18/10/2009 - 10:07

في نقد الخطاب السياسي الجديد لـ"حماس"../ د. حيدر عيد

-

في نقد الخطاب السياسي الجديد لـ
من أصعب الأمور التي قد يواجهها الناشط السياسي، غير المرتبط بأجندات تمويلية تشترط عليه شروطا تبعده عن الخوض في معارك حقيقية، كما هو الحال مع ذوي الماضي الثوري الذين تمت أنجزتهم، هو أن يجد نفسه في موقف ناقد لفصائل المقاومة والمحسوبة على تيارات الممانعة وذات القاعدة الجماهيرية الواسعة. ولكن كما قال أحد أهم المفكرين النقديين (ثيودور ادورنو)، إن المثقف أو الناشط، يجب أن يقيس مدى جديته واخلاصه بمقدار المسافة بينه وبين السلطة الحاكمة. ولا شك أن هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها القضية الفلسطينية في غاية الأهمية. مما يحتم على المفكر، الناشط، المثقف العضوي الحقيقي أن يترك برجه العاجي، كما يقول المفكر المجري جورج لوكاش، وأن يغوص في الهم اليومي والعام لشعبه.

كانت هذه المقدمة ضرورية للتمهيد لموضوع في غاية الحساسية، والأهمية أيضاً، بسبب علمي مسبقاً أنه سيتم تقييمه، وبمشاركة قوة من المفروض ان تكون نقدية، من خلال الثنائية السائدة في مجتمعنا هذه الأيام. ولكن سيف هذه الثنائية البغيضة يجب ألا يكون المعيار الوحيد لخياراتنا السياسية وبالذات في هذه المرحلة التي يجب ان تتميز بسيادة مفهوم التحرير وليس تصنيم الدولة "والإستقلال" الخالي المضمون.

حينما فازت حركة المقاومة الاسلامية "حماس" وبشكل مفاجئ وكاسح بانتخابات 2006 م في الضفة الغربية وقطاع غزة كانت الرسالة من الناخبين الذين يمثلون ثلث الشعب الفلسطيني واضحة: لا كبيرة "لعملية السلام" السخيفة بما تحتويه من ترديد ممل عن "حل الدولتين-السجنين" المستحيل تحقيقه. ولا أكبر لفضلات الطعام المقدمة لطبقات اوسلوية ومتأنجزة.

والحقيقة أن الكثيرين ممن صوتوا لـ"حماس" لم يكونوا في الواقع مؤيدين أصلاً لهذا الفصيل، ولكنهم كانوا قد سئموا من واقع أوسلو ورغبوا بالمساهمة في خلق تغيير انقلابي على واقع مرير كانوا قد عاشوه لمدة 13 عاماً من المفاوضات العبثية والتي أضرت بشكل هائل بالقضية الفلسطينية وحولتها من قضية نضال من أجل التحرير ومدعومة من قبل الملايين في العالم الى قضية "نزاع" Dispute بين طرفين متساويين، بين دولتين متصارعتين لتعديل الحدود بينهما!

ومما لا شك فيه أن انتصار "حماس" في الإنتخابات قد قلب الطاولة رأساًعلى عقب واعتبر، بحق، ضربة موجعة لعقيدة جورج بوش في الشرط الأوسط من "نشر للديمقراطية". ولكن الثمن الذي دفعه الفلسطينيون كان، ولا يزال، باهظاً جداً، ليس لانتخابهم حركة "حماس" في الواقع ولكن لأن هذا الخيار كان يعني بالضرورة رفض كامل، والبعض يجادل أنه تأجيل، لخرافة "العملية السلمية". لو كان هناك قوى فلسطينية أخرى تتمتع بثقة الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة على أنها قادرة على مقارعة إتفاقيات أوسلو بطريقة جدية، وغير شكلية، لكان لديها فرصة لتحقيق إنجاز إنتخابي. ولكن ما بين (1993-2006) كان "اليسار" قد أكمل عملية الأسلوة والأنجزة بشكل وضعه سياسياً، وحتى إجتماعياً، على يمين حركة "حماس"، من خلال تذيله للجناح اليميني المسيطر على منظمة التحرير الفلسطينية.

