عن "شارع الموت" في حيفا... لمَ لا يُسمع صوتنا؟

لا تزال معاناة أهالي حيفا، وبخاصّة سكان شارع "إيفن غفيرول"، مستمرة بسبب حوادث الطرق المتكررة التي يتعرض لها أهالي الحيّ، والتي كان آخرها مصرع الشاب محمد فياض (33 عاما) جراء تعرضه لحادث دهس، حينما كان يعبر خط المشاة المحاذي لمنزله.

عن

جانب من "شارع الموت" (تصوير: "عرب 48")

لا تزال معاناة أهالي حيفا، وبخاصّة سكان شارع "إيفن غفيرول"، مستمرة بسبب حوادث الطرق المتكررة التي يتعرض لها أهالي الحيّ، والتي كان آخرها مصرع الشاب محمد فياض (33 عاما) جراء تعرضه لحادث دهس، حينما كان يعبر خط المشاة المحاذي لمنزله.

وحصدت حوادث الطرق التي وقعت في الشارع، أرواح العديد من الأشخاص، وتسببت بإصابة كثيرين كذلك، ما دعا أهالي الحي لإطلاق اسم "شارع الموت" بدلا من "إيفن غفيرول".

جانب من "شارع الموت" (تصوير: "عرب 48")

وقالت والدة ضحية حادث الطرق الأخير في الشارع، نجاح فياض، في حديث مع موقع "عرب 48": "قلبي يتلوع على فقدان ابني الذي كان ينشر السعادة والفرح للجميع، أحبّه الجميع ولم نتفاجأ من تعاطف الناس معنا لهذا الفقدان، ليس عائلتنا الوحيدة التي تتألم بسبب شارع الموت بل العديد من أهالي الحي لم تجف دموعهم لفراق أحبتهم الذين فارقوا الحياة بسبب حوادث الدهس في هذا الشارع".

وأضافت: "كان ابني محمد يعاني من إعاقة عقلية لكنه كان يتجول ويجالس مجموعات الشباب بكل مودّة وسعادة. لقد تعرض لحادث دهس على ممر المشاة وهو يعبر الشارع، لم أتمكن من لحاق أنفاسه الأخيرة، لكن والده تمكن من الحديث معه قبل أن يفارق الحياة إذ إنه أخبر والده أنه بخير ولا يقلق عليه".

ضحية حادث الطرق، الشاب فياض

وتابعت فياض: "ابني لأول مرة يستأذن مني الخروج وسمحت له بذلك، ولم أعرف أنه سيخرج ولن يعود إلاّ جثة هامدة، فقد كان الموت ينتظر بالمرصاد"، مضيفة: "قبل وفاته بأسبوع أصر على النوم في غرفتي وكأنه كان يريد وداعي، وأرجو أن يكون الضحية الأخيرة لهذا الشارع".

وتساءلت فياض: "لكن لماذا هذا الإجحاف ولمَ لا يُسمع صوتنا؟ لماذا أرواحنا في شارع الموت رخيصة؟ لم نتلق حتى اتصالا هاتفيّا لتعزيتنا (من قِبل) أيّ مسؤول عربي، أو مسؤول في بلدية حيفا".

من جانبها أشارت الناشطة رقية خطيب، وهي من أهالي الحي، إلى أن "الشارع يعدّ إستراتيجيا ومهما لربطه جميع المناطق في حيفا مع منطقة ’تشيكبوست’، وجاء ليخفف الضغط على الشارع الرئيسي، لكنه بدلا من أن يكون شارع الحياة، تحول لشارع الموت والرعب بالنسبة لنا".

وأضافت خطيب: "لقد توجهنا لبلدية حيفا وأجرينا جولة ميدانية مع مهندسة البلدية وعرضنا عليها الخطر الذي يكمن في الشارع، لكن حتى الآن لا يوجد حل لتوفير السلامة للمشاة والساكنين إلى جانب الشارع، إلا أننا لن نسكت ونصر على مطلبنا في توفير شروط السلامة والأمان، وعدم تجاهل سكان الحي لأننا عرب".

بدورها، ذكرت مركزة مجموعة "زاوية دافئة للمسنين"، رحاب بشتاوي، أن شريحة المسنين في الحي باتت تخاف عبور الشارع أو حتى المشي عليه، فالسائقون لا يلتزمون بالسرعة المحددة، ما يتسبب بحوادث الدهس الكثيرة وبارتفاع نسبة ضحايا هذه الحوادث".

