"ماما وين بدنا نروح إذا هدموا البيت؟"

عن حال أولادها الأربعة الذين يواجهون خطر التهجير الذي يحيط بهم، عشية افتتاح العام الدراسي الجديد، قالت إن "معنوياتهم تحطمت، ثقتهم بي أصبحت مهزوزة، لأني في كل مرة كنت أطمئنهم على البيت ولكن ها هو سيهدم أمام أعينهم".

(عرب 48)

جاءت أوامر الهدم التي أصدرتها السلطات الإسرائيلية، لتزيد من معاناة عائلة جولاني من قرية عارة في منطقة المثلث، وذلك في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعيشها العائلة، وبات خطر الهدم شاخصًا مهددا منزلهم بالهدم الفوري الذي قد يحصل في أية لحظة، والذريعة ذاتها؛ "البناء غير المرخص".

قد لا يكون منزل عائلة جولاني "منزل الأحلام" بمعايير الكثيرين، فهو يفتقد إلى مقومات البيت الكامل، إذ بني على مساحة صغيرة، وبسقف معرشٍ ليأوي عائلة من 6 أنفار، عاشت طيلة حياتها متنقلة من بيت إلى آخر باحثة عن المأوى، إلا أن ذلك لا يشغل السلطات الإسرائيلية، حتى وإن كان المنزل بني على أرض بملكية خاصة، وليس وسط شارع أو ملك عام.

وبعد أن استنفدت العائلة، كافة الوسائل المتاحة للدفاع عن البيت، بقي لعائلة جولاني وأطفالهم الأربعة، انتظار "رحمة تنزل من السماء"، فيما تواصل الشرطة حملة مكثفة من الضغط اليومي على أفراد العائلة، لدفعهم إلى هدم بيتهم بأيديهم وإلا تكبدوا خسائر مادية جسيمة وتحملوا تكاليف الهدم الباهظة، إذا ما أقدمت الجرافات الإسرائيلية على ذلك.

وبين هذا وذاك، تعيش عائلة جولاني في حالة من التخبط؛ "أن تهدم السلطات بيتنا فهذا أمر صعب جدا، ولكن أن نهدمه بأنفسنا فهو أمر أكثر صعوبة ولا يتحمله العقل ولا المنطق"، تقول داليا جولاني، في حديثها لـ"عرب 48".

انتهت فترة أمر تجميد الهدم قبل نحو أسبوعين، وحتى الآن، رفضت المحكمة كافة الاقتراحات المقدمة من أجل تجديد أمر التجميد، ولا تزال السلطات تصر على الهدم في حين ترفض كافة الخرائط المقدمة والحلول المقترحة.

"ما يؤلمني ويفطر قلبي هم أولادي الصغار، كيف أوصف لهم الحال، كيف لي أن أخرجهم من هذا البيت الذي وضعنا الغالي والنفيس فيه، وكيف ستكون مشارعهم حين يروه ركاما"، هكذا استهلت دالية جولاني صاحبة المنزل حديثها، علما بأن الأسرة مكونة من زوجين و4 أطفال حيث يعيشون في المنزل منذ شهر آذار/ مارس الماضي، بعدما قام ببنائه قبل نحو العام ونصف.

 وتابعت جولاني حديثها بالتأكيد على أنه "حين اشترينا قطعة الأرض كانت مخصصة للبناء، ولكن بعد فترة دون أن ندري تم تغيير خاصية الأرض من البناء إلى الزراعة، دون أن يخبرنا أحد من المجلس أو لجنة التنظيم". وأضافت: "بيتنا لا يعتبر بيت أصلا، هو عبارة عن جدران ومعرشة، ولا يرتقي إلى مستوى البيت، هو أشبه ببيوت الأنعام، ويستكثرونه علينا؟".

وحول التكاليف أوضحت جولاني: "ما يثير غضبي وحزني أننا دخلنا في ديون لأعوام طويلة، من قروض وتعهدات من أجل أن نبني هذا البيت ليسترنا، وضعنا كل ما نملك وما لا نملك فيه، من الداخل جهزناه بكل اللوازم، علما بأن دخلنا محدود، لا أدرى كيف سنتعامل مع هذه المأساة".