اذاً فقد فازت "حماس" بالإنتخابات لانها كانت متوقعة، صواباً أو خطأً، بأن تصحح أخطاءً تاريخية ارتكبتها القيادة الرسمية الفلسطينية وبالذات الدفاع عن حق عودة اللاجئين ووضع حل نهائي لحل الدولتين التصفوي. وبمجرد فرز نتائج الإنتخابات تم فرض حصار قروسطي قاتل على فلسطيني قطاع غزة تم اتباعه بعدة خطوات لزعزعة الوضع السياسي والأمني في القطاع من محاولات انقلابية على النتائج بطرق مختلفة وصولاً لحرب الإبادة الهمجية التي استمرت 22 يوم.

إن مجزرة غزة كانت عبارة عن تسونامي سياسي، يهدف لخلق قناعة لدى الشعب الفلسطيني بأنه شعب مهزوم، بأنه يواجه قوى ميتافيزيقية لا تهزم على الاطلاق. إن الرسالة كانت واضحة ألا هي أن أي خيار معاد لاوسلو كان عبارة عن خطأ ليس فقط سياسي، بل أيضاً وجودي. خطأ أدى وسيؤدي الى تغيير نمط الحياة لديهم وبشكل كامل وهنا يمكن فسير الاستهداف المنهجي للأطفال والعائلات. أكثر من 90% من ضحايا المجزرة كانوا مدنيين تبعاً لمنظمات حقوق الانسان. ولكن لم يتم تحقيق أي هدف من الأهداف المعلنة للحرب: فـ"حماس" لا زالت على سدة الحكم، وصمود أهل غزة أقوى مما سبق، بمعنى أن إسرائيل قد فشلت فشلاً ذريعاً بإقناعهم أنهم شعب مهزوم وما يترتب عى هذه القناعة من استسلام كامل.

وقد قامت حركة "حماس" بحشد الآلاف من مؤيديها في شوارع قطاع غزة احتفالاً (بالنصر التاريخي على العدو الصهيوني). وقد صرح المتحدثون بإسمها مراراً وتكراراً بأنه بناءً على هذا النصرالتاريخي فإنه لن يكون هناك عودة للحصار الذي كان، ولا زال، مفروضاً على القطاع، وأن الحقائق على الأرض الآن تتطلب خطوات جديدة. كذلك كان لدى الشعب الفلسطينيفي الضفة وغزة، 48، والشتات آمال وتوقعات بحدوث تغيير جدي. إن مجزرة غزة 2009م كان من المفروض أن تكون تماماً كمجزرة شارب فيل في جنوب أفريقيا، وجورنيكا في إسبانيا، نقطة تحول تاريخي مفصلية في نضال الشعب الفلسطيني ضد سياسات إسرائيل من إحتلال عسكري، استيطان، وأبارتهيد.

ولكن إستثمار هذا النصر التاريخي ضد العدوان الاسرائيلي كان يتطلب قيادة ذات رؤية تتميز بوضوح استراتيجي تحريري يعلن الطلاق الكامل مع اتفاقيات أوسلو ونتائجها من خيار ووهم حل (الدولتين - السجنين). فبدلاً من استثمار والبناء على الكم الهائل وغير المسبوق من التأييد الشعبي الدولي في شوارع اسطنبول وعمان وكاراكاس وجوهانسبرغ، وحتى مسقط، (مع استثناء رام الله!) فقد هرعت قيادات فصائل المقاومة، بما فيها "حماس" الى القاهرة للبدء فيما تحول لاحقاً الى مفاوضات وحوار وطني لا يبدو أن له نهاية. من البديهي انني لست ضد أي محاولات جدية لتحقيق وحدة وطنية على أسس مقاومة الاحتلال ونتائج اتفاقيات أوسلو ولكن أيضاً ومن أبجديات العمل القيادي وبالذات لحركات التحرر، وبالذات ان كانت منتخية ديمقراطياً، هو أن تكون مع الجماهير. ان الحصار القاتل، والذي أى الى استشهاد حوالي 400 من المرضى المحتاجين للعلاج بالخارج، كان يجب أن يستخدم كعقبة حقيقية من قبل القيادات المحلية لعدم تمكنها من مغادرة القطاع لمواصلة "الحوار الوطني" لأنها وبكل بساطة كقيادات منتخبة ووطنية لا تستطيع أن تترك شعبها المحاصر والمكلوم من الحرب، والتحرك بحرية خارج القطاع: إن هذا لا يجوز! كان يجب أن يتحول هذا الى شرط أساسي. لو أراد أي ممثل لنظام عربي أن يتناقش مع القيادة المنتصرة، كان يجب أن يشترط عليه القدوم الى القطاع. إن قيادة المقاومة في القطاع كان يجب عليها أن تتصرف من منطلق النصر، بأن تنتظر في القطاع بعد الحرب على الأقل لمدة تتراوح بين شهرين وثلاثة وأن ترسل رسالة ليس فيها لبس بأنها سترحب بأي إشارات من التضامن الحقيقي ولكن من خلال وجودها في القطاع مع الشعب المحاصر. ولكن هذا، وللأسف، لم يحصل.

