لتخفيف الخسائر، كما هو الحال الآن مع محطة القطار، وأن نطالب بأن تكون تابعة للطيبة كي تعود فائدته على الأهالي، لأن الأراضي التي صودرت لأهل الطيبة".

استهداف أراضي البلدات العربية

وعن خط الغاز، قال د. عازم إنه "اقتطع من أراضي الطيبة عشرات الدونمات، وهذا مثال صارخ على أن الأرض هي المستهدفة من قبل الحكومات المتعاقبة، حيث تعمدت السلطات ألا تمرر خط الغاز بجانب "عابر إسرائيل" المحاذي للطيبة واستغلت الفرصة، مع أن الإمكانية كانت متاحة هناك، لكنها أصرت على أن تأخذ مسارا آخر ليحصد أراض أخرى من مسطح الطيبة وبذلك تمنع بهذا أولا البناء على هذه الأراضي، وتمنع التواصل مع مدينة قلنسوة المجاورة".

وتطرق إلى مخطط التحريش بالقول إن "أهالي الطيبة يحبون الطبيعة، ولكن نحن نريد أولا المكان لأن نبني الإنسان وأن نوفر سقفا يأوينا قبل أن نتمتع بالطبيعة، ما فائدة الطبيعة إذا لم نلق مسكنا، جميلة هي الطبيعة والأشجار إلا أن الأولويات هي للبناء، ومخطط التحريش منع التطور المعماري وحرم مئات العائلات من المسكن على أراض بملكيتهم الخاصة".

وتساءل د. عازم "أين الحياة في الطيبة، وأين هو المستقبل؟ أصبحنا محاطون من كافة الجوانب دون إمكانية للتطور، يحاولون إرضاءنا بالمصادقة على بعض الدونمات خلال كل هذه السنوات".

الوحدة والتصدي

ورأى عضو اللجنة الشعبية في الطيبة أنه "لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي ونقول إنه لا أمل لدينا، علينا أولا أن نتخذ الموقف الصحيح في كيفية إدارة هذه المعركة، من خلال البرلمان والتصدي للقوانين، ومن خلال البلديات بأن تأخذ دورها بالتخطيط. لا يمكنا أن ننتظر بأن تخطط السلطات لنا وتعيق تطور بلداتنا، وعلينا أن نجهز الخرائط التي توفر مساحات البناء لأهالي الطيبة، ونأمل أن تشرع البلدية بهذا المشروع".

وختم د. عازم بالقول إن "وقت الشعارات انتهى وحان وقت العمل، يجب أن ننزل إلى الشوارع ونتفقد بأنفسنا، لأن هذه الفترة صعبة، يجب علينا أن نتكاتف، وآن الأوان لأن نغّير مسار النقاش من السياسي الحزبي والعائلي إلى نقاش كل الطيبة أمام السلطة والحكومة، علينا أن نقيم بوادينا كما صمد أجدادنا وعبروا النكبات المتتالية. لدينا القدرة بأن نصنع المستحيل، وأقول للشباب الذين دخل اليأس إلى قلوبهم، لا تيأسوا، وإذا أردت أن تعيش فقم وابتسم للحياة، افعل لنفسك لأنك لن تجد من سيعمل لك، والقيادات بلا شعب واع لا يمكنها فعل أي شيء".

التعليقات