"المستوطنون لن يتركوا النقب إلا أرضًا محروقة".. والنضال يتواصل

مع انحلال أزمة كورونا تدريجيًا في البلاد ومع عودة المؤسسات العامة إلى العمل، تعود آلة التحريض الإسرائيلية لممارسة سياسة التمييز التي لم تنقطع حتى في ظل الجائحة، على عرب النقب وأهالي القرى مسلوبة الاعتراف.

قرية أبو قرينات مسلوبة الاعتراف في النقب ("عرب 48")

مع انحلال أزمة كورونا تدريجيًا في البلاد ومع عودة المؤسسات العامة إلى العمل، تعود آلة التحريض الإسرائيلية لممارسة سياسة التمييز على عرب النقب وأهالي القرى مسلوبة الاعتراف.

وفي هذا السياق، نشر المحلل السياسي في صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من نتنياهو، عكيفا بيغمان، مقالًا يوم الخميس الماضي، حذّر فيه من تسليم النقب للعرب و"تبييض المجمعات البدوية غير القانونية في النقب"، على حد تعبيره، عبر تسوية وضعيتها القانونية "في مكانها القائم".

وتأتي مقالة بيغمان، في أعقاب تسريب حول توصية اللجنة القطرية للتخطيط والبناء بالاعتراف بقرى النقب، وهي توصية طرحتها عدة هيئات تخطيطية إسرائيلية سابقًا وتبدو أقرب بحكم التغييرات في تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة ورغبة حزب العمل الإسرائيلي بإدارة ملف النقب، الذي كان حكرًا في السابق على الأحزاب اليمينية المتطرفة وعلى رأسها "البيت اليهودي".

لا تعويل على أي حزب سياسي إسرائيلي

ويرى الكثير من أهالي النقب والقيادات المحلية أن عودة بيغمان، المعروف بتوجهاته العنصرية والمقرب من الجمعيات الاستيطانية الهادفة لتهجير العرب مثل "رجافيم" و"أور"، للتحريض ضد الوجود العربي في النقب، يأتي ضن محاولة لتأجيج الرأي العام الإسرائيلي على أهالي النقب من جديد، لبناء حالة عامة تؤثر على انتقال ملف النقب من اليمين الاستيطاني إلى حزب العمل.

جمعة الزبارقة

وفي هذا السياق، اعتبر النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي، جمعة الزبارقة، في حديث لـ"عرب 48" أن "فيغمان صحافي مستوطن يعيش في كيبوتس ‘رفيفيم‘ المحاذي لقرية بير هداج في منطقة النقب، جنوبي البلاد، وهو محرض مستمر على عرب النقب وأهالي بير هداج بالذات".

وعن موجة التحريض الجديدة، وفي هذه المرحلة بالذات، أشار الزبارقة إلى أنها "تنبع من الانجلاء التدريجي لأزمة كورونا والتغيرات في مبنى توزيع الملفات في الحكومة الإسرائيلية، يبدو أن الأحزاب اليمينية بدأت تشعر بالخوف من ضياع جهودها في هدم عشرات آلاف المنازل في النقب منذ استلامها الملف وليس فيغمان أكثر شرًا من يائير معييان مدير سلطة ‘تطوير النقب‘ الحالي أو وزير الزراعة السابق أوري أريئيل".

وشدد الزبارقة على أنه "رغم مشهد التحريض من طرف اليمين وتمسكه بملف النقب انتقامًا من العرب، إلا أن هذا لا يعني تعويلنا على أي طرف سياسي آخر، فلن تتوقع من بيني غانتس الذي وافق على ضم غور الأردن ومستوطنات الضفة، تعاملاً مختلفًا مع العرب في النقب".

المستوطنون يريدون النقب "أرضًا محروقة"

تصاعدت خلال السنوات القليلة الماضية، جرائم الهدم الإسرائيلية التي تستهدف الوجود العربي في النقب، ضمن سياسات التضييق والملاحقة المتواصلة التي تعتبر ترجمة صريحة للتوجهات الحكومية لإخلاء قرى عربية كاملة. ويتوقع النائب النقباوي سعيد الخرومي، من بلدة شقيب السلام، أن تصدر السلطات الإسرائيلية أوامر إخلاء جديدة عبر ما يسمى بـ"سلطة تطوير النقب" وفتح دعاوى قضائية ضد كثيرين قبل إنهاء "مدير الهدم "، معييان، عمله في رئاسة السلطة المزعومة.

