17/04/2009 - 11:31

اقتراح الرئيس الإيراني هو الحل الأمثل للخروج من الازمة الداخلية الفلسطينية/ باسم حماد

-

اقتراح الرئيس الإيراني هو الحل الأمثل للخروج من الازمة الداخلية الفلسطينية/ باسم حماد

اقترح الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مؤخرا، في مقابلة أجرتها معه مجلة "دير شبيغل" الالمانية اجراء استفتاء شعبي فلسطيني حول موضوع قبول حلّ الدولتين اسرائيل وفلسطين. واكّد انّ على الجميع القبول بنتائج هذا الاستفتاء للخروج من الازمة الداخلية الفلسطينية الدائرة بين تيارين متعارضين على هذه الساحة، هما تيار حركة فتح ومنظمة التحرير الذي يقبل باقامة دولة فلسطينية في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة بما في ذلك القدس الشريف، والتيار الاسلامي المتمثل بحركتي حماس والجهاد والذي يدعو الى انهاء الكيان الصهيوني واقامة فلسطين من النهر حتى البحر.
ان مجرّد صدور هذا الاقتراح عن الرئيس الايراني يعتبر تحوّلا كبيرا في الموقف الايراني الداعم الاكبر ماليا ومعنويا لحركتي حماس والجهاد والرافض للحل الوسط الذي وافقت عليه منظمة التحرير في اتفاقات اوسلو. ويبشر هذا التحول ايضا بتحول في مواقف حركة حماس باتجاه قبول الحل الوسط بعد ان اصبح من المستحيل في ظلّ الظروف الدولية والعربية المحيطة (على الاقلّ في هذه المرحلة) تحقيق هدف تدمير اسرائيل واقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب من النهر الى البحر.

لقد كان هذا الهدف ذا اجماع عربي وفلسطيني لغاية حرب حزيران 1967. اي هدف تدمير اسرائيل واقامة فلسطين من النهر الى البحر، وعندما اقيمت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 واقرّ المجلس الوطني الفلسطيني الاول الميثاق الوطني الذي اصبح البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية (وتم تعديله بعد اتفاقات اوسلو). وقد نص الميثاق في مادته الاولى على ان فلسطين هي وطن الشعب الفلسطيني وهي جزء من الوطن العربي الكبير. ونصّت المادة الثانية في الميثاق على ان فلسطين بحدودها التاريخية التي كانت قائمة في عهد الانتداب البريطاني وحدة اقليمية لا تتجزأ. ونصّت المادة التاسعة على ان الكفاح المسلّح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، ونصّت المادة العاشرة على ان العمل الفدائي هو النواة لحرب التحرير الشعبية لتحرير فلسطين.
كل هذه المبادئ التي تتمسك بها حركتا حماس والجهاد اليوم وردت في الميثاق الوطني الفلسطيني كما اقرّ عام 1964. لكنّ منظمة التحرير الفلسطينية وبعد طردها من لبنان عام 1983 بمساهمة دول عربية ايضا، وبعد اغلاق كافة الجبهات العربية امام الكفاح المسلح الفلسطيني، وبعد ان عقدت مصر اتفاقية السلام مع اسرائيل، اضطرت الى التأقلم مع الوضع الجديد وبدأت تدرس القبول بالحل الوسط الذي يعني اقامة دولة فلسطينية مستقلة في المناطق التي احتلتها اسرائيل عام 1967 الى جانب اسرائيل.

وعندما اندلعت الانتفاضة الاولى عام 1987 عملت منظمة التحرير على استثمار ذلك ودعت الى عقد الدورة (19) للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر العاصمة يوم 15 نوفمبر تشرين ثاني 1988 حيث اقرّ المجلس الوطني وثيقة اعلان الاستقلال الفلسطيني التي كانت اول وثيقة فلسطينية تعترف بالقرار (181) الصادر عن الامم المتحدة كأساس لا يزال صالحا لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة يحمل في معانيه الضمنية والمباشرة الاعتراف بما انتجه القرار من قيام دولة اسرائيل.

في ذلك الوقت بالذات كانت تتشكل حركة حماس لتشكل معارضة لهذا التوجه وللتمسك بالمبادئ التي رأت منظمة التحرير ان ضرورة المرحلة تقتضي التخلي عنها. وهنا بدأ الصراع بين التيارين، الاول الذي يقبل بالحل الوسط وباقامة الدولة الفلسطينية على جزء من فلسطين كما اسلفنا، وتقوده حركة فتح ومنظمة التحرير، والثاني يتمسك بتحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر حتى البحر وتمثله حركتا حماس والجهاد.
لقد دلّت كافة استطلاعات الرأي حتى الآن إلى ان هناك غالبية من الشعب الفلسطيني تؤيد الحل الوسط واقامة الدولة الفلسطينية في المناطق التي احتلتها اسرائيل عام 1967 بما فيها القدس. لذلك فان اقتراح الرئيس الايراني بالتوجه الى استفتاء شعبي يمكن ان يكون اساسا للتوافق لحل الازمة الداخلية الفلسطينية الواقعة بين تيارين اساسيين على الساحة الفلسطينية. فاذا ايّدت غالبية الشعب الفلسطيني الحل الوسط، فعلى حماس على الاقل ان ترضى بذلك وليبق الجهاد الذي يرفض اي مشاركة في العملية الديمقراطية على رفضه، واذا رفض الشعب الفلسطيني الحل الوسط في هذا الاستفتاء، فعلى منظمة التحرير وحركة فتح ان توقفا المفاوضات نهائيا وتقبلا بما ارتضاه شعبهما.

كما اسلفنا فإن المتوقع هو ان يقبل الشعب الفلسطيني بالحل الوسط، علماً أن د قبول حماس بهذا الحل سيحرج اسرائيل على الساحة الدولية ويضعها امام استحقاقات السلام وجها لوجه، لأن اسرائيل تتذرّع حتى الآن بان حماس لا تريد الحل الوسط وتسعى الى القضاء عليها.





التعليقات