كان هذا الخطأ خطوة أولى نحو إجهاض النصر التاريخي. فبدلاً من استثمار تلك اللحظة التاريخية والعمل على وضع برنامج بديل لما كان قد تم طرحه منذ عام 1993م، أي منطق وبرنامج أوسلو، وبدلاً من البناء الخلاق على التضامن الدولي الغير مسبوق مع الشعب الفلبسطيني من مظاهرات ومسيرات واحتلال للجامعات في اوروبا وأمريكا، والنمو الهائل والمتراكم لحركة المقاطعة الدولية BDS فإن قيادة حركة "حماس" ومن خلال تصريحات عديدة على لسان قياداتها ومن خلال رسائل كتبت وأرسلت للرئيس الأمريكي باراك اوباما، كانت قد بدأت بإعادة اختراع العجلة. سأحاول أن ألتزم بمثالين مهمين إلا وهما محاولة الغزل مع واسترضاء ادارة اوباما، وقبول الحركة بحل (الدولتين - السجنين).

بعد خطاب أوباما الشهير في جامعة القاهرة الموجه للعالم الاسلامي، والذي تميز من خلوه لأية إشارات تسير إلى اتخاذ خطوات عملية مهمة او جادة نحو احقاق الحقوق الاساسية للشعب الفلسطيني، تميز رد فعل "حماس" وعلى لسان أكثر من متحدث وبالذات باللغة الانجليزية بالترحيب المبالغ به. تم التعليق على "اللغة الجديدة" وأهمية الاستفادة من "التعددية" داخل الادارة الأمريكية، وكون الخطاب شبيه بالخطاب التاريخي (لمارتن لوثر كينج)....إلخ. وكانت ردود الفعل هذه قد جاءت بعد محاولات "حماس" المتعددة إرسال رسالة للرئيس الأمريكي الجديد مع عضو الكونجرس السيناتور جون كيري والذي تبعا للكثير من وكالات الأنباء رفض حمل الرسالة ووضعها في القنصلية الأمريكية في القدس.

إن الفشل في تقييم فوز أوباما وفهم أنه لا يمثل تغيير راديكالي حقيقي في سياسة أمريكا الشرق أوسطية، هو إشارة لما يمكن أن نسميه عدم نضوج سياسي. إن ما سمي "بالتعددية والتنوع" داخل المؤسسة الحاكمة الامريكية لا يختلف اطلاقا عن الفرق بين حزبي "العمل" و"الليكود" في اسرائيل. فأوباما يمثل الحزب الديمقراطي والذي هو في المحصلة النهائية جزء من المؤسسة الأمريكية الحاكمة (Establishment). إن فوز أوباما في الانتخابات لم يؤد إلى تغير في جوهر الامبريالية الأمريكية بقدر ما هو تغيير في الشكل (style).

