بئر المكسور: إصابات بالسرطان وتصدع بالمنازل بسبب انبعاثات الكسارة

يعاني المئات من سكان حي "العوابدة" شمالي قرية بئر المكسور، المحاذي لكَسَّارَةُ الحِجَارَةِ "حنتون"، من تلوث بيئي بسبب الغبار المنبعث من الكسارة، بالإضافة إلى تسبب تفجير الألغام المستخدم لاستخراج الصخور بتصدع عدد من المنازل.

بئر المكسور: إصابات بالسرطان وتصدع بالمنازل بسبب انبعاثات الكسارة

(عرب 48)

يعاني المئات من سكان حي "العوابدة" شمالي قرية بئر المكسور، المحاذي لكَسَّارَة الحِجَارَةِ "حنتون"، من تلوث بيئي بسبب الغبار المنبعث من الكسارة، ومن الضجة التي تحدثها آلات تكسير الحجارة ليل نهار، بالإضافة إلى تسبب تفجير الألغام المستخدم لاستخراج الصخور بتصدع عدد من المنازل، فيما ينسب البعض ارتفاع أعداد إصابات قاطني الحي بالأورام السرطانية إلى هذه الأسباب، ويطالبون وزارة الصحة بإجراء دراسة بيئية لمعرفة التأثير الحقيقي للتلوث الذي تحدثه الكسارة على أهالي الحي.

وخلال جولة ميدانية أجراها مع مراسلنا في أروقة حي "العوابدة "، أكد عضو مجلس بئر المكسور المحلي، فتحي حريب، لـ"عرب 48" أنه "نحن متيقنون أن تصدع عدد من المنازل التي لا تبعد عن الكسارة اكثر من 300 متر، تعود أسبابها للألغام المتفجرة والارتجاجات الأرضية التي تحدث عند استخدامها لتفتيت الصخور، ناهيك عن حجم الإزعاج والتلوث والغبار الذي لا يتوقف على مدار اليوم".

كسارة "حنتون" (عرب 48)

وأضاف حريب أن "المشكلة الأكبر أن هناك حالات مرضية منها إصابات بالسرطان وأمراض مزمنة، خاصة لدى الأطفال وكبار السن، مثل مشاكل تتعلق بالتنفس وحالات إصابة بالربو والحكات الجلدية بسبب التلوث البيئي والغبار الكثيف الذي يأتينا من الكسارة، ويعتقد غالبية الأهالي أن كل هذا يحدث بسبب التلوث والغبار الذي يكسو المنازل ويكسو الأشجار التي لم تعد تصلح ثمارها للأكل".

وتابع حريب "نحن في حي العوايدة محرومون من فتح نوافذ وأبواب بيوتنا التي يكسوها الغبار، صوت الضجيج المنبعث من أصوات الماكينات الضخمة والشاحنات التي لا تتوف على مدار الليل والنهار لا يعقل ولم يعد يحتمل، هذه المعاناة ترافقنا منذ 40 عاما".

وحول الخطوات الاحتجاجية التي يسعى سكان الحي إلى التعبير عن مطالبهم من خلالها، قال حريب: "توجهنا للقضاء منذ العام 2012، ومن أجل ذلك استعننا بالمحامي من جودة البيئة، علاء حيدر، وجمعية الجليل، كما توجهنا لجهات أخرى كثيرة، لكن هذا الملف لا زال عالقا لغاية اليوم دون حلول عملية مطروحة".

وأوضح: "اليوم نحن نواصل العمل، والآن قررنا أن نستعين بوسائل الإعلام المختلفة لإثارة الموضوع، وللإعلام دور مساند هام، وهذا بعد أن قمنا بتنظيم عدد من التظاهرات الاحتجاجية، وسنصعد من هذه الاحتجاجات، وسنراجع المحامي أيضا لمعرفة أين تقف الأمور فيما يتعلق بالمستوى القضائي". وخلص حريب إلى القول: "الأنكى من كل ذلك، أن السلطات المعنية تدرس مخططًا لتوسعة الكسارة، بدلا من توفير الحلول البيئية لأهالي الحي".

