29/01/2019 - 12:45

عائلاتنا إلى أين تسير؟

عائلاتنا إلى أين تسير؟ ونحن في زمانٍ ‎طريقنا مملوءة بالذئاب المفترسة، وقافلة البيت ‎تسير بمفردها، إلى أين؟ ‏‎تيَّقظوا، لن يبق شيء اسمه الأسرة كما يخَطَط لنا، ‏‎إلى أين نسير؟ 

عائلاتنا إلى أين تسير؟

نعود ثانية للحديث، ولا ينتهي النقاش، حول دور الهواتف الذكية وتأثيرها السلبي على حياة الأفراد وبالتالي على الأسرة ككل، هذا التملك والاستعباد من هذا الجهاز للفرد، واستحواذه على حواسه وعقله وتفكيره، سيطرة ممغنِطة لذهنه واستيعابه لعالمه وحيزه الخاص، مقابل شروده وانخراطه في العالم الخارجي الافتراضي، لحد الانسلاخ عن الواقع، تماما كمن يتعاطى أي مخدر أو مادة مدمنة، لحد فقدان السيطرة (الألعاب الإلكترونية)، هذا مدُّ أفقد المجتمع تدريجيا العلاقات الاجتماعية الحقيقية، كل في جهازه وعالمه الآخر، والسؤال المطروح هو لماذا هذا التعلق والتمسك والإدمان، رجال، نساء، أطفال، شباب، صبايا فالكل مشغول بالجهاز وبكميات الأخبار والمعلومات والعروض والأغاني والأصدقاء الافتراضيين والألعاب، كنا نسمع في الماضي عن جهاز يسمى "صندوق العجايب" يفضي إلى صورة كانت تُبهر المشاهد، أخرجته من حيز الراوي الذي كان يروي الحكايا بدون صورة، فجاء "صندوق الفرجة أو العجايب" كاختراع جديد فيه متعة المشاهدة، بعدها ترقينا إلى التلفاز الذي امتلك الناس تدريجيا ولكن الامتلاك كان في نطاق المجموعة مثال: " كل العائلة ترى فيلما واحدا "، وبهذا متعة جماعية، أما اليوم ومع اختراع الهواتف الذكية تحول الفرد، واتجه أكثر نحو الاستقلالية والفردانية، هذا من ناحية جيد ولكن من ناحية أخرى تحول ويتحول إلى كائن غير اجتماعي، ترى إلى أين سنصل بعد الهاتف الذكي؟.

كتب الأب سالم المدانات من الأردن قائلا: 

"اقتباس"

 "  عائلاتنا إلى أين تسير ؟

عائلاتنا إلى أين تسير؟ ونحن في زمانٍ ‎طريقنا مملوءة بالذئاب المفترسة، وقافلة البيت ‎تسير بمفردها، إلى أين؟

‏‎تيَّقظوا، لن يبق شيء اسمه الأسرة كما يخَطَط لنا، ‏‎إلى أين نسير؟ 

بيتٌ خالٍ من المشاعر، جوجل متخم بالمشاعر والحب.

‏‎بيتٌ كل فرد فيه دولة مستقلة، منعزل عن الآخر، ‏‎ومتصل بشخص آخر، خارج هذا البيت‏، لا يعرفه ولا يقربه. 

‏‎بيتٌ لا جلسات لا حوارات، لا مناقشات لا مواساة.

تيقَّظوا، ‎هكذا بيوت العنكبوت واهية.

‏‎الأب الذي كانت تجتمع حوله العائلة، تبدل ‏‎وصار (راوتر).

‏‎الأم التي كانت تلملم البيت بحنانها ورحمتها، تحولت وصارت واتس آب، ‏‎في بيوتٍ الكل مشغول عن الكل.

‏‎إلى أين نسير ؟

‏‎الأبناء تحولوا من مسؤولين إلى متسولين، ‏‎يتسولون كلمة إعجاب من هنا، ومديح مزيف من هناك، وتفاعل من ذاك وهذا وهذه.

‏‎زمان أصبحنا نستجدي فيه الحنان من الغريب، بعدما بخلنا به على القريب.

‏‎إلى أين نسير؟

الزوجة تعلق على كل منشورات الرجال الغرباء، ‏‎وتعجب بصورهم الشخصية، وزوجها بجانبها يترقب منها كلمة إعجاب.

و‏‎زوج يلاطف هذه ويتعاطف مع تلك،  وهن غريبات بعيدات،  وزوجته بالقرب منه ولكنها لم تسمع عطفه ولا لطفه.

‏‎إلى أين نسير ؟ 

أم تراقب كل العالم في مواقع التواصل، ‏‎لا يمر منشور إلا ووضعت بصمتها عليه، ‏‎ولكنها لا تدري ماذا يوجد في

بيتها،  ‏‎وهل لها بصمة في سكينته ومودته؟

‏‎أب يهتم بكل مشاكل العالم، ويحلل وينظر لكل أحداث الأسبوع، وهو لا يعلم ماذا يدور في بيته، ولا يستطيع تحليل الجفاف العاطفي والروحي في بيته.

‏‎إلى أين نسير؟

أم يحزنها ذلك الشاب الذي كتب ( إني حزين ) ‏‎وهي لا تدري أن ابنتها غارقة بالحزن والوحدة،  ‏‎تتأثر لقصص وهمية يكتبها أناس وهميون.

‏‎والد يخطط لنصيحة شابة تمر بأزمة نفسية،  ‏‎وهو لا يهتم بابنته التي تعيش في أزمات.

‏‏‎ابن معجب بكل شخصيات الفيسبوك ‏‎ويراها قدوة له، ويحترمها ويبادلها الشكر لما ينشرونه، ‏‎ووالده الذي تعب لأجله ‏‎لم يجد منه كلمة شكر ولا مدح.

‏‎ولمَ هكذا صار المصير؟

لأننا نبحث عن رسالتنا خارج البيت،  نريد أن نؤدي رسالتنا خارج أسوار البيت، ‏‎مع الآخرين،  ‏‎مع البعيدين، ‏‎مع الغرباء،  مع من لا نعرفهم.

ما الحل وما العلاج؟

أن نتيقن أن الرسالة الحقيقية هي التي تبدأ من البيت،  ‏‎رسالتنا تبدأ من بيوتنا وفي بيوتنا ومع أهلنا، ‏‎ولنعلم أننا عندما نعمل على أداء رسالتنا في البيت ‏‎قبل الشارع ستنتهي أكثر مشاكلنا".

التعليقات