ولكن من الواضح أن "حماس" قد بلعت الطعم وخرافة انتخاب أوباما وجدية "اللغة الجديدة" التي تبناها في حل "الصراع". ما لا تراه الحركة هو أنه لا يوجد اختلاف حقيقي بين بوش وأوباما فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. في خطابه المذكور قال أوباما بالفم الملآن أن العلاقات الأمريكية الاسرائيلية لن تتزحزح "unbreakable". وقبل ذلك قال إن القدس ستبقى عاصمة الدولة اليهودية الأبدية. أضف لذلك إن أمن اسرائيل يبقى الأولوية القصوى لإدارة أوباما والذي في المحصلة النهائية يهمش القضية الفلسطينية تماماً، كما ثبت حديثا من انصياع الادارة وخضوعها لحكومة نتنياهو فيما يتعلق بسياسة الاستيطان.

إن الحصار الاسرائيلي الأمريكي المفروض على قطاع غزة من الممكن أن يرفع وفورا لو أن أوباما قرر ذلك! في حقيقة الامر ان ادارة اوباما ليست فقط متهاونة في قضية الحصار بل مشاركة في جرائم الحرب التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة. وانا لا اعتقد أن هذا صعب الفهم على طالب سنة أولى تخصص علوم سياسية، فما بالك بحركة تحرر! ولابد هنا من الاشارة لتصويت الولايات المتحدة ضد تبني توصيات تقرير جولدستون في مجلس حقوق الانسان التايع للامم المتحدة. ان ادارة اوباما أصلا قررت الانضمام لهذا المجلس "لوضع حد لمعاداة اسرائيل" كما جاء على لسان سوزان رايس، ممثلة الادارة لدى الأمم المتحدة.

إن المثال الآخر والذي يشير إلى عدم النضوج السياسي للحركة هو القبول بحل (الدولتين_ السجنين) الميت أصلا. من خلال العديد من التصريحات للقيادات البارزة في الحركة في غزة ودمشق تم التأكيد والتكرار مرارا على أن الحركة تقبل بدولة فلسطينية مسنقلة على المناطق التي احتلت عام 1967م وعاصمتها القدس "الشرقية طبعا". إن هذا الطرح و بلا أدنى شك مثير للعجب والاستغراب لأن كل سياسي في فلسطين وكل ناشط مهتم بالقضية يعلم أن حل "الدولتين - السجنين" قد أصبح مستحيلا بسبب سياسة إسرائيل الاستيطانية في الضفة الغربية وبسبب تدمير قطاع غزة، وبناء جدار الفصل العنصري، توسيع القدس الكبرى، وتمديد المستوطنات وزيادة عدد المستوطنين لأكثر من نصف مليون مستوطن. منذ عام 1967م وحتى الان والولايات المتحدة تدعم اسرائيل في خلق الظروف التي جعلت حل الدولتين مستحيلا وغير عمليا وغير عادل!

إنه لمن المحزن أن تقوم قيادات لا شك أنها مقاومة وصلبة بتكرار نفس الخطأ السياسي بخصوص حل الدولتين. إن دل هذا على شيئٍ فهو أنه بداية لسياسة التدهور، وحتى أسلوة، ليس فقط في اللغة ولكن حتى في الممارسات. إن الشعب الفلسطيني ليس فقط أولئك الذين يقطنون الضفة وغزة. يعلم القاصي والداني ان هناك أكثر من 6 مليون لاجئ ينتظر غالبيتهم تلك اللحظة التي يعودون فيها الي قراهم ومدنهم تبعا لقرار الأمم المتحدة 194. وأن هناك 1.4 مليون فلسطيني من سكان مناطق 1948 والذين يعاملون كمواطني درجة ثالثة. إن النضال الفلسطيني ليس فقط من أجل دولة مستقلة على حدود 1967 بل هو نضال من أجل التحرير وتقرير المصير. إن القبول بوهم الدولة المستقلة على حدود 67، هو قبول بحل عنصري وبامتياز.