أما عبلة شاهين التي وصلت إلى مكان حادث الدهس بعيْد وقوعه بلحظات، فقد أشارت إلى أن حالة من الغضب تسود بين المواطنين في كل مرة يُصاب بها أي أحد بسبب شارع الموت، ولكن يجب الاستمرار في المطالبة بالشكل القانوني للحصول على حقنا بالسلامة والأمان".

بدورها، قالت بلديّة حيفا في تعقيب أرسلته لـ"عرب 48"، إنها "ترفع التعازي لعائلة المرحوم محمد فيّاض الذي راح ضحية هذا الحادث المؤسف والأليم"، وإن "إدارة البلديّة ستزور العائلة لتقديم واجب العزاء".

وذكرت البلدية أن "التخطيط لفتح الشارع تمّ قبل سنوات عدّة، وبعد الحادثة الأليمه في عام 2017 التي راحت ضحيتها فتاة من الحي، قامت البلدية آنذاك بنصب 3 إشارات ضوئية، وممرّات للمشاة وأيضا نصبت كاميرات تحذير للسائقين بهدف تحذيرهم"، مشيرة إلى أن "هناك تقييدات قانونية وتعليمات وزاريّة بشأن إنشاء ووضع مطبّات في شوارع مكتظّة بحركة السير".

وأضافت: "اليوم وبعد هذا الحادث الأليم تعكف بلديّة حيفا على إيجاد حلول مهنيّة وفوريّة بهدف منع أية حوادث إضافيه مستقبلا، بما في ذلك حلول لم ينجح تنفيذها فعليا سابقا، إضافة إلى توجّهات تقوم بها بلديّة حيفا إلى الشرطة بهدف رصد كاميرات لتحرير المخالفات لمن يتجاوز السرعة المحدّدة والمسموحة بحسب القانون. باشرت البلدية وأقسامها المهنيّة في معالجة الموضوع بشكل فوريّ بهدف إخراج الحلول إلى حيّز التنفيذ".

وتابعت: "بلدية حيفا بإدارتها الحاليّة تتبع نهجًا مغايرا، إذ تضع السكّان والمواطنين العرب في حلقة ودائرة اتخاذ القرار أولا وتعتبر السكان والمواطنين العرب في الأحياء، شركاء فعليا في التخطيط ولذلك قامت بلدية حيفا الحاليّة وعكفت على تنفيذ مراحل إشراك للجمهور العربي في كل عملية بناء وتخطيط وتجديد مستقبلي للأحياء والحارات العربيّة، وتعمل اليوم على إشراك الجمهور العربي بشكل حاد وواضح في خطة التعليم الرئيسية للمجتمع العربي في حيفا والتي تقودها البلدية يدا يد مع السكان العرب في مدينة حيفا".

وقالت: "كل تخطيط مستقبلي يجب أن يتماشى مع طبيعة الأحياء؛ وطابعها وخاصيّتها وأيضا عراقتها، وهذا هو النهج الذي تقوده بلديّة حيفا الحاليّة أمام الأحياء العربية والمواطنين العرب حيفا".

وكانت الشرطة قد أحالت، الثلاثاء، ثلاثة قاصرين إلى التحقيق، الليلة الماضية، بادعاء الإخلال بالنظام العام في مدينة حيفا، وذلك على خلفية الاحتجاج بعد مصرع الشاب فياض في حادث الدهس.

ووفقا للشرطة فإنها فتحت ملفا للتحقيق، مع تلقي بلاغ حول مظاهرة شارك بها عشرات المتظاهرين في شارع "إيفن غفيرول" في مدينة حيفا، إذ قام عدد من المحتجين بإضرام النار في حاويات للنفايات والتظاهر احتجاجا على تكرار حوادث الدهس في مقطع الشارع ذاته وعدم تحرك أي جهة مسؤولة في المدينة، حسب قولهم، إلا أن أفراد الشرطة اعتقلوا 3 قاصرين (15 و16 و17 عاما) بشبهة "الضلوع في أعمال شغب". ومع انتهاء التحقيق أطلقت الشرطة سراح المشتبهين بشروط مقيدة.

التعليقات