العنف يضرب المجتمع العربي ورهط تصرخ: لا مكان للعنف بيننا

وقال مدير المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها سابقا، فادي مسامرة، لـ"عرب 48"، إن "العنف الاجتماعي وصل منذ سنوات إلى حد الاستيعاب الأقصى للفرد، وقد تعدى هذا الحد منذ زمن، لا أعتقد أن نهايته سوف تكون قريبة".

العنف يضرب المجتمع العربي ورهط تصرخ: لا مكان للعنف بيننا

(صورة توضيحية)

في مطلع العام 2017 أصدر مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست الإسرائيلي، تقريرا حول العنف والجريمة في المجتمع العربي بين السنوات 2014 ومطلع العام 2017، مقارنة مع أنواع جريمة مماثلة في المجتمع اليهودي.

ويُظهر التقرير معطيات وأرقاما خطيرة، لكنها للأسف غير مفاجئة، في ظل التكرار اليومي والمؤسف لجرائم القتل وإطلاق النار، وفي ظل فوضى السلاح في البلدات العربية.

ويستدل من التقرير أنه بين السنوات 2014-2016 سقط 310 ضحايا لجرائم قتل، أي بمعدل 100 ضحيّة سنويًا، 64% من ضحايا جرائم القتل بين هذه السنوات هم من المجتمع العربي.

كما يظهر أنه في النصف الأول من عام 2017 سقط 77 ضحية في جرائم القتل 41 منهم عرب، أي ما يعادل نسبة 53%.

آثار العيارات النارية في جدار مبنى بلدية رهط، أمس

ويُستدل أيضا من هذه المعطيات أن نسبة ضحايا جرائم القتل لكل 100 ألف مواطن في كل سنة من السنوات 2014-2016، في المجتمع العربي أعلى بخمسة أضعاف من نسبة الضحايا في المجتمع اليهودي.

ويظهر أنه بين السنوات 2014-2016 جرى تقديم 174 لائحة اتهام في القتل المتعمد، وأنه في 57% من الحالات تبين أن المتهمين هم مواطنون عرب، مقارنة بنسبة 44% في العام 2017.

ويشير التقرير بشكل واضح إلى تقاعس الشرطة في حل لغز جرائم القتل حين تكون الضحية من المجتمع العربي، وتبين أنه في 70% من ملفات القتل التي سقط ضحيتها مواطنون عرب بين الأعوام 2014-2017 لم يتم حلّها أو لم تقدم لوائح اتهام فيها حتى اليوم، ونسبة كبيرة من هذه الملفات لا زالت قيد التحقيق في الشرطة.

ترتفع معدلات الجريمة في سنوات وتنخفض في أخرى، لكن الواقع المستخلص أن العنف وفوضى السلاح واقع موجود وحقيقة ملموسة لا يرى المجتمع انثارها في الأفق القريب، أو بوادر للسيطرة عليها.

يلتقي هذا الواقع مع تقاعس مقصود من الشرطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية، يراه الكثيرون من أبناء المجتمع العربي.

شهدت مدينة رهط، أكبر تجمع عربي في النقب، وثاني أكبر مدينة عربية في الداخل الفلسطيني (أراضي 1948) على مدار السنوات الأخيرة أعمال عنف، كما عانى أهلها في عدة جرائم إطلاق نار متعمدة وغير متعمدة، كان آخرها إطلاق النار على مبنى بلدية رهط، أمس الخميس، ولم يبلغ عن وقوع إصابات بشرية بعد إطلاق أكثر من عشر رصاصات باتجاه المبنى المعروف بالازدحام والحيوية بشكل شبه دائم، بالإضافة لعدم معرفة خلفية إطلاق النار على مبنى البلدية.

استهجن واستنكر العديد من الأهالي في مدينة رهط والنقب الجريمة، ونعت الكثيرون إطلاق النار في الحيز الجماهيري وعلى المرافق العامة، بالعمل الجبان، غير المبرر وغير المسؤول، وبأنه تهديد للحياة والنسيج الاجتماعي في رهط.

فادي مسامرة

وقال مدير المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها سابقا، فادي مسامرة، لـ"عرب 48"، إن "العنف الاجتماعي وصل منذ سنوات إلى حد الاستيعاب الأقصى للفرد، وقد تعدى هذا الحد منذ زمن، لا أعتقد أن نهايته سوف تكون قريبة".

وأضاف أنه "لا مصلحة للأجهزة الأمنية في دولة إسرائيل بشن حرب حقيقية على العنف والجريمة في المجتمع العربي، لأن الجريمة تخدم الرؤية الأمنية الإسرائيلية والتي تقضي بالحد من التكاثر العربي بقدر الإمكان، ويبدو أن الطريقة المثلى التي وصلت إليها السياسة الصهيونية هي السماح للعرب بقتل بعضهم البعض".

