31/01/2009 - 16:49

في ذكرى الحكيم: آن الأوان لكشف الغطاء عن المتواطئين مع العدوان../ سليمان أبو ارشيد

في ذكرى الحكيم: آن الأوان لكشف الغطاء عن المتواطئين مع العدوان../ سليمان أبو ارشيد
تمر الذكرى السنوية الأولى لرحيل الحكيم وغزة ما زالت تلعق جراح أبنائها، وتدفن شهداءها وتنهض لتواجه العدوان السياسي مترامي ومستحكم الأطراف الذي شكل فيه من شكلوا في السابق رأس حربة في المقاومة فلسطينياً وعربياً يشكلون اليوم خنجراً مسموماً يراد به ذبح المقاومة وتركيعها سياسياً بعد أن فشلت آلة الحرب الإسرائيلية وجرائمها من تركيعها عسكرياً، وأقصد بهذه الأطراف الطغمة الفاسدة التي تسيطر على م. ت.ف والسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس والنظام المصري الذي حيد في كامب ديفيد عن ساحة المواجهة في عهد السادات وانتقل إلى معسكر أصدقاء إسرائيل في عهد الرئيس حسني مبارك.

مؤسف وغير مقنع وغير مبرر هو موقف اليسار الفلسطيني، وأقصد تحديداً الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي ما زالت رغم انفضاح وانكشاف طابق الطغمة الفاسدة التي تسيطر على السلطة وعلى م.ت.ف تنضوى تحت هذا الإطار، وتتأتى في مواقفها بعد هذا الفرز الواضح الذي أحدثه عدوان غزة بين نهج المقاومة ونهج المساومة والتواطؤ مع العدوان، وهي تختار عملياً ببقائها في إطار م.ت.ف التي يرأسها محمود عباس إعطاء الشرعية لنهج الأخير رغم انكشاف طبته وظهوره سافراً خلال العدوان وبعده كأسوأ نظام عربي بل هو أسوأ من أسوأ نظام عربي وعلى يمين النظام المصري.

ماذا تنتظرون يا أبناء وأحفاد الحكيم؟ وبماذا تمحصون وإن لم تكن سيرة الحكيم الذي إنشق عن م.ت.ف في ظروف أقل وطأة بكثير عام 74 بسبب النقاط العشر التي ألمحت إلى الاعتراف بإسرائيل وأسس جبهة الرفض؟ وعام 85 وأسس جبهة الإنقاذ؟ أو يحتاج دم بهذا الوضوح إلى معجم طبقي لكي يفهمه، ثم عن أي وحدة وطنية وما هي الغاية من مثل هذه الوحدة التي أصبح اليوم يتباكي عليها حسني مبارك وأبو مازن وحتى إسرائيل وتهدف أول ما تهدف إلى إعادة الطغمة الفاسدة إلى غزة لتنعم بأموال الإعمار، وثانياً توضع كشرط مسبق لوقف إطلاق النار والتهدئة وفتح المعابر وفك الحصار عن غزة الجريحة، وذلك بهدف واضح هو إنجاز ما فشلت إسرائيل بإنجازه رغم عشرات آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ التي تلقتها رؤوس أطفال غزة وشيوخها ونسائها وحجرها وشجرها.

وحدة وطنية مع من؟ وعلى أي أساس؟ ومنذ متى تقدسون الوحدة الوطنية وم.ت.ف دون النظر إلى أطرافها وإلى مرتكزاتها؟ ألم تبقى فصائل العمل الوطني خارج م.ت.ف حتى عام 67 والتحقت بها الشعبية بعد أحداث الــ 70؟ ألم تشق الجبهة الشعبية م.ت.ف عام 74 لأنها رأت أن الأهداف أكثر تقديساً من الغطاء ثم عادت وشقتها عام 85 لنفس الأسباب؟ ومن قال إن الأطر قوالب مقدسة؟

يجب التمسك بها حتى بعد أن تأكد لنا تحويلها من حركة تحرر وطني إلى حركة مفاوضات عبثية يتم إستغلالها كرأس حربة لضرب المقاومة وإجهاضها. ثم من قال إن وحدة الأرض مقدسة هي الأخرى؟ ومن قال إن غزة والضفة الغربية يجب أن تبقى "كياناً سياسياً" واحداً؟ وكيف يستوي ذلك عندما تضيء الضفة الشموع تضامناً مع غزة التي تتعرض لأبشع عدوان عرفه التاريخ الحديث؟ ألم تخضع سايغون لسلطة عميلة في حين كانت عشرات آلاف أطنان القنابل تنهال على هانوي قبل أن يكتب أحمد فؤاد نجم سايغون درة يا ثوار عادت حرة للأحرار، جاتكو فضيحة يا طبقة سطيحة وعاملة فضيحة وجايبة العار؟..

