كفر كنا والمشهد والرينة: أزمة سير خانقة وحلول مغيبة

تتراوح المسافة بين كفر كنا وتل أبيب بين 116 – 120 كيلومترا، لكن تل أبيب تبدو بالنسبة لبعض سكان كفر كنا وكأنها أقرب من الناصرة المجاورة التي لا تبعد عن كفر كنا سوى 5 كيلومترات، والسبب أزمة السير الخانقة.

كفر كنا والمشهد والرينة: أزمة سير خانقة وحلول مغيبة

أزمة السير بشارع كفركنا والمشهد والرينة (تصوير "عرب 48")

تتراوح المسافة بين كفر كنا وتل أبيب بين 116 – 120 كيلومترا، لكن تل أبيب تبدو بالنسبة لبعض سكان كفر كنا وكأنها أقرب من الناصرة المجاورة التي لا تبعد عن كفر كنا سوى 5 كيلومترات، والسبب أزمة السير الخانقة وشكل دائم في شارع رقم 754 حيث أصبحت بمثابة كابوس لأهالي كفر كنا والمشهد والرينة.

يعتبر شارع رقم 754 من أكثر شوارع البلاد ازدحاما واكتظاظا إن لم يكن أكثرها على الإطلاق، وهو ما دفع أهالي تلك البلدات إلى إطلاق صرخة عالية ومدوية، مؤخرا، أكدوا فيها أن الوضع لم يعد يطاق، وأنه على السلطات التحرك فورا من أجل رفع المعاناة والظلم عن سكان البلدات الثلاث.

عجز وانعدام حلول

وقال رئيس مجلس الرينة المحلي، جميل بصول، في حديث لموقع "عرب 48" إن الحلول غير متوفرة لديه، وإن السلطات المحلية الثلاث عاجزة عن توفير الحلول، وإن ما لديهم هي مطالب يجب على السلطات ذات الصلة أن تنفذها فورا، وأن تبدأ بتنفيذ حلول مؤقتة كتنظيم السير من قبل عناصر شرطة إلى أن يتم توفير حلول جذرية.

وأضاف أن "رؤساء السلطات المحلية الثلاث اجتمعوا قبل بضعة أشهر مع مسؤولين من 'نتيفي يسرائيل' وهي الشركة المسؤولة عن شوارع البلاد خارج المناطق السكنية، ومع قيادة شرطة السير، وتقرر أن تقوم الشرطة مرحليا بتنظيم حركة السير حتى يتم توفير حل جذري وفتح مسارين جديدين لتسهيل حركة السير عبرهما".

وختم بصول بالقول إن "أزمة السير تتفاقم يوميا وأعداد السيارات في ازدياد. يجب أن تتوفر الحلول حتى لو اضطررنا للوصول إلى مكتب رئيس الحكومة. نحن أطلقنا صرختنا ولن نتوقف أبدا حتى تحل الأزمة. الخطوات الاحتجاجية ستتواصل لإجبار المسؤولين على التحرك وإيجاد الحلول".

ترك عمله بسبب أزمة السير

وروى الشاب محمد عباس (20 عاما) من كفر كنا لـ"عرب 48" قصته، وقال إنه بحث طويلا عن مكان عمل بعد أن أنهى تعليمه الثانوي، وأنه استقر في النهاية على العمل في منجرة بمدينة نتسيرت عيليت المجاورة، إذ اقتنى سيارة خاصة به لكي لا يضطر إلى استخدام سيارة العائلة يوميا، فعائلته بحاجة للسيارة.

محمد عباس

وأضاف أن "العمل في المنجرة يبدأ الساعة التاسعة صباحا، ولكي أصل إلى مكان عملي في الوقت المحدد دون تأخير كنت أغادر البيت في كفر كنا عند الساعة السابعة صباحا، مع العلم أن مكان عملي يبعد فقط 5 كيلومترات عن بيتنا، ومن المفترض أن أصل إلى المنجرة في غضون 7 دقائق لو كان الأمر طبيعيا. إن عمالا من بلدتنا يعملون في تل أبيب تستغرق مسافة الطريق معهم إلى تل أبيب ساعة وعشرين دقيقة بينما أصل يستغرق سفري إلى نتسيرت عيليت نحو ساعتين في أحسن الأحوال".