وأكد مسامرة أن "سنوات الحكم العسكري في النقب ذوتت آثارا جانبية عميقة في نفوس الآباء ونقلتها إلى الأبناء. الضعف ونقص الحيلة وسنوات من محو الوعي ومحاولات طمس الهوية بالإضافة إلى سياسة فرق تسد هي التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، وانقسمنا على ذاتنا".

وختم مسامرة بالقول إن "من يصل إلى حد إطلاق النار على ابن شعبه، بسبب خلافات الحيز الضيق التي زرعتها فينا السلطات الإسرائيلية، هو الأضعف".

نديم الزيادنة

وقال المُدرب وموجه المجموعات، نديم الزيادنة، لـ"عرب 48" إنه "لا حدود لما قد يفعله جاهل عند إعطائه الصلاحية المطلقة بلا حسيب أو رقيب".

وأضاف أنه "على مدار قرون من الحضور الاجتماعي والسياسي في المنطقة، تميز المجتمع العربي في النقب بالمنظومة الاجتماعية السياسية التي وضعها لنفسه لتسيير أمور الحياة اليومية لأفراده، والوصول إلى أفضل صيغة ممكنة للحياة الاجتماعية، وهنا برز القضاء العشائري الذي استطاع من خلاله أهل النقب وضع ضوابط لقضايا مصيرية، منها الثأر، ‘العار’، والعلاقة مع السلطة".

وأكد أنه "احترمت كل الأنظمة التي حكمت المنطقة ومرت على عرب النقب، خصوصية الصحراء وأهلها، وحرصت على عدم التصادم مع عرب النقب البدو، إلا هؤلاء الذين حاولوا التغلغل فيه وتدميره، وفعلا وهذا ما نشهده، اليوم، العنف والجريمة وتفكك المجتمع هي نتائج مباشرة لتعامل السلطات الإسرائيلية مع المجتمع أو شراكته للوصول إلى هذه النتائج".

وختم الزيادنة بالقول إنه "نستنكر بشدة، أفرادا ومجتمعا، كل مظاهر العنف في المجتمع الواح. نحن الأشد حاجة إلى الوحدة في ظل الواقع الذي نعاني منه".

سفيان النصاصرة

وقال الناشط السياسي، سفيان النصاصرة، لـ"عرب 48" إن "الدلالة الوحيدة التي قد يدل عليها استخدام السلاح ضد أبناء الشعب الواحد، هي الضعف والخوف. هذه الأعمال البربرية تؤثر على جميع أبناء البلد، وتنتج حالة من الخوف العام، كما تنقص من المستوى المعيشي للأفراد بشكل مباشر".

وأكد أنه "مرت على النقب أيام لم يستطع الناس الخروج فيها إلى الشوارع الرئيسية، وممارسة حياتهم الطبيعية، والسفر والذهاب إلى العمل، وذلك لمعرفتهم بأن هناك احتمال تعرضهم للرصاص الطائش الذي يتواجد بكثرة في النقب".

وختم النصاصرة بالقول إنه "على الجميع أخذ دورهم، لضبط الشباب الطائش وتثقيفهم لما قد تفعل أيديهم عند استخدام السلاح الذي لا يملكون له جهوزية معرفة أو نفسية، ونحن نرى النتائج الوخيمة لهذا الأمر، اليوم".

وقال عضو اللجنة الشعبية في رهط، خالد أبو سكوت، لـ"عرب 48": "نستنكر بشدة الاعتداء على مبنى بلدية رهط، وكل أشكال العنف والفوضى التي تأتي على شاكلة هذا العمل، فوضى السلاح والعنف لا مكان لها في بلدنا رهط ولا في أي مكان في النقب".

وأضاف أن "ما حدث في رهط هو عمل غير مفهوم وغير مبرر، جرى فقط بدافع الفوضى من أفراد طائشين، نرفضه بشكل كامل ولن نقبل أن يكون جزءا من حياتنا اليومية. شهدنا في السنوات الأخيرة تصاعدا لأعمال العنف وفقدان للسيطرة من كل الجهات، بالإضافة إلى تقاعس الشرطة في أداء عملها، وتصرفها على أساس عنصري وإجرامي عند محاولة تنفيذها لأي عمل شرطوي كان".

وختم أبو سكوت بالقول إن "مدينة رهط ترفض هذه الأفعال، كما نعلم أن النقب يرفضها، وعلى الشيوخ والقيادات والأهل في البيوت ممارسة دورهم في الردع والتوعية".

التعليقات