08/05/2018 - 15:29

العقل والقلب لاختيار شريك/ة الحياة

عملية الزواج والارتباط هما بمثابة إطار ومنظومة مقدسة بين أثنين، فالمحافظة على السرية وخصوصية بعضهما البعض والحفاظ على "البيت" هو من البديهيات في حياة أي اثنين مقبلان على الزواج

العقل والقلب لاختيار شريك/ة الحياة

إن اختيار شريك/ة الحياة بات من الأمور التي تحتاج الوقوف طويلا والتفكير بتعمق قبل أن يُقبل عليها الشباب ليكونوا أزواجا في المستقبل، يقيموا أسرة وينجبوا الأولاد إلى هذا العالم، هذه المسؤولية التي تتطلب الكثير من الأسس والركائز الهامة والوعي والنضوج من قبل اتخاذ قرار الارتباط لأي شخصين بالغين.

عن الموضوع تحدثنا إلى السيدة تريزا شوفاني زيتون مستشارة وخبيرة في قضايا الزواج فقالت:

إن اختيار شريك الحياة ينبع من حاجة عند الانسان لمشاركة شخص أخرفي كل مجالات الحياة والعيش، وحاجة بيولوجية أيضا وهذا الارتباط يجب أن يرتكز على:

  • الحب والانجذاب أولا(الكيمياء).
  • الاحترام المتبادل.
  • الاحتواء ، واحد للآخر، في السراء والضراء.
  • الثقة المتبادلة بينهما.
  • الشراكة الكاملة وتوزيع المهام فيما بينهما في شتى مجالات الحياة.
  • ترك مساحة لكل واحد منهما لاتخاذ القرارات في حياته بحرية، بشرط أن المساحة والاستقلالية لا تؤثر على الآخر بمحيطهما المشترك.
  • النقاش المفتوح والواضح بينهما في كل الأمور، وفتح قنوات سليمة للتحدث.
  • تقبل الآخر وتقبل الاختلاف الموجود بينهما واحترامه.
  • يجب التحدث ومعرفة، قبل الزواج، كل الجوانب المعيشية وطرق التعامل معها، مثل القيم والعادات والمعتقدات والثقافة والاقتصاد طرق الصرف والشراكة المالية، الأكل الشرب، شراء بيت او سيارة مثلا كيف ندفع ومتى.
  • احترام خصوصية الآخر، واحترام خصوصية البيت.
  • من المفضل التوجه لمستشار/ة قبل الزواج للقيام بدورات تهيئة للإقبال على هذه الشراكة وكسب المعرفة وملاءمة التوقعات فيما بينهما، ولكي يتعرفا على التحديات المرسومة لهما مستقبلا ويخططا للحياة معا.

للأسف في مجتمعنا نلاحظ أن فترة الخطوبة بين اثنين تكون فترة، لا يتم الفحص الحقيقي أحدهما للأخر، فيكونا منشغلين بالحب والوله وتبادل الورود وهدايا الفالنتين، والمطاعم والمشاوير والأصدقاء والسهر واللباس الأنيق، دون التنبه لإشارات أساسية في تصرف كل منهما من شأنها أن تسبب المشاكل مستقبلا، وحتى توصل إلى الانفصال بينهما إن لم يدركا خطورتها.

من هذه الأشارات:

  • حب السيطرة الواحد على الأخر.
  • الشك والغيرة، فنلاحظ مثلا (الشاب عادة) الاتصال الهاتفي المتكرر، كل 5 دقائق ليعرف اين هي، ومع من، ماذا تفعل، وماذا تأكل، ويهددها أحيانا.
  • العنف والصراخ، يصرخ بها يتحكم بلباسها وتصرفاتها وزياراتها وأصدقائها وأهلها، أحيانا إلى حد الحالة المرضية. (يتوجب اللجوء لاستشارة قبل الزواج).

وغيرها الكثير من الإشارات التي تسمى بالحمراء يجب أن تضيء هذه الإشارات بلون الخطر الأحمر، والتي تنبئ بالمستقبل غير الهادئ واللآمن مع شريك الحياة وممكن أن تكون لحد الخطر، في حين لن ينفع الندم على قرار الارتباط. مستقبلا.

وفي حالات الضغط وعدم التفاهم يضطر كل واحد منهما اللجوء لطرق غير آمنة، للأهل للأصدقاء لكي يتحدثوا عما يضايقهما وتبدأ المشاكل وتتعقد أكثر بوجود أخرين يدورون في فلكهما.

