منجم الفوسفات "سدي برير" يهدد بتهجير سكان الفرعة والزعرورة بالنقب

يرفض السبعيني، الشيخ محمد سليمان أبو جودة، من قرية الفرعة مسلوبة الاعتراف بالنقب، جنوبي البلاد، والمهددة وسكانها بالإخلاء والتشريد ومصادرة أراضيها، قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الذي ينص على أخذ اعتبارات صحة الجمهور بالحسبان حين يتم تشغيل منجم "سدي برير".

منجم الفوسفات

الشيخ أبو جودة يقف عند المنطقة التي سيصلها منجم الفوسفات (عرب 48)

يرفض السبعيني، الشيخ محمد سليمان أبو جودة، من قرية الفرعة مسلوبة الاعتراف بالنقب، جنوبي البلاد، والمهددة وسكانها بالإخلاء والتشريد ومصادرة أراضيها، قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الذي ينص على أخذ اعتبارات صحة الجمهور بالحسبان حين يتم تشغيل منجم "سدي برير" للتنقيب عن الفوسفات.

وعلى الرغم من قرار العليا الذي يأتي ردا على الالتماس الذي قدمه مركز "عدالة" الحقوقي، سيدرج منجم "سدي برير" ضمن قائمة المناجم في البلاد، مع احتمال تشغيله مستقبلا خاصة في أعقاب تحديث المخطط القطري للمنجم الممتد على 28 ألف دونم من الأراضي التابعة للقرى مسلوبة الاعتراف، إذ تقضي التعديلات فحص الاعتبارات الصحية النابعة عن مخططات التعدين والمحاجر المفصلة.

وتأتي هذه التطورات التي تمهد لتشغيل منجم الفوسفات في النقب الجنوبي، وذلك رغم التحفظات والمعارضة لوزارتي الصحة والبيئة، على المخطط الذي صادقت عليه الحكومة الإسرائيلية في آذار/ مارس 2018، لإقامة منجم "سدي برير".

الفرعة يقطنها 4 آلاف نسمة ويتهددها التهجير والتشريد (عرب 48)

وتعود فكرة إقامة منجم فوسفات في المنطقة إلى العام 1979، إذ قدمت الشركة الحكومية للفوسفات الخطة التي كانت تستهدف أيضا مدينة عراد التي اعتبرت جوهر المشروع الاستيطاني في النقب، وعليه أبقي على المخطط بالدرج مع إجراء بعض التعديلات وإزاحة المخطط إلى القرى العربية مسلوبة الاعتراف، جنوبي النقب.

وتهدد خطة منجم "سدي برير" 4 قرى عربية محرومة من أبسط الخدمات ومقومات الحياة، وهي الفرعة القرية المعترف بها، لكنها أشبه بمخيم لاجئين، والزعرورة، وعزة، وقطمات، وهي قرى مسلوبة الاعتراف، مما سيعرض آلاف السكان للمخاطر الصحية وسيؤدي لهدم نحو 500 منزل بشكل فوري، وتهجير آلاف السكان من الفرعة والزعرورة.

الزعرورة يقطنها 3700 نسمة ومهددة بالهدم (عرب 48)

وبسبب منجم الفوسفات، يواجه سكان قرية الزعرورة التي تراجعت السلطات الإسرائيلية عن الاعتراف بها، خطر التهجير والتشريد من منازلهم التي هي عبارة عن مجموعة من الخيام ومساكن من ألواح الصفيح، إذ يرفض سكان القرية البالغ عددهم 3700 نسمة مخطط المنجم، ويصرون على البقاء في قريتهم القائمة منذ 210 أعوام.

ممارسات ومخططات

ويعود الشيخ أبو جودة، وهو من مواليد الزعرورة، في حديثه لـ"عرب 48" إلى تسلسل الأحداث ومخططات التهجير والتشريد لقرى المنطقة التي تستمر بها المؤسسة الإسرائيلية تحت ذريعة "تطوير النقب"، مستذكرا أن مشاهد التشريد الأولى كانت خلال النكبة، إذ كان عمره 3 أشهر، حين نزحت عائلته قسرا أسوة بعائلات القرية وقرى مجاورة إلى بادية القدس خوفا من الحرب التي استهدفت سكان النقب.

مخطط منجم الفوسفات يستهدف 4 قرى بالنقب (عرب 48)

لم يستمر النزوح القسري طويلا عن قرية الزعرورة التي تبلغ مساحتها 36 كيلومترا مربعا، فما أن حطت الحرب أوزارها حتى عادت عائلة أبو جودة والعائلات العربية البدوية الأخرى إلى مسقط رأسها في قرى النقب. يقول أبو جودة إن "والدي اصطحبنا بعد أسابيع من النكبة وانتهاء الحرب وعاد بنا إلى قريتنا القائمة منذ أكثر من 210 سنوات".

ومع العودة إلى الزعرورة التي كانت جزءا من منطقة السياج التي تم تجميع من تبقى من أهالي النقب فيها، يقول الشيخ أبو جودة إنه "منذ الحكم العسكري ونحن نواجه ممارسات التطهير العرقي ومصادرة الأراضي، ومُنعنا من الزراعة الصحراوية وتربية المواشي والإبل، إذ يتم التضييق علينا لإجبارنا على مغادرة أراضينا وحرماننا أبسط الخدمات الإنسانية والحياتية".

