شريط شائك يحول دون أهالي اللجون ومسجد قريتهم المهجرة

عبر بوابة ضخمة وسياج وشريط شائك، السلطات الإسرائيلية تحول بين أهالي قرية اللجون المهجرة وبين مسجد القرية، وتمنعهم من ترميمها.

شريط شائك يحول دون أهالي اللجون ومسجد قريتهم المهجرة

تمنع السلطات الإسرائيلية منذ 75 عامًا أهالي قرية اللجون المهجرة من الوصول إلى مسجد القرية وترميمه، خاصة أنه يقع ضمن نطاق نفوذ القرية الزراعية (كيبوتس) مجدو، المقامة على أراضي القرية المهجرة في منطقة الروحة قضاء مدينة حيفا، والتي نزح معظم أهاليها إلى مدينة أم الفحم والبلدات المجاورة إبان النكبة في أعقاب جرائم العصابات الصهيونية وتهجير السكان.

وتحاول السلطات الإسرائيلية ومجلس إقليمي مجدو بشتى الطرق إخفاء بناية المسجد الذي بُني عام 1931 ولا يزال قائمًا إلى اليوم. وفي محاولة للإخفاء وجوده، زرعت السلطات الاسرائيلية أشجار كثيفة حول المسجد ولفت حوله شريطين شائكين لمنع الوصول إليه. ورغم كل هذه المحاولات لإنكار وجوده، لا تزال بناية المسجد قائمة ومحرابه واضح والنقوش الدينية ظاهرة وبارزة على أسطح جدرانه الداخلية والخارجية.

وفي حديث لـ"عرب 48"، قال كبار السن من مدينة أم الفحم من الذين كانوا يؤدون الصلوات في المسجد قبل نزوحهم من اللجون، إن "المسجد كان يعم بالحياة وكذلك القرية التي تقع في موقع إستراتيجي، والتي كانت تعتبر كالقرى والمدن الكبرى والمركزية قبل تهجير أهلها".

وتحاول العائلات النازحة والمهجرة من القرى المهجرة حفظ الذاكرة المتعلقة بقرى الروحة التي هُجرت، ويُنظم الأهالي زيارات وجولات مستمرة للقرى المهجرة وذلك لنقل الرواية الحقيقية للجيل الشاب عبر الروايات المحكية من الأجداد للأحفاد.

وقالت المهجرة من اللجون سمية محاميد لـ"عرب 48" إن "قريتنا المهجرة محفورة بعقولنا منذ الصغر، وكان يأتي ذكرها بمختلف الأحاديث العائلية خاصة من والدتي التي نزحت منها إلى أم الفحم ولم تفارقها أبدًا".

وأضافت "كانت والدتي تزور اللجون طوال الوقت بعد النزوح لأنها ترعرعت فيها حتى النكبة، وشهدت تهجير القرية عبر ترهيب العصابات الصهيونية للأهالي، ارتباطنا العاطفي بكل فلسطين، ولكن للجون هناك ارتباط خاص".

وتابعت أن "اللجون لم ولن تذهب من ذاكرتنا، انتقلت من والدتي إلى الأبناء والأحفاد، خاصةً أننا عندما كنا نأتي مع والدتي إلى قريتنا المهجرة، كنا نعيش معها كل التفاصيل وحدثتنا عن مختلف معالم القرية وبيوتها ومسجدها".

وأوضحت أن "مسجد القرية لا يزال صامدا وقائما، ولكننا لا نستطيع الوصول إليه بسبب السياج الذي وضعته السلطات الاسرائيلية ومجلس إقليمي مجدو، بالإضافة إلى البوابة الضخمة عند مدخل القرية الزراعية، وكل ذلك من أجل محو ذكرى اللجون ومعالمها من داخلنا".

وأضافت "والدتي حدثتنا عن المعارك التي جرت باللجون المهجرة والشهداء الذين ارتقوا بها، ومنهم الشهيد يوسف الحمدان، والشهيدة كعب الغزال، والكثير من القصص التي نقلتها لنا والدتي قبل أن تفارق الحياة. هذه القصص جعلتنا نتعلق بقريتنا أكثر ويزداد بنا أمل العودة إليها".