إن عملية الزواج والارتباط هما بمثابة إطار ومنظومة مقدسة بين أثنين، فالمحافظة على السرية وخصوصية بعضهما البعض و"البيت" هو من البديهيات في حياة أي اثنين مقبلان على الزواج، فاحترام وبناء منظومة ومجموعة قيم وعادات ومبادئ وتقاليد مشتركة.

في الزواج هنالك قدسية للانكشاف الكلي واحد أمام الأخر، جسديا وروحيا، لا حدود بينهما، يتوحدان بالروح والجسد، ينجبان الأولاد إلى هذا العالم وهذه المسؤولية الكبرى في حياة أي زوجين وعليهما احتوائه حسب معايير الأمم المتحدة في "وثيقة الطفل العالمي".

عامل الحب والكيمياء لا يكفي لوحده بل يجب الموازاة بين العقل والقلب، لأن مفهوم الحب والوله الذي يكون موجودا في فترة التعارف والخطوبة، لا يبقى على حاله عندما يدخل الأزواج في معترك الحياة، والحياة العملية والتحديات الموضوعة أمامهما والمفاجئات والمستجدات.

الموازاة بين العقل والقلب، فالحب الحقيقي هو ليس "دقة قلب" فقط وإعجاب شكلي وجسدي وشهوة بين اثنين، هذا مهم ولكن مهم أيضا بنسبة أكثر بكثير التوافق والانسجام الفكري والثقافي والقيمي، كل يكمل الآخرلأن هذا هو التكامل في العلاقة الدمج بين القلب والعقل والتوازن فيما بينهما.

  • اختيار شريك الحياة يجب ان يكون عن وعي كامل لاحترام المختلف وتقبله فيما بينهما ومبني على التكامل(كل يكمل الاخر)، فالمشترك ما بينهما بديهي ان يكون مقبولا، التحدي يكون في الاختلاف.
  • القلب وحده لا يكفي والعقل بدون قلب لا يكفي من أجل ارتباط سليم أكثر وآمن.

وقد توجهنا من موقعنا "والدية" لعدة افراد ممن خاضوا تجربة الزواج أو كانوا على وشك الزواج وأبطلوه لعدة عوامل فقالوا ما يلي:

1- "كنا في فترة الخطوبة، ولكن لاحظت عدم احترامه لي ولأهلي ولعادات اجتماعية معينة، ولاحظت أنه يخفي عني اشياء كثيرة، يكذب احيانا مزاجي، فقررت الانفصال".

2- "تعرفنا على بعض اعجبني شكله وأعجبته، ولكن لم أقف عند ذلك رأيت فيه الإنسان المحب والداعم لي في كل المواقف وقف إلى جانبي لإكمال دراستي وتكوين نفسي، كان كريما معي ومع أهلي فقررت الارتباط به ونحن نعيش بانسجام وحب منذ 12 عاما".

3- "هو من غير ديني أحببته وأحبني منذ 20 عاما، لحد الجنون، بالرغم من معارضة المجتع والأهل، إلا أننا قررنا الارتباط والزواج، ونحن نعيش مع بعض بانسجام كامل وحب واحترام لغاية اليوم، وضعنا لأنفسنا أهدافا في الحياة وأسلوب حياة، ما كان مختلفا بيننا جعلناه تحديا لقبول كل منا الآخر، مثلما هو، بدون فرض أشياء غير مقبولة، أنجبنا أطفالا وأولادنا اليوم يعيشون بسلام وأمان"

4- "أحببتها إلى حد العبادة لم أكن أنقص عليها شيئا، كانت زوجة غيورة إلى حد الجنون كلما تحدثت إلى زميلة لي أو صديقة أو أختي أحيانا، كانت تعمل لي مشكلة وتعكر صفونا، لم ألحظ هذا في الخطوبة إلا أحيانا، ولكن مع الوقت وبعد الزواج تفاقمت المشكلة إلى حد الجحيم، لذلك قررت الطلاق وانفصلنا".

وأخيرا نقول إن الزواج والارتباط هو مسؤولية كبيرة، ليس المهم أن نتزوج نظرا لضغوط اجتماعية أو للهروب من فشل عاطفي سابق، أو الهروب من وضع سيء في البيت، فالزواج يكون ممتعا وناجحا وفيه استمرارية حين يتحلى الزوجين بالوعي والنضوج الكافي والخوض بعمق لمعرفة ماهية الزواج، الأمر الذي يعود بالفائدة لتربية أولاد صالحين لمجتمع أفضل.   

تريزا شوفاني زيتون

 

 

عاملة اجتماعية- مستشارة زوجية- معالجة للاعتداءات الجنسية وموجهة مجموعات 

 

التعليقات