إن إسرائيل ومن خلال شنها حرب الابادة الهمجية على القطاع كانت قد أطلقت الرصاصة الأخيرة على رأس حل السجنين. إن هذا يتطلب العمل على إيجاد برنامج بديل يتعامل مع القضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني، مساواة، ديمقراطية، حقوق إنسان، وفي المحصلة النهائية قضية تحرير من الاحتلال، والاستيطان، وسياسية التمييز العنصري. إنه لمن المحزن، وبالرغم من الاشارات الواضحة لنتائج انتخابات 2006 المعادية لأسلو، أن "حماس" وقعت في هذا الفخ الأوسلوي بما يتميز به من تصنيم لفكرة الدولة (statehood) ولو على حساب الحقوق الأساسية الفلسطينية. لاشك وان مصدر الأزمة الحالية في فلسطين هو الطبيعة المشوهة للنظام الذي خلق نتيجة لاتفاقيات أوسلو والادعاء أنها خلقت الأرضية لحل الدولتين. إن مشاركة العديد من القوى السياسية بانتخابات 2006 كان اشارة لقبول هذه القوى، والعديد منها معادي لأوسلو، بالواقع السياسي الجديد الذي خلقته الاتفاقيات ومن ثم مبدأ (حل الدولتين - السجنين). ولكن المفارقة أن "حماس" أدعت أن هدفها هو التخلص من أوسلو!

في نهاية الثمانينات قامت الحركة الوطنية الفلسطينية، وبشبه اجماع، بقبول حل الدولتين، وفي مرحلة متأخرة تم الإعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود! انها نفس الحركة الوطنية والتي انطلقت في منتصف الستينات لتحرير فلسطين من النهر للبحر. ولكن المحصلة كانت مفاوضات من وراء الستار أدت إلى توقيع إتفاقيات أوسلو والتي بدورها مهدت الطريق لتحويل القضية الفلسطينية الى قضية احسان وصدقة. والآن وبقبول حل السجنين والتعويل على الادارة الأمريكية الجديدة والنظام الرسمي العربى فإن حركة "حماس" تعيد إختراع العجلة. فهل يعيد التاريخ نفسه كمأساة أم مهزلة هذه المرة؟

إن أكبر العقول العربية، مثل محمد حسنين هيكل وعزمي بشارة، قد كررا وفي أكثر من مناسبة انتقادهما البناء لحركة "حماس" وقلة خبرتها السياسية واحتكاكها في العالم الخارجي. إن هذا العالم الخارجي لا يشمل فقط أمريكا أو ايران، أو النظام الرسمي العربي فقط، بل يشمل أيضاً مؤسسات العمل المدني ولجان التضامن التي اجبرت حكوماتها على مقاطعة نظام الأبارتهيد في جنوب افريقيا في الثمانينات من القرن الماضي. انه عالم يشمل الطلاب الذين احتلوا قاعاتهم للتضامن مع غزة، واتحاد نقابات العمال الاسكتلندية والبريطانية والايرلندية والجنوب أفريقية التي تبنت حملة مقاطعة إسرائيل وفرض عقوبات عليها، إنه عالم يشمل فنزويلا ووبوليفيا اللتان قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية مع اسرائيل احتجاجاً على مجزرة غزة. ما الذي صنعته المقاومة الفلسطينية للبناء على هذا النموذج المصغر من الانجازات الهائلة والتي وجهتها حملة المقاطعة الوطنية الفلسطينية بنداءاتها المتكررة لفرض حملة من المقاطعة وعدم الاستثمار وفرض عقوبات على دولة اسرائيل العنصرية؟ أين هذا من الخطاب المقاوم الفلسطيني في هذه اللحظة التاريخية؟ إن النضال الفلسطيني يجب أن يعوّل على التنوع في الأساليب والأدوات النضالية، وبالذات في هذه اللحظة، على التضامن الدولي الشعبي والتعبئة الجماهيرية بدلاً من وضع كل بيضنا في سلة أوباما وإدارته.

إن غزة 2009 والصمود الهائل الذي صاحبها وأدى الى نصر تاريخي نابع من صميم الايمان بعدالة هذه القضية تحتم علينا جميعاً، قوى سياسات ومنظمات مجتمع مدني، أن نعمل على بلورة موقف إجماعي واضح ضد سياسات الاحتلال والابارتهيد. ولكن الواقع وللأسف يشير الى أن الشعب الفلسطيني متقدم، وبخطوات، على قياداته.



* أكاديمي فلسطيني من قطاع غزة، محلل سياسي مستفل وناشط في حملة المقاطعة. - haidareid@yahoo.com


التعليقات