وختم عباس بالقول إنه سئم من أزمة السير غير المعقولة والتي لا يستطيع العقل أن يتصورها، لذلك توجه إلى صاحب العمل وطلب منه أن يسمح له بالوصول إلى المنجرة في السادسة صباحا أي قبل أن تبدأ الازدحامات المرورية، لكن صاحب العمل استهجن طلبه هذا وقال له "ما حاجتي لك في الساسة صباحا إذا كانت المصلحة تفتح أبوابها في التاسعة؟!". ولم تمض ثلاثة شهور حتى ملّ عباس من الوضع المأساوي واضطر لترك مكان عمله.

روضة منذ ساعات الفجر

وروت إحدى المربيات في روضة أطفال بكفر كنا (الاسم محفوظ في ملف التحرير) لـ"عرب 48" أن الأنظمة المتبعة في رياض الأطفال تفرض على الحاضنات والمعلمات التواجد في الحضانة الساعة السابعة والنصف صباحا، وأنها تتلقى بشكل شبه يومي توجهات من أهالي الأطفال ممن يعملون خارج القرية يطلبون منها التواجد في الحضانة في السادسة والنصف ليتسنى لهم إحضار أطفالهم ومغادرة البلدة قبل أن تبدأ الازدحامات المرورية.

لا نزور الناصرة رغم حبنا لها

وقال معلم السياقة، غانم مبارك خطيب، لـ"عرب 48" إن ماضيه حافل بالأحداث التي رافقت مسيرته كمعلم للسياقة وما زالت، وإنه يأخذ على عاتقه استثمار معظم الوقت الضائع على الطلاب حين يضطر للسفر معهم على شارع رقم 754 أثناء دروس السياقة.

غانم خطيب

وأضاف خطيب أنه بعد انتهاء دوامه كثيرا ما يرغب أبناء عائلته بالسفر إلى مدينة الناصرة المجاورة، لكن بسبب أزمة السير فإنهم يتجهون شمالا أو شرقا باتجاه طبرية أو بلدات أخرى على الرغم من حبهم الشديد للناصرة القريبة.

الشارع منعها من حيازة رخصة سياقة

وعن أحداث صادفته خلال عمله، ذكر خطيب قصة امرأة متزوجة من شخص في بلدته كانت قد تعلمت السياقة واستعدت جيدا للامتحان العملي وحين جاء موعد الامتحان وتم تحديد الساعة اصطحب الطالبة وخرج من البلدة، قبل ساعة ونصف من موعد الامتحان، رغم أن المسافة في حالة طبيعية ينبغي ألا تتعدى 10 دقائق. وأكد أنه سلك طريق "ابن بيتك"، لكنه فوجئ بأزمة سير خانقة حيث وصل خط السير من الرينة إلى منتصف حي "ابن بيتك" في كفر كنا، فاستدرك الأمر وغيّر اتجاه سيره نحو طريق صفورية مرورا بالمنطقة الصناعية، لكنه هناك أيضا واجه طريقا مسدودا بسبب تعطل شاحنة وسط الشارع، وهنا لم يتمكن من الوصول في موعد الامتحان، فغضب زوج المرأة ومنعها من الاستمرار في تعلم السياقة ولم تحصل على رخصة قيادة.

وختم خطيب بالقول إن "هذه الحادثة أثرت بي كثيرا ولا زال ضميري يؤنبني وأشعر بالندم مما حدث مع تلك المرأة التي كانت تتعلم السياقة".

أزمة السير في شارع 754 (تصوير "عرب 48")

وعن حادثة أخرى، ذكر معلم السياقة، أنه اقتنى سيارة حديثة لتعليم السياقة، وأنه في الأسبوع الأول من شرائه للسيارة الجديدة اصطحب طالبا من ساحة مجلس كفر كنا المحلي باتجاه نتسيرت عيليت، وكانت أزمة السير في تلك الساعة في ذروتها، وما أن وصل الطالب إلى نهاية الطريق صعودا عن المشهد حتى توقفت السيارة، وتبين أن جهاز القابض "الكلتش" في السيارة قد تعطل وحدث فيه عطب، وكانت السيارة قد سارت مسافة 200 كيلومتر فقط منذ شرائها.

تظاهرة ضد أزمة السير، مؤخرا (تصوير "عرب 48") 

وحذر خطيب عن مشاهد يومية من العنف الكلامي بين السائقين بسبب أزمة السير، وعدم تمكن سيارات الإسعاف من تخطي هذه الأزمة غير الطبيعية التي تنغص حياة سكان البلدات المجاورة لشارع 754 والتي يصعب التعايش معها.

 

التعليقات