03/09/2009 - 14:09

ردا على مغالطات التفسيرات لمؤتمر حركة فتح../ يونس العموري*

ردا على مغالطات التفسيرات لمؤتمر حركة فتح../ يونس العموري*
حينما يصبح التناقض سيد الموقف، وحينما لا نستطيع مقاربة الحقيقة والتسليم بها وبمفاعيلها، نكون كمن يحاول أن يستر عورته بشيء من أوراق التوت. فالحقيقة الراسخة اليوم والتي نجدنا نحاول ثنيها عن وقائعنا اليومية أو تغيبها عن نبض المفاعيل السياسية وتأثيراتها الفعلية والعملية في محاولة لاستثناء الحقيقة والقفز عنها أو تمييعها وتطويعها وفقا لرغبات سماسرة العمل السياسي الإحترافي ومقاولي الإتفاقيات من تحت الطاولة وتمرير رؤى سياسية لا تمثل الحد الأدنى من الحالة الإجماعية التي من الممكن ان تكون قد أقرتها مؤتمرات أو اجتماعات رسمية لتحديد التوجهات الفعلية لمسار العمل السياسي الفلسطيني، أو فيما يتعلق بتحديد وقائع المسار التحرري للشعب الفلسطيني.

فحينما يحاول أحدهم تسويق ذاته من خلال تمييع قرارات المؤتمر العام السادس لحركة فتح من خلال تشويه هذه القرارات أو اللعب على المصطلحات، وهو ليس له علاقة اصلا بالمؤتمر لا من قريب ولام من بعيد، وذلك من خلال مقالة منشورة في إحدى الدوريات العبرية مخاطبا من خلالها المجتمع الإسرائيلي في محاولة لطمأنة الإسرائيليين لنتائج أعمال المؤتمر، وأن هذا المؤتمر لم يخرج عن السياق السياسي العام المتفق عليه، وهو الأمر المتناقض تماما مع ما أقره المؤتمر من قرارات وتوصيات لجهة العمل السياسي لحركة فتح، وتحديدا فيما يخص القضايا الأساسية والمفصلية، والتي وقف عندها المؤتمر وأصدر قراراته فيها بشكل واضح وصريح دون لبس أو تأويل أو محاولة تطويع، بصرف النظر عن حالة الصخب والشغب التي رافقت أعمال المؤتمر، وتلك التناقضات التي شابت أعماله وانقسام المؤتمرين حول الكثير من القرارات.

لكن يبقى ان المؤتمر قد أقر جملة من الحقائق ليس من حق أحد كائنا من كان أن يفسرها أو يؤولها على أهوائه ورغباته التي يريد ليخرج بجملة من التصريحات التي من شأنها تشويه الصورة الشمولية لقرارات المؤتمر، وهذا ما أقدم عليه السيد أشرف العجرمي والذي حاول مخاطبة المجتمع الإسرائيلي وقادته من خلال مقالته في "يديعوت أحرونوت" والذي أشار من خلالها إلى مغالطة تاريخية، حيث يعتبر أن تبني مؤتمر فتح لحق المقاومة لا يعني المقاومة المسلحة. ويرى أن المفاوضات «ساحة نضال هامة». كما أنه يؤكد أن حل قضية اللاجئين يتم بالاتفاق.

ويلخص العجرمي تصريحات عباس في المؤتمر (بـالمفاوضات والعملية السياسية هي الطريق الوحيدة للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه).. وهو الأمر غير الدقيق بالمطلق حيث أن المؤتمر قد قال الكلمة الفصل فيما يخص المقاومة معتبرا اياها مشروعة ومفتوحة الخيارات، مؤكدا على الحق الشرعي والقانوني لممارسة كافة أشكال العمل المقاوم دون أن يقدم مطالعة تفصيلية لماهية مشروعية المقاومة أو اعتبارها وكأنها حبر على ورق وتنظير سياسي مفرغ من مضمونه، وهو ما يحاول الإيحاء به السيد العجرمي ذاته. وهو يريد القول إن فتح قد قالت ما قالته عن المقاومه من الناحية النظرية التنظيرية، وإن فتح لن تعمد الى المقاومة وممارستها الأمر الذي يتجاوز ومن خلاله كاتب المقالة في "يديعوت أحرنوت" دوره كقارئ ومحلل لنتائج أعمال المؤتمر، بل لينصب من نفسه مفسرا لقرارات المؤتمر وفقا لما يريد هو.