سلب وحرمان

وسط هذه الممارسات الممنهجة من السلطات الإسرائيلية، تُحرم قرية الزعرورة أسوة بقرية الفرعة البالغ عدد سكانها 4 آلاف نسمة، من المياه والكهرباء والاتصالات، وتمنع عنها شبكة المواصلات وخدمات الصحة والرفاه والتعليم، إذ يذهب 1700 طالب، يوميا، وبعضهم سيرا على الأقدام لمسافة 7 كيلومترات للتعلم في مدارس قرية كسيفة.

الشارع المؤدي للمنطقة التي سيقام عليها منجم الفوسفات (عرب 48)

رغم هذه الظروف المزرية والحرمان من السكن ومنع الأهالي من البناء والسكن في مساكن الصفيح، يقول الشيخ أبو جودة إن "سكان القرية يرفضون كما الغالبية العظمى من سكان القرى في منطقة السياج مغادرة الأرض والانتقال للسكن في البلدات الثابتة، وذلك رغم الإغراءات المالية والتسهيلات المزعومة من قبل السلطات الإسرائيلية".

وتساءل الشيخ أبو جودة "عن أي تسهيلات وامتيازات يتحدثون؟" مشيرا إلى تجارب بعض العائلات التي وافقت على الانتقال للسكن في البلدات الثابتة وتجميعها على أقل مساحة أرض، مؤكدا أن "مسطح أراضي العشائر والقبائل المهددة بمنجم الفوسفات تمتد من الفرعة والزعرورة حتى مشارف عراد".

تهجير وتشريد

وأكد السبعيني أبو جودة أن "النقب يتعرض لهجمة شرسة ومخططات تهجير وتشريد غير مسبوقة، سواء من خلال مشاريع عسكرة النقب وإقامة معسكرات ومخازن للأسلحة ومطار عسكرية إسرائيلي - أميركي، أو من خلال التهويد والاستيطان وإقامة المستوطنات والمزارع الفردية على حساب الوجود العربي".

منجم الفوسفات "سدي برير" سيقام فوق أرضي الزعرورة (عرب 48)

وعلى الرغم من تعمد السلطات الإسرائيلية عدم توفير أبسط الخدمات لأهالي القرى في المنطقة، يقول أبو جودة إن "هناك اهتماما بالتعليم واستكمال التعليم الجامعي للشبان والفتيات، فالعلم سلاح لصمودنا، وحتى من تخرج من الجامعات وانخرط بالعمل في المدارس أو المستشفيات أو المصانع ويقطنن خارج القرى يحافظ على مسكنه ويعود لقريته في نهاية الأسبوع ويرفض الإغراءات لترك قريته".

وشكك ألشيخ أبو جودة بوعود الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في كل ما يتعلق بالاعتراف بالقرى أو إنشاء مخططات وخرائط هيكلية لتحديد مسطحات نفوذها، مشيرا إلى أنه "جرى الاعتراف بالفرعة والزعرورة سابقا، لكن تم التراجع عن هذا الاعتراف من أجل منجم الفوسفات الذي يتهدد صحة وحياة 15 ألف مواطن عربي من سكان المنطقة".

تشكيك ورفض

ولتدعيم موقفه المشكك بالوعود الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية، يقول الشيخ أبو جودة إنه "يريدون سلب ومصادرة أراضينا وتجميعنا على أقل مساحة أرض، فجميع القرى التي اعترف بها وتقع في منطقة السياج أشبه بمخيمات للاجئين، ولم تحصل على أي خدمات وتنعدم فيها مقومات الحياة، لكن السكان يتجذرون بأرضهم وقراهم ويتصدون لمخططات التهجير".

المنطقة التي ستكون محطة منجم الفوسفات بالنقب (عرب 48)

ورغم إصرار السكان على البقاء والصمود، بيد أن الشيخ أبو جودة أبدى مخاوفه من نجاح مخطط تهجير سكان الفرعة والزعرورة لصالح منجم الفوسفات، مؤكدا أن "المحاكم الإسرائيلية بمثابة ختم مطاطي لدى السلطات وأصحاب رؤوس الأموال، بانحيازها للحكومة وتشغيل منجم الفوسفات على حساب الوجود العربي".

وختم الشيخ أبو جودة بالقول إنه "لا يوجد لنا أي نية للرحيل عن قرانا. سنموت في أرضنا ولن نرحل، ونرفض أي تعويضات مالية أو حتى تعويضنا بأرض بديلة لبناء منزل فقط، فحقنا البقاء في قرانا. أراضينا ممتدة حتى عراد وصودرت بغالبيتها مع النكبة، واليوم يريدون اقتلاعنا وتهجيرنا ومصادرة آخر ما تبقى لنا منها".

الذهاب من الفزعة والزعرورة سيرا على الأقدام حتى كسيفة (عرب 48)

اقرأ/ي أيضًا | منجم الفوسفات "سدي برير": على لجان التخطيط أخذ اعتبارات صحة الجمهور بالحسبان

حرمان سكان الزعرورة والفرعة من أبسط الخدمات (عرب 48)
القرى القريبة من مخطط منجم الفوسفات دون شبكة مواصلات وشوارع (عرب 48)
الشيخ أبو جودة هُجّرت عائلته قسرا خلال النكبة (عرب 48)

التعليقات