قاعات الأفراح في زمن كورونا: المصير المجهول

تشهد قاعات الأفراح في البلاد إغلاقا وشلل شبه تام في ظل تصاعد انتشار جائحة كورونا، خصوصا بعد فرض تقييدات جديدة للحد من تفشي الفيروس. ما أثار قلق ومخاوف العاملين حول مصير هذا القطاع الحيوي

قاعات الأفراح في زمن كورونا: المصير المجهول

توضيحية من الأرشيف

تشهد قاعات الأفراح في البلاد إغلاقا وشلل شبه تام في ظل تصاعد انتشار جائحة كورونا، خصوصا بعد فرض تقييدات جديدة للحد من تفشي الفيروس. ما أثار قلق ومخاوف العاملين حول مصير هذا القطاع الحيوي.

ورأى بعض العاملين وأصحاب القاعات عدم وجود أفق قريب لاستئناف نشاطهم وعملهم، الأمر الذي يعرضهم لخسائر فادحة في ظل إلغاء الحجوزات للزبائن وانتظار التعويضات الحكومية في حال توفرها.

مصروفات باهظة والمدخول صفر

واستعرض منيب زهران، وهو صاحب قاعة أفراح مفتوحة في قرية عبلين، الضائقة المادية لأصحاب القاعات في حديث لـ"عرب 48"، بالقول: "قمت بافتتاح القاعة قبل قرابة السنتين واستثمرت بها مئات آلاف الشواقل بعدما تركت عملي مستفيدا من بعض الأتعاب للاستثمار في مشروع شخصي مستقل باعتبار أن هذا المشروع ومجال الأفراح والقاعات هو الأكثر حيوية، وكغيري من المستثمرين لم يخطر ببالنا وبحساباتنا وبأسوأ الاحتمالات مثل هذه الجائحة التي ستعصف بكل مناحي الحياة".

منيب زهران

وأضاف "أنا الآن في حالة إرباك وأزمة حقيقية أفكر على مدار الساعة كيف سأسدد المبالغ المستدانة التي استثمرتها في هذا المشروع دون أي دخل، علمًا أن لدي طالب جامعي بحاجة لتمويل تعليمه وربما حاليا أتدبر هذا الأمر لكن على المدى القريب ستطوف عوارض الأزمة لتطال أساسيات الحياة بعدما قام عدد من الزبائن بإلغاء الحجوزات لهذا الصيف".

وأشار إلى أن "قلقي أكثر ليس بمجرد أن المسألة اقتصادية ومعيشية على أهميتها الكبيرة لدى الكثيرين، لكن الأهم إلى أين ستقود هذه الأزمة وانعكاساتها المعيشية الاقتصادية على حياتنا الاجتماعية والعنف والجريمة دون أن تلقى اهتماما حقيقيا من السلطات الرسمية، وبالتالي فإن هذه الأزمة كما هو متوقع ليست طفرة وعابرة بل ستستمر مع الأشهر والسنوات القادمة، وهذا أمر مربك ومحبط لأقصى الحدود، وأنا شخصيا تتراكم علي بشكل يومي الالتزامات المادية من ضرائب ومصاريف ومياه وكهرباء وديون البنوك وغيرها، التي ستقود حتما إلى إغلاق مصالحنا مع مبالغ طائلة من الديون التي لا نعلم من أين سنسددها".

ودعا زهران في ختام حديثه "المسؤولين في المجتمع العربي إلى التحرك أكثر من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل الانهيار التام لهذا الاقتصاد المتواضع".

مصير مجهول

وتطرق نادر بلان من قرية كفر كنا وهو طباخ في مهنته إلى عوارض الأزمة المعيشية، في حديث لـ"عرب 48"، بالقول "عملت لسنوات في قاعة أفراح وأنا أحب عملي وأحب أجواء الأفراح وهي مصدر معيشي لا بأس به، ومعنا عشرات العاملين في المطبخ ونادلين وعمال تنظيف يعيلون عائلاتهم من خلال هذا العمل، حيث لم نكن نتخيل أن الأمر سيطول علمًا أنه منذ إغلاق القاعة في شهر آذار/مارس الماضي ونحن في حالة قلق وإحباط، سيما وأننا اعتدنا على الجد والعمل بمعاشات جيدة ولم أعتد في حياتي على فتات البطالة لأن الحياة ليست فقط مأكل وشرب بل هنالك احتياجات أساسية أخرى مثل تربية وتعليم أبنائنا وتوفير مستلزماتهم لذلك، وربما أكثر ما يقلقني هو أن الأهالي العاطلين عن العمل لن يتمكنوا من توفير هذه المسلتزمات ما يعني أن أبنائنا في خطر ومن المعروف أن الفقر سيضرب في مجتمعنا ويؤثر على سلوك وتوجهات أبنائنا في ظل اليأس والإحباط".

وحذر بلان بالقول إن "لم ننتبه لهذه الحالة ولم يتم متابعة تطورات الأمور مع الحكومة من أجل دعم العائلات الفقيرة والمتضررة، فإن الأحوال ستكون قاسية جدا ولا نستطيع التنبؤ إلا بالأسوأ".

أفق مسدود

وعن حجم الأضرار التي لحقت بهذا القطاع، ذكر هاني خليل وهو مدير قاعة "الرشيد" للأفراح في قرية عبلين، لـ"عرب 48"، أنه "منذ أكثر من 15 عاما وأنا وكل العاملين في هذه القاعة نعتمد هذا العمل كمصدر معيشي نعتاش منه بكرامة، إذ لم يكن أحد يتخيل أن يحدث ما حدث من أزمة كهذه التي طالت الجميع بتفاوت، لكن نحن هنا في هذه البلاد يبقى لنا وضعية خاصة كعرب وقد عملنا المستحيل للاستثمار بما هو متاح حتى نبني اقتصادنا المتواضع لتدعيم الاقتصاد المحلي وتشغيل الناس وتخفيف حدة البطالة ولدينا مساحة من الأفراح والقاعات واسعة لأنها بطبيعة الحال تشهد حركة اجتماعية طبيعية في مناسبات مختلفة من أعراس ومناسبات أخرى التي تعطي لهذا القطاع حراكا دائما وهو موسم معتمد في كل البلدات العربية فيه الفرح والتواصل بين الناس واحتكاكهم ببعضهم البعض وهو استثمار لا بأس به كمشروع اقتصادي، لكن عندما تجتاحك الويلات كما باغتتنا هذه الجائحة غير المتوقعة يعني أنك في أزمة كبيرة تتطلب منك البحث عن مخارج والأسوأ من ذلك عندما تغلق كل الطرق والمخارج سيما وأن الدولة مرتبكة ولا تطرح حلولا منصفة وواضحة في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن حلولا تبدو شبه مستحيلة".

هاني خليل

ورأى أنه "كغيري من العاملين في هذا القطاع نعتاش على مخصصات البطالة من التأمين الوطني وهو مبلغ زهيد وتافه يكاد لا يلبي احتياجاتنا، علمًا أن لدي طالبتين في الجامعة وهذا أكثر ما يقلق أمثالي ونحن لا نبحث عن الرفاهية بقدر ما نريد تربية وتعليم أبنائنا وربما أقسى وأخطر ما يمكن أن نصله هو عدم قدرتنا على تأمين تعليم أبنائنا وهو السلاح الوحيد الذي تبقى لنا في هذه البلاد".

وأنهى خليل بالقول "هذه الأزمة التي تعصف بنا تتطلب تظافر كل الجهود على صعيد قطاعات ومسؤولين من أجل المطالبة بحقوقنا حتى نؤمن مستقبل أبنائنا".

التعليقات