سمية محاميد

ونوّهت محاميد إلى أن "الفعاليات والنشاطات التي تقام باللجون ضرورية لنقل الرواية وما شهدته القرية للأجيال الشابة، خاصة في ظل كل التطور الذي نعيشه. هناك مسؤولية كبيرة على الأهل بنقل الرواية للأبناء، والأهم أن نقول لهم أن أهلنا الذين نزحوا لم ينزحوا بسهولة إنما خاضوا معارك كبيرة مع الإنجليز والعصابات الصهيونية".

واختتمت محاميد حديثها بالقول إن "هناك مسؤولية كبيرة على الأحزاب السياسية والمؤسسات بالمجتمع العربي وحركات ومنظمات المجتمع المدني، للعمل على تنظيم فعاليات وجولات بشكل مستمر في قرانا المهجرة".

من جانبه، قال المحامي محمد لطفي، في حديث لـ"عرب 48"، "نلاحظ رغبة الجيل الشاب في زيارة القرى المهجرة والتعرف عليها وعلى تاريخها وتفاصيلها الصغيرة والكبيرة، لذلك من المهم أن نؤكد للشباب أن العودة حق ثابت مهما طال الزمان".

وعن مسجد اللجون، أوضح لطفي أن "المسجد بُني عام 1931 وكان عامر بأهله وأهل القرية الذين نزحوا إبان النكبة بسبب العصابات الصهيونية التي ارتكبت الجرائم الإنسانية والمجازر بحق أهالينا، هذا المسجد مغلق منذ 75 عامًا، منذ النكبة وحتى يومنا هذا، ويمنع الأهالي من زيارته أو الاقتراب منه أو حتى ترميمه، وذلك بسبب منع القرية الزراعية المقامة على أراضي اللجون (مجدو) الأهالي من الوصول إلى المسجد".

محمد لطفي

وأضاف أن "المسجد يقع داخل مجدو وحتى يتمكن الأهالي من الوصول إليه يجب عليهم المرور من بوابة القرية الزراعية، ولكن للأسف الشديد أن المجلس الاقليمي مجدو يمنعنا من الوصول إليه، بالإضافة إلى الشريطيين المحيطان بمجدو من كل الاتجاهات، وهذا يمنع الأهالي من الوصول إلى المسجد، عدا عن المنع السياسي الصادر عن الحكومة الإسرائيلية".

وعن محاولات إخفاء آثار المسجد، قال إن "المسجد يحيط به سياج كبير بالإضافة إلى الأشجار الضخمة والكثيفة التي تم زرعها بمحاذاة المسجد لمحو كل آثاره. يعتقد الكثيرون أنه لا يوجد مسجد، والمسجد حقيقةً حتى اللحظة موجود وقائم ينقصه فقط ترميمات، معالمه واضحة والمحراب به واضح من الداخل ومن الخارج، المسجد ينقصه ترميمات خاصةً أنه منذ 75 عامًا لم يُرمم".

زياد أمين طميش

وعن مطالب الأهالي، قال لطفي: "نطالب بإعادة فتح المسجد وترميمه وإمكانية إقامة الصلوات به، ونطالب ذلك بشكل قانوني وجماهيري وشعبي. هذا من حقنا ويجب أن يفتح المسجد ولا يمكن التنازل عن هذا الحق مهما طال الزمن".

وقال الناشط في الحراك الشابي الفحماوي، كرم جبارين لـ"عرب 48" إن "الكثير من أهالينا يزورن اللجون بشكل مستمر، ولكن تنقصهم المعرفة عن القرية وتفاصيلها، خاصة أن من يستمع لقصتها يتعلق بها أكثر، لذلك من المهم تعريف الأهالي باللجون وحاراتها وينابيعها ومساجدها ومدارسها والحياة التي كانت تنعم بها".

كرم جبارين

التعليقات