 واستطردت "نحن نعيش في أكثر من مأساة، سيهدم بيتنا، وسنستمر بدفع تعهداتنا المالية وتسديد الديون، وفي المقابل سوف نعود للعيش في شقق الإيجار، أشعر أنني سأنفجر من شدة التفكير، حتى اليوم لم أشتري الكتب المدرسية للأولاد، وسط دوامة البحث عن منزل للإيجار. نحن في متاهة".

وعن الإجراءات، أوضحت أنه "وصلنا إلى طريق مسدود، جميع الوسائل استنفدت، المحامي لا يملك المزيد من الآليات من أجل التقدم في القضية، هو يطالب كل من المجلس ولجنة التنظيم المحلية، تقديم خرائط جديدة للمنطقة، ولكن يبدو أن الأمر يحتاج إلى وقت، ولهذا ترفض المحكمة طلب التجميد، بداعي عدم وجود أفق تخطيطي".

وتابعت: "تقف اللجنة الشعبية إلى جانبنا وأيضا المجلس، ولكن على أرض الواقع لا نرى أن شيئا يتحرك، وأن جهة بمقدورها حماية بيتنا".

وعن حال أولادها الأربعة الذين يواجهون خطر التهجير الذي يحيط بهم، عشية افتتاح العام الدراسي الجديد، قالت إن "معنوياتهم تحطمت، لقد أطلعتهم على ما يجري ولكن ثقتهم بي أصبحت مهزوزة، لأني في كل مرة كنت أطمئنهم على البيت ولكن ها هو سيهدم أمام أعينهم. يقتلني انكسارهم حال هدم البيت، وحين يسألونني ماما وين بدنا نروح إذا هدموا البيت؟ هنا أعجز عن الإجابة".

بدوره، قال رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في وادي عارة، أحمد ملحم، في حديث لـ"عرب 48" إن "الذريعة التي دائما تستخدمها الدولة هي عدم إصدار تراخيص بناء وخرائط مفصلة، وهذا يعني أن على السلطات المحلية العمل على تهيئة الظروف. واستغل هذا المنبر لأنوّه أن هنالك العشرات من البيوت في وادي عارة المهددة بالهدم بشكل فوري، ولكن ما يميز مأساة عائلة جولاني أن بيتهم مأهول ويأوي 4 أطفال وزوجين".

أحمد ملحم

وتابع أنه "لا بد من وقفة شعبية من أجل صد الهدم، ولكن العمل الشعبي في الفترة الأخيرة بات ضعيفا لسبب رئيسي، غياب تنظيم غرفة طوارئ ترافق النضال المانع الرامي لمنع الهدم، وبالإضافة إلى التقصير في إنجاز العمل التخطيطي من قبل السطلة المحلية، والتي تستدعي توفير التخطيط المناسب للرجوع إلى المحاكم، من أجل إعطاء مهلة لتسوية أوامر الهدم، ولكن بدون تخطيط، فإن العمل الشعبي يبقى هَشًا، يمكنه أن يؤجل الهدم مدة يوم أو يومين، أو حتى شهر، ولكن الخطر سيعود خلال فترة قصيرة".

واعتبر أن "نقطة الانطلاقة يجب أن تكون من السلطة المحلية، العمل السياسي هو عمل ثانوي، السلطة المحلية يمكنها أن تتواصل مع جميع الوزارات لأنها هي ممثلة الجمهور أمامهم. العمل السياسي في البرلمان ضعيف جدا ولا يمكن أن نعول عليه، نحن لا نحتاج إلى قائمة مشتركة في الكنيست للإصدار خارطة هيكلية وهذه الإجراءات غير مرتبط مباشرة بالعمل البرلماني، لكن بالإمكان التشبيك بين العملين للاستفادة"، وختم حديثه بالتشديد على أن "وقفة جدية في مواجهة الهدم، باتت واجبًا وطنيًا عاجلا".

 

التعليقات