إهمال مقصود... تفاقم العنف والجريمة في أم الفحم

تحولت شوارع البلدات العربية إلى "ساحة حرب" دون رادع، سقط 70 ضحية بينها 10 نساء، ومئات الإصابات، في جرائم القتل بإطلاق النار والطعن بالسكاكين والدهس المتعمد بواسطة السيارات في العام الماضي 2017.

إهمال مقصود... تفاقم العنف والجريمة في أم الفحم

أم الفحم، شباط 2018 (عرب 48)

وكأننا اعتدنا على مشاهد العنف والجريمة، ولم يعد غريبا تكرار الأخبار والتفاصيل المتشابهة في كل يوم.


تحوّل إطلاق النار في أزقة وشوارع البلدات العربية إلى أمر روتيني، قتلى وإصابات، وتهديدات ورصاص متطاير، تحت أنف الشرطة وصمت مريب داخل المجتمع، جرح ينزف وصرخات تمزق القلب.

وتحولت شوارع البلدات العربية إلى "ساحة حرب" دون رادع، سقط 70 ضحية بينها 10 نساء، ومئات الإصابات، في جرائم القتل بإطلاق النار والطعن بالسكاكين والدهس المتعمد بواسطة السيارات في العام الماضي 2017.

لم تكن مدينة أم الفحم في منطقة وادي عارة حالة استثنائية من حيث تفاقم العنف والجريمة، فقد باتت غالبية البلدات العربية تُكوى بهذا الواقع الأليم.

ويظهر واضحا تخاذل الشرطة في محاربة العنف والجريمة بأم الفحم كغيرها من البلدات العربية، حيث وقعت في العام الماضي 5 جرائم قتل في المدينة.
وفي خطوة لافتة، وجهت جميع الجهات الفاعلة في أم الفحم، بلدية أم الفحم، اللجنة الشعبية، الغرفة التجارية، اتّحاد أولياء الأمور، هيئة الأئمّة، رسالة إلى كل من وزير الأمن ومراقب الدولة، تحمّل فيها الشرطة مسؤولية تفاقم الجريمة وتوسع نفوذ وحرية حركة عصابات الجريمة، في إشارة واضحة أن الأمر يتعدّى الإهمال المقصود، ويصل لدرجة التغطية على عصابات الجريمة.

ويُستدل من إحصائيات رسمية أنه تم تقديم 3 لوائح اتهام فقط في جرائم قتل وإصابات خطيرة اقتُرفت في الأعوام الثلاثة الأخيرة بأم الفحم، فيما بلغ عدد جرائم إطلاق النار 521 جريمة، وفي العام 2017 تم تقديم لائحة اتهام واحدة فيما بلغ عدد جرائم إطلاق النار 163 جريمة.

وبحسب الإحصائيات أيضا تبين أنه منذ العام 2015 وحتى 2017، قُدم 1003 بلاغات للشرطة حول جرائم إطلاق النار في أم الفحم، قدم 264 منها في العام 2015، و358 في العام 2016، فيما تم تقديم 381 في العام 2017.

وتبين من الإحصائيات كذلك أنه في العام 2015 فتحت الشرطة ملفات تحقيق في 173 جريمة إطلاق نار مختلفة، قدمت فيها 41 لائحة اتهام فقط، وفي العام 2016 فتحت 163 ملفًا في جرائم إطلاق نار، قدمت لوائح اتهام في 27 ملفًا فقط، أما في العام 2017 الماضي، فتحت الشرطة 133 ملف تحقيق في بلاغات قدمها مواطنون عن إطلاق نار، قدمت فيها 25 لائحة اتهام فقط.

مخطط مدروس

أحمد شريم

وقال رئيس اللجنة الشعبية في م الفحم، أحمد شريم، لـ"عرب 48" إن "ظاهرة العنف والجريمة مرعبة وتنشر الخوف بين الناس. البعض يضع قيودا على تحركات الأبناء خصوصا في ساعات المساء خوفا عليهم، والبعض الآخر اعكس ذلك على مصالحهم التجارية. للأسف، يوجد لا مبالاة لدى المواطنين، الكل يحمل الآخر المسؤولية، لكن كل الهيئات الرسمية في المجتمع من لجنة شعبية إلى سلطة محلية يتحملون كامل المسؤولية في هذا الجانب".

وأضاف أن "الشرطة لا تفعل شيئا لكبح جماح هذه الظاهرة، بل إنها ليست فقط متواطئة إنما هي متورطة مع عالم الإجرام في أم الفحم، وقد سبق أن اتُهم أفراد من الشرطة بتسريبهم معلومات للعصابات الإجرامية في المدينة".

