"مبني للمجهول": ماذا حلّ بساحة شهيد يوم الأرض في الطيبة؟

أنجزت الطالبة الجامعية مريم ناشف من الطيبة، مؤخرا، عملا فنيا في أعقاب تغييرات طرأت على ساحة شهيد يوم الأرض الخالد، رأفت زهيري، من هدم وتغيير لمعالمها؛ وتساءلت من خلال حول الفائدة من هدم الساحة وتغيير معالم النصب التذكاري

النصب التذكاري للشهيد رأفت زهيري (عرب 48)

أنجزت الطالبة الجامعية مريم ناشف من الطيبة، مؤخرا، عملا فنيا في أعقاب تغييرات طرأت على ساحة شهيد يوم الأرض الخالد، رأفت زهيري، من هدم وتغيير لمعالمها؛ إذ تساءلت من خلاله حول الفائدة من هدم الساحة وتغيير معالم النصب التذكاري الذي تحول مع مرور السنوات إلى رمز وطني لدى الأهالي في مدينة الطيبة.


ورأت ناشف أن النصب التذكاري وساحة الشهيد رأفت زهيري، الشاهد الوحيد الحي على مقاومة أهل الطيبة وتضحيتهم من أجل الحفاظ على أرضهم إبان النكبة وحتى يوم الأرض الخالد، ولعله المكان الوحيد الذي يجسّد هوية المدينة الوطنية.

بناء النصب التذكاري رغم معارضة أجهزة الأمن

بعد مرور شهور قليلة على أحداث يوم الأرض الخالد، شُيد النصب التذكاري وساحة الشهيد بقرار من رئيس المجلس آنذاك، المرحوم عبد الحميد أبو عيطة، رغم معارضة وزارة الداخلية واللجنة اللوائية التي رفضت بدورها منح ترخيص للنصب.

عبد القادر حاج يحيى

وقال الحاج، عبد القادر حاج يحيى، الذي تولى مهمة بناء النصب التذكاري لـ"عرب 48"، إن "أجهزة المخابرات استدعته للتحقيق في مكاتبها على خلفية إشرافه على بناء النصب التذكاري، كما أن رئيس المجلس آنذاك تعرض لملاحقات من قبل السلطات على الخلفية نفسها".

ولفت إلى أن "السلطات حاولت عرقلة عملية بناء النصب التذكاري وضيقت على المجلس، إلا أن إصرار المجلس والقوى الشعبية حال دون ذلك".

مبني للمجهول

لاقت تغييرات معالم النصب التذكاري وهدم الساحة التي أحاطت به، الكثير من الانتقادات تجاه البلدية والحركة الإسلامية اللتان أشرفتا على الأعمال هناك ضمن معسكر تطوعي.

في أعقاب ذلك دعا عضو بلدية الطيبة، سامي ياسين، آنذاك إلى جلسة طارئة بسبب ما طرأ من تغييرات في محيط ساحة النصب التذكاري، وطالب بوقف أعمال الهدم في المكان، معتبرا أن "هدم ساحة الشهيد وتحويلها إلى موقف سيارات لهو أمر مستهجن وغير مسؤول ويعتبر استهتارا بمشاعر أهل الطيبة وتاريخهم"؛ على حد قوله.

وجاء في تعقيب لبلدية الطيبة حينها أنها "تعمل على تطوير الساحة وبناء جدارية تروي تاريخ الطيبة والمحطات النضالية المحورية لها"، مشددة على "ضرورة إبقاء النصب التذكاري شاهدا خالدا في مكانه وتطوير الساحة على أن تشمل مواقف للسيارات لخدمة الجيران والمصالح التجارية المجاورة للساحة".

الطالبة مريم ناشف

وبهذا الصدد، حاور "عرب 48" الطالبة مريم ناشف حول العمل الفني الذي قامت به تحت عنوان "مبني للمجهول" حول كل ما يتعلق بالنصب التذكاري وأهمية تعزيز الوعي والهوية الوطنية للطيبة.

عرب 48: "حجارة وساحة متروكة كانت في فترة ما بؤرة لمدمني المخدرات، ما الذي شدّكِ بداية لهذه الدرجة؟"

ناشف: كنت دائما أسمع الناس تتحدث عن القصص النضالية في أماكن مثل الضفة الغربية وقطاع عزة والقدس وحيفا ويافا؛ فحاولت التمسك بشيء يعطيني شعورا بالفخر والانتماء التاريخي والوطني للطيبة، ورأيت أن النصب التذكاري وساحة الشهيد أكثر ما يمثلني في بلدي.