هذا أوان الفرز، ومنظمة التحرير الفلسطينية لم تكتسب شرعيتها عبر صندوق الاقتراع بل ببرنامجها التحرري الوطني الذي تجاوب مع تطلعات أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجده. والحديث اليوم، عن شرعية فلسطينية خارج دائرة المقاومة في وقت ما زالت الأرض الفلسطينية تحت الاحتلال، هو حديث ساقط وممجوج، فكم بالحري عندما يدور الحديث عن أناس تواطأوا مع العدوان الذي هدف إلى تصفية هذه المقاومة بهدف واضح وواحد ووحيد هو طي القضية الفلسطينية وإسقاط ملفها إلى الأبد.

ألم تكشف المعطيات الأخيرة التي نشرتها منظمة سلام الآن الإسرائيلية عن زيادة بنسبة 70% في الاستيطان وهي السنة التي كان فيها أولمرط يجتمع أسبوعياً تقريباً مع أبو مازن في تل أبيب، مما يعني إن أولمرط كان يبني بين بوسة لحى وأخرى مع عباس آلاف الشقق السكنية على الأرض الفلسطينية المحتلة.

ألا تخجلون يا ورثة الحكيم من تصريحات عباس وطغمته خلال الحرب وبعدها، والتي ليس فقط يشتم منها بل أصبحت واضحة ومباشرة في انحيازها لإسرائيل في العدوان على غزة، وإذا كنتم لا تخجلون لذاتكم وتستهينون بذاتكم وبتراثكم إلى هذا الحد فاخجلوا على تاريخ الرجل الكبير واحفظوا له مكانة ومكانته بعد مماته.

عفواً لأن الأسماء يجب أن تسمى بمسمياتها وما يسمى بالشرعية الفلسطينية (م.ت.ف) تستغل اليوم أبشع استغلال من قبل أطراف فلسطينية تتربع على رأسها، ومن قبل أطراف عربية تآمرت معاً في العدوان على غزة وبعضها انتظر العودة على ظهر دبابة إسرائيلية إلى غزة. هذه الأطراف آن الأوان أن يكشف عنها الغطاء حتى يتم محاسبتها داخل تنظيماتها هذا إذا كانت هذه التنظيمات ما زالت متمسكة بالكفاح الوطني التي أطلقته قبل غيرها.

عفواً أبناء وأحفاد الحكيم فلطالما اتهمنا هنا بالقومجية والتطرف والمغامرة بسبب تمسك الأخير بالبوصلة الوطنية وعدم التفريط في ظروف أقل وطأة، وفي تفريط أقل قسوة إذ كان الحديث يدور عن أجزاء من الوطن أما اليوم فإن الحديث يدورعن التفريط بالقضية برمتها، ويكفينا الحديث العاطفي من أن الحكيم أوصى بالوحدة الوطنية وهو على فراش الموت لأن كل عاقل يعرف إن الوحدة التي نشدها الحكيم وينشدها كل فلسطيني هي الوحدة التي لا تفرط بالقضية التي أفنى حياته من اجلها.

الفرز بات واضحاً عربياً وفلسطينياً وفي كل الساحات وعلى الجميع أن يختار بين محور القاهرة رام الله ومحور غزة دمشق بعد إنمحاء المناطق الرمادية.

ونعتقد إن انسحاب الجبهتين الشعبية والديمقراطية من م.ت.ف في هذا التوقيت بالذات وكشف الغطاء عن الطغمة الفاسدة التي باتت تسيطر على حركة فتح وعلى م.ت.ف سيعجل من إسقاط هذه الطغمة وفي إعادة بناء م.ت.ف على أساس برنامج وطني مقاوم ولا يمكن لنا التشدق وشتم الشعب المصري الذي لا يسقط نظام مبارك ونحن ننضوي تحت نظام أكثر سوءً عن طيب خاطر وللتذكير فقط فإن مظاهرات التضامن مع غزة تم قمعها في رام الله والقاهرة فقط.

وفي الداخل الفلسطيني على أحزابنا التي تخوض الانتخابات كشف مواقفها أمام جماهيرنا لتكون قادرة على الاختيار فغزة ليست دماء فقط، غزة موقف ونهج قبل كل شيء.

التعليقات