بدوره، أكد المواطن محمد قاسم عوابدة، في حديثه لـ"عرب 48" معاناة أهل الحي، وقال: "أنا أعاني من أمراض مزمنة منذ سنوات وحياتي تضج بالأصوات المزعجة، أعاني من مشاكل في جهاز التنفس وأنا أعيش بمساعدة الأدوية وجهاز للتنفس الصناعي منذ 20 عاما"، وشدد عوابدة أن "هذا الغبار الذي يكسو الجو والمنازل يزيد من المعاناة"،  وأكد: "بل أنا مقتنع بأنه المصدر الأساسي للأمراض، ناهيك عن تصدع بيتي بسبب الاهتزازات التي تحدثها ألغام الكسارة... حياتنا أصبحت لا تطاق".

وأوضح حسين حجيرات، الذي يسكن في نفس الحي، في حديثه لـ"عرب 48" أنه إلى جانب الأمراض المزمنة، التي تشمل حالات إصابة بالحكة الجلدية، "هناك العديد من حالات الإصابة بمشاكل في السمع بسبب الأصوات المنبعثة من الكسارة"، وأشار إلى أنه "بالإضافة إلى كل هذه المعاناة يتبعها الغبار الذي لا يتوقف، يكسو منازلنا ويكسو أشجار التين والعنب وغيرها من الثمار التي باتت لا تصلح للأكل، كما أن أطفالنا محرومون من اللعب في الخارج بمثل هذه الأجواء الملوثة، يذهبون للمدارس ويعودون والغبار يكسو ثيابهم".

وختم حجيرات بالقول: "بالأمس فقط توفي شاب متأثرًا بإصابته بمرض السرطان، والحي يشهد ارتفاعا في حالات الإصابة بالأمراض السرطانية".

وفاة حسن ياسين بمرض السرطان...

توجه "عرب 48" لبيت العزاء الذي أقيم بالحي، وفي حديث مع حسن علي ياسين، والد المتوفى حسن ياسين (40 عاما)، قال: "بحسب ما نعلم، هناك عدد كبير من حالات المرض وأكثرها حالات إصابة بمرض السرطان". وأضاف "نحن مقتنعون أن مرض ووفاة ابني هي بسبب التلوث البيئي الذي تسببه الانبعاثات التي تصدرها الكسارة"، وتابع أنه بالرغم من عدم وجود بحث بيئي يثبت صحة ذلك لغاية الآن، فإن الأهالي مقتنعون بأن الكسارة هي السبب الرئيسي لانتشار الأمراض".

في المقابل، أوضح المحامي علاء حيدر لـ"عرب 48"  وقال: "قمنا بالتعاون مع جودة البيئة وجمعية الجليل والمجلس المحلي والجمهور المعني، في العام 2012، بالتوجه للمحكمة للاعتراض على مخطط توسعة الكسارة، واعتبرنا أن المسار القضائي هو الأفضل للبت في مثل هذه القضايا".

وتابع قائلا:  "للأسف لم ننجح بانتزاع قرار يمنع التوسعة، وسوغت المحكمة قرارها الرافض لاعتراضنا بأن هذا المخطط يعتبر ضمن ما يسمى ‘المشاريع القومية‘". وأضاف حيدر: "عقدنا مؤخرا اجتماعًا مع ممثلي الجمهور من بئر المكسور، بمشاركة ممثلي وزارة الداخلية، لكن الإجابة كانت أن ‘المشروع قومي‘ ولا يمكن إيقافه".

وأضاف: "نحن من جهتنا نسعى لتطبيق القوانين البيئية، توجهنا مؤخرا لوزارة الصحة لإجراء بحث ودراسة صحيّة لمعرفة أثر الأضرار البيئية وانبعاثات الكسارة على المواطنين"، وختم القول: "ضمن هذه المتابعة للقضية، نحاول أيضا نقل الكسارة لنفوذ مجلس بئر المكسور المحلي، الأمر الذي سيغير سبل التعاطي مع القضية إذا ما تم".

 

التعليقات