سعيد الخرومي

وعن ملاحقة العرب قال الخرومي في حديث لـ"عرب48" إن "المستوطنين في النقب وأحزابهم السياسية يشعرون بضغط كبير في ما يخص دورهم في المرحلة القادمة، سابقًا عمل المستوطنون على ملفين مركزيين في حكومات نتنياهو المتعاقبة، ملف الوجود العربي في النقب، وملف الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، اليوم يضيع ملف عرب النقب من بين أيديهم ما قد يدفعهم إلى مزيد من التحريض".

وأوضح الخرومي أنه "خلال الأيام الأخيرة الماضية، يتوجه العديد من موظفي السلطة بتوزيع أوامر إخلاء وممارسة التضييق على الأهالي، وأتوقع فتح ملفات ودعاوى قضائية كثيرة ضد عرب النقب، قبل ترك معييان المنصب. المستوطنون لن يتركوا النقب إلا أرضًا محروقة يعاني أهله من الملاحقة المستمرة".

وعن أفق الحل ومنهجية العمل في ظل التغييرات السياسية الإسرائيلية قال الخرومي "لا نعول كثيرًا على حزب العمل ولكن على الأقل نستطيع الحديث معهم؛ الإستراتيجية العامة تقضي بالعمل على 3 مراحل الأولى: منع هدم البيوت القائمة ووقف النزيف والسماح للأزواج الشابة بالبناء والسكن، والثانية تطوير القرى القائمة، ومن ثم الاعتراف بطابع الحياة البدوي الزراعي للعرب في قراهم".

"التسوية في المكان".. مفاهيم خاطئة

وتطرح أسئلة كثيرة حول مفهوم "الاعتراف في المكان" أو "التسوية في المكان"، وهو مطلب يخالف سياسات اليمين الإسرائيلي الهادفة إلى تهجير عرب النقب من قراهم، ما قد يفتح الباب أمام اعتراف رسمي بالقرى العربية "في مكانها"، وما إذا تشمل توصيات لجان التخطيط جميع قرى النقب.

عطية الأعسم

وفي هذا السياق، يوضح رئيس المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف عطية الأعسم في حديث لـ"عرب 48" أن "شعار الاعتراف في المكان كبير ورنان ولكن يجب أن لا نتسرع لأن الرؤية الإسرائيلية للاعتراف بالقرى مسلوبة الاعتراف في مكانها ليست مثل رؤيتنا نحن للاعتراف".

وتابع "التوصية بالاعتراف متعلقة بالقرى الموجودة في مسطحات البلدات المخططة أو المجاورة لها، وتعني بدرجة معينة الضم لهذه البلدات وهي نفس العقلية المتبعة منذ مخطط برافر ما عدى قضية الترحيل، وتترك هذه التوصية عشرات القرى مسلوبة الاعتراف البعيدة عن البلدات المخططة بعيدة عن الاعتراف أيضًا".

يعودون للهدم.. ولا نتوقف عن النضال

أثبتت معارك البقاء المستمرة في النقب أن الوسيلة للتصدي للتهجير والتحريض هي بالنضال الجماهيري؛ وعن سبل التصدي، قال د. يونس أبو ربيعة الطبيب الأول في النقب وعضو لجنة التوجيه لعرب النقب، "التحريض على عرب النقب لم يتوقف أصلا، قبل أيام معدودة قتلت الشرطة الإسرائيلية الشاب سلامة أبو كف ومر مقتله بشكل طبيعي، لو كان أبو كف يهوديًا لقامت الدنيا ولم تقعد، مقتل سلامة هو دليل على قدرة التحريض المستمر تشكيل صورة أخرى للعربي تسمح بإعدامه ميدانيًا والسياسيون الإسرائيليون هم أول المحرضون".

د. يونس أبو ربيعة

وتابع أبو ربيعة "لا تعويل على القضاء الإسرائيلي أو السياسية الإسرائيلية، فقد أثبتت التجارب التاريخية لنا أن لا نتيجة لنضالنا سوا بالاحتجاج والنزول إلى الشارع، مخطط برافر الذي تمسكت به الجهات الإسرائيلية وحاربت لأجله لم يسقط إلا بمظاهرة حورة القوية؛ وهذه هي طريقنا لحماية بيوتنا".

واعتبر أبو ربيعة أنه "على عرب النقب إعادة عمل اللجان الجماهيرية وتنظيم الصفوف بعد زوال أزمة كورونا، المرحلة القادمة هي المناسبة لانتزاع الحقوق وفرض بقائنا رغمًا عن محاولات تهجيرنا التي لن تتوقف حتى بحكومات أقل يمينية".

التعليقات