عرب 48: "لماذا أثار اهتمامك لهذه الدرجة حتى تكرسين له عملا خاصا؟ هل كانت هناك دوافع أخرى؟"

ناشف: العمل لم يكن مكرسا للنصب التذكاري والسبب الرئيسي أن النصب كان نقطة الانطلاقة هي مراحل التغيير التي كان يمر بها وأنا أقوم على فكرتي، لم يكن الأمر واضحا بالنسبة لي في البداية مع أنني اتخذت موقفا تجاه أعمال التغيير، ولكن حينما رأيت أن المعارضين لفكرة هدم ساحة الشهيد جرى تجاهلهم، رأيت أن الطريقة الوحيدة بالتعبير عن نفسي هو من خلال عمل فني نقدي وتوثيق مراحل التغيير التي طرأت على ساحة الشهيد.

عرب 48: "ماذا كنت تعرفين عن الشهيد والساحة قبل العمل الفني؟"

ناشف: كنت أعرف القصة التقليدية عن شهيد الطيبة الذي استشهد يوم الأرض، وعلمت أنه خُصص له نصبا تذكاريا وساحة تجمع الفعاليات الوطنية، وأدركت في وقت ما أنها تحولت إلى بؤرة لمدمني المخدرات وهُمِشت كثيرا خصوصًا في زمن اللجان المعينة.

عرب 48: "ما المانع من ترميم الساحة وتطويرها؟"

ناشف: أتفهم أن ساحة الشهيد كانت متروكة وبحاجة إلى عناية، ولكن اعتراضي كان على تغيير ملامحها بل ومحوها، الأجيال التي سبقتنا عاشت أحداثا سياسية حافلة وامتلكت رصيدا كافيا من الوطنية، ولكن جيلنا بالنسبة له هذه الحجارة المتهالكة تحمل تاريخ البلدة وهويتها الوطنية، وحين تمحو أو تهدم شيئا فإنه سيزول من الذاكرة الجماعية للناس، لأن ما حدث من تطوير على ساحة الشهيد لا علاقة بتاريخه.

عرب 48: "إلى أي نتيجة توصلتِ حين تقرر تغيير معالمه؟"

ناشف: بحرقة، توصلت إلى نتيجة أن الطيبة لا زالت تحت احتلال المؤسسة، كما أن البلدية تساهم في مخططات الحكومة أو أنها مدركة متقاعسة ولا تحاول أن تمنع.

عرب 48: "هل تعتقدين أن المعالم الوطنية منزوية بشكل مقصود وما الهدف؟"

ناشف: أؤمن أن المسؤولية جماعية في هذا السياق، لأننا سلمنا في أمور كثيرة كان من الواجب الوقوف عليها، بل وأننا أحيانا نعطي تبريرات كي لا نشعر بالذنب، الأشياء التي تقوم بها البلدية من مشاريع هي أمور جيدة للبلدة ولكنها هي أيضًا قابلة للانتقاد وأنا أتحدث عن إدارات البلدية المتعاقبة في السنوات العشر الأخيرة".

عرب 48: "لمن توجهين العمل الذي قمت به؟"

ناشف "في الدرجة الأولى العمل موجه لي بشكل خاص ومن ثم لكل شرائح البلدة، ومن ضمنهم البلدية والرسالة من العمل ليست التنظير على الناس كيف تفكر، ولكن أن تتخذ مسؤولية تجاه الشباب في المسائل الوطنية التاريخية.

عرب 48: "كيف ترين وعي الشباب تجاه المقدسات التاريخية التراثية وإلى أي مدى لها أهمية بهذا الوقت؟"

ناشف: أتحدث عن نفسي الآن، لقد خلقت لنفسي دافعا لأنظر إلى كل شيء بعين النقد كما أن أتبنى الإرث الوطني والتاريخي الفلسطيني العربي لشعبنا خصوصًا في مدينتي الطيبة، الحس الوطني واجب على كل إنسان تنميته، فلم يأت هذا الحس حقيقة خلال المدارس التي ترعاها المؤسسة، إنما خلال انتمائي لجمعيات ثقافية تربوية ووطنية، وهنا لا بد من الإشارة والتنويه أنه ليس كل الشباب يتسنى لهم الاندماج في جمعيات وطنية وأنا إذ أعول على الجمعيات أو الأحزاب حتى ترعى شبابنا بشكل أكثر في أطرها كي نخلق شعبنا واعيا تجاه قضاياه.

التعليقات