أما فيما يخص تصريحات أبو مازن في أعقاب المؤتمر فمن الممكن تناول هكذا تصريحات بوصفه رئيسا للسلطة ومتطلبات تحركاته الإقليمية والدولية إلا أن أدبيات حركة تبقى هي المحدد الفعلي لبوصلة التحرك والتصريحات الفتحاوية وما يصدر عن فتح هو بالنهاية ما يمثل فتح.

من الواضح أن العجرمي قد خصص مقاله لتسويق نتائج مؤتمر فتح للجمهور والقيادة الإسرائيلية وتبديد قلقهم من نتائجه، رغم أنه ليس عضوا في الحركة ولم يحضر المؤتمر فلا أعلم لماذا أسند لذاته هكذا مهمة... إلا إذا اعتبرنا أن ثمة لوبي فلسطيني يحاول تبهيت نتائج أعمال مؤتمر فتح، وتقديمه بصورة مغايرة ومعاكسة لحقيقته ....

وبهذا السياق أتناول ما قدمه المُشار إليه أعلاه وتفنيده من خلال وقائع المؤتمر ذاته.... فقد تحدثت المقالة عن مؤتمر فتح قد حقق إنجازين؛ الأول حسب رأيه يتمثل بتبني فتح لخطة سياسية واقعية تتحدث عن دولتين لشعبين ولا أعلم عن أي إنجاز يتحدث السيد المذكور حيث أن حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ومنذ بداية مسيرة العملية التسووية كانت قد تحدثت عن هكذا أطروحة، وفتح، كما هو معلوم ومعروف للقاصي والداني، تتحدث عن قيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران وتكون القدس عاصمتها، أما فيما يخص الإنجاز الآخر، على حد تعبيره، والخاصة بقضية اللاجئين حيث اعتبر أن المؤتمر قد تحدث عن إمكانية إيجاد حل متفق عليه لهذه القضية، وهو الأمر المخالف والمجافي للحقيقة ولوقائع المؤتمر، حيث أن المؤتمر قد أقر وبإجماع أعضائه مبدأ حق العودة لللاجئين الى ديارهم وقراهم ومدنهم وتعويضهم وفقا للقرار الأممي رقم 194 .

لقد حاول العجرمي تبديد القلق الإسرائيلي من تبني حق المقاومة في المؤتمر بالقول: "على الإسرائيليين أن يعوا أن الفلسطينيين لا يمكنهم التخلي عن حق مقاومة الاحتلال طالما هناك احتلال. القانون الدولي يمنحنا هذا الحق، ولكن هذا لا يعني أن الفلسطينيين مستعدون أو يريدون استخدام السلاح ضد الإسرائيليين. هناك أنواع كثيرة من المقاومة: الشعبية، المقاومة السلمية غير العنيفة، وهناك المفاوضات كساحة هامة للنضال". فمن أعطى للسيد العجرمي هذا الحق بأن ينطق باسم فتح وأن يحدد أساليب المقاوم لحركة فتح ومواقيتها وأدوات كل مرحلة من المراحل، وكأنه يجلس في غرفة أركان العمليات الميدانية لفتح يحدد متى يشاء اساليب العمل ومخططات المقاومة وأدواتها.

اعتقد أن السيد العجرمي يحاول أن يقدم ذاته للمجتمع الإسرائيلي من بوابة ليس له علاقة بها وقد أخفق إخفاقا كبيرا بهكذا تقديم.

التعليقات