وأكد رئيس اللجنة الشعبية أن "السلاح لا يهبط علينا من السماء. من أين يأتون بالرصاص؟ كل ها مصدره الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية، وهذا الأمر ليس جديدا".

وختم شريم بالقول إن "ظاهرة العنف والجريمة وانتشار السلاح بمئات آلاف القطع غير المرخصة نتاج السلطة، وهذا مخطط له ومدروس بهدف البقاء في حالة قتال مع أنفسنا، ونعرض عن قضيتنا الأساسية ألا وهي المطالبة بحقوقنا من الحكومة الإسرائيلية".

دور الأسرة

سعيد محاجنة

وقال ابن أم الفحم، سعيد محاجنة، لـ"عرب 48" إن "تفاقم العنف والجريمة جعلنا نخشى خروجنا من المنازل لقضاء أمورنا الحياتية اليومية ونخاف على أولادنا إذا ما خرجوا من البيوت أيضا، في هذه الأيام. يوجد خوف شديد لدى الأهالي من ازدياد حالات العنف".

وأشار إلى أن "التربية معدومة تماما لدى الكثير من الشباب، التربية متردية لدى الأهالي، يجب على الآباء مراقبة أبنائهم، ومصدر مالهم وأغراضهم ومعرفة أصحابهم. غابت ثقافة السمع والطاعة لكبار السن في الفترة الأخيرة. تتردد كثيرا في توجيه كلمة لأي شاب حتى وإن كنت على حق. بعض الشباب يتجولون والسلاح بحوزتهم، مجرد خلاف بسيط ينتهي بجريمة، والمطلوب تفادي كل هذه الخلافات".

وختم محاجنة بالقول إن "التربية هي عماد المجتمع، المؤسسات لا يمكنها أن تكون المربي الأول لأبنائك، إنما الأسرة. يجب أن نبدأ فعلا كل من بيته، علنا نستطيع أن نغير شيئا".

واقع لا يطاق

محمد محاجنة

وقال المواطن محمد محاجنة لـ"عرب 48" إن "ظاهرة العنف لها أسباب عديدة، وبحسب رأيي يغذيها العامل الاقتصادي والفقر والبطالة والأوضاع الاقتصادية المتردية للناس، إضافة إلى الضغط النفسي والسياسي الذي نعيشه في البلدة والمجتمع العربي".

وأضاف أن "المجتمع العربي عموما وأم الفحم خصوصا يواجهون حصارا سياسيا واقتصاديا. التوتر في الشارع الفحماوي جلي وواضح بسبب هذه الضغوطات. أنا إنسان مسالم، لكنني لا أشعر بالراحة بسبب التوتر".

وعن ازدياد العنف والجريمة في أم الفحم، قال محاجنة إن "أم الفحم تشهد ارتفاعا في حالات العنف منذ 10 أعوام، وذلك بعد أن افتتح مركز الشرطة".

وختم بالقول إنه "من الطبيعي أن أخاف على نفسي وعلى أولادي وأسرتي في هذه الأوضاع الكئيبة. يجب علينا بالفعل أن ننهض ونبدأ بالتغيير الجذري، لأن الواقع أصبح لا يطاق".

الصمت جريمة

محمود إغبارية

وقال عضو اللجنة الشعبية في أم الفحم، محمود إغبارية، لـ"عرب 48" إن "اللجنة الشعبية توجهت برسالة إلى وزير الأمن الداخلي تعتبر لائحة اتهام ضد المؤسسة الإسرائيلية لأنها لا تقوم بواجبها من أجل ردع الجريمة بأم الفحم".

وأكد أن "الصمت من قبل الشرطة على تفاقم العنف وانتشار السلاح، المرخص وغير المرخص، في أم الفحم جريمة وهو بمثابة ترخيص للسلاح ويزيد من انتشاره، ونحن لا زلنا نؤكد أنه منذ افتتاح مركز الشرطة ازدادت ظاهرة العنف وانتشار السلاح وإطلاق النار في أم الفحم".

وختم إغبارية بالقول إن "الشرطة لا تقوم بواجبها، ويبدو أن هناك مصلحة سياسية للمؤسسة الإسرائيلية في نشر الفساد من خلال نشر السلاح في بلدنا وبلداتنا العربية في البلاد. للأسف الشديد، لست بصدد اتهام الشرطة فحسب، بل نحن لا بد أن نحاسب أيضا أنفسنا كمجتمع من تفاقم العنف والجريمة في بلدنا ومجتمعنا".

التعليقات