29/10/2009 - 09:47

نحو تأسيس لجنة متابعة لقضايا الشباب العرب/ عروة سويطات

-

نحو تأسيس لجنة متابعة لقضايا الشباب العرب/ عروة سويطات
لا تعمل الإشارات الضوئية في المدن العصرية وفق تخطيط مسبق ثابت، إنَّما تعمل هذه الأنواع من المنظومات وفق الاحتياجات. إذ تتغيّر مدّة ظهور اللون الأخضر في إشارات المرور بما يتناسب مع وضعية حركة السير. وكذلك الأمر بالنسبة للغسّالات الحديثة، فهي تحدد أيضًا كمية الصابون والمدة الزمنية ودرجة الحرارة بما يتلاءم مع وضعية الغسيل وكمية الأوساخ.

وفي جميع الحالات، إنَّ العمل الناجع أساسًا يأتي وفق الحاجة لا بحسب تخطيط مسبق ثابت لا يتغير مع الظروف. وفي حالتنا هذه، ومع تطور الدور الشبابي الريادي في المجتمع الفلسطيني في الداخل، علينا العمل وبشكل جاد لإقامة لجنة لمتابعة قضايا الشباب العرب بما يتلائم مع احتياجات ودور الشباب الآخذ بالتبلور والإزدياد، وهذه فرصة علينا انتهازها اليوم، كونها تبعث إلى واقعنا السياسي حياةً لم تكن من قبل.
لقد برز في الآونة الأخيرة دور متميّز للشباب العرب في صناعة حياة المجتمع. صار الأمر واقعًا، ويظهر جليًا من خلال قيادة الشباب للنشاطات السياسية والحزبية ونشوء حركات شبابية وطنية في كثير من البلدات منها: حيفا والناصرة وأم الفحم وترشيحا وعكا وعيلبون. وذلك في ظل أكبر تحديات ومخاطر على مكانة ووجود المجتمع وفي حقبة تاريخية بالغة الأهمية بحسب التقرير الأخير لمركز "مدى الكرمل" للأبحاث التطبيقية.
علينا أن نحدّد لائحة الهدف أولاً، ومن ثم نرمي بسهامنا لا العكس. علينا تحديد احتياجاتنا وتطوير خطط لتلبيتها لا العكس. فالتعامل السياسي هو من الخارج إلى الداخل وينبثق من قراءة الواقع واحتياجات الشباب أولاً ومنها الدخول إلى بناء استراتيجيات العمل والأساليب التنظيمية. فقد أعرب 86% من الشباب المشاركين في استطلاع الرأي الذي أجري في مركز "مدى الكرمل" عن حاجتهم الماسة إلى أطر جماهيرية وشبابية، وعبّر 60% من المشاركين عن رغبتهم في تطوير وبناء مؤسسات ثقافية واجتماعية، ويعتقد 75% منهم أنهم يمتلكون تأثيرًا على مجتمعهم. وهذا خير دليل على مستوى الوعي والإدراك للحقوق والهموم الجماعية عند الشباب وعلى الإيمان بقدرتهم على التغيير ووجود حاجة ماسة لأطر وطنية وحدوية.

لقد أثبت تعاون القوى السياسية مع الحركات الشبابية قوته وفاعليته في العمل الجماهيري على سبيل المثال: اللجان الشعبية لإنجاح الإضراب الأخير والائتلاف الشبابي ضد الخدمة المدنية ونشاطات الاتحاد القطري للطلاب الجامعيين ضد العدوان على غزة، عمل وحدوي ومنظم ومتواصل مع الجمهور يحصّل انجازات جماهيرية ومردودًا إيجابيًا في العلاقة بين القوى المختلفة بعيدًا عن الخطابات المنقطعة عن الميدان. ويبقى السؤال كيف يمكننا أن نعمل بطريقة أفضل؟ كيف يمكننا أن نستثمر موارد التنمية عند الشباب في تطوير سبل التعامل مع احتياجاتهم بطرق أنجع؟ ما هي القيمة المضافة التي علينا تعزيزها لتشكّل رافعة للعمل الشبابي؟

آن الأوان لتحمل المسؤولية، ورفع مستوى التنسيق بين العمل الشبابي السياسي الوطني. المطلب هو تأسيس لجنة خاصة لمتابعة قضايا الشباب العرب، تتشكل من كافة القوى الشبابية الحزبية والحركات الشبابية الوطنية، تعمل كجهاز تمثيلي وتنسيقي للشباب العرب على المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي والتربوي تحت رعاية لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية.

لجنة قوية هي نقلة نوعية في حياتنا وتغيير استراتيجي في الثقافة والتفكير والإدراك لقوتنا تحصينًا لمناعتنا القومية ورفعًا لسقف تطلعاتنا المستقبلية كشباب هذا الشعب. لجنة قوية تكون حينما تستثمر القوى السياسية بها ويتفاعل الشباب معها وتعزّز قدرات الأطر الشبابية الفاعلة من خلالها.

لجنة رائدة هي تنظيم مفتوح ومتعلّم وشفّاف دون حدود محدّدة مسبقًا، تعتمد على فرق عمل ولجان عينية وتتلاءم مع احتياجات الشباب والظروف المتغيرة؛ تنمّي القيادة والمبادرة والعمل الجماعي التطوعي والقدرات التنظيمية العصرية وتنظر إلى التنوّع كقوة وإدارته لا كعراقيل معيقة، لجنة تحوّل المخاطر إلى محفّزات وردّات الفعل إلى صناعة الأفعال.

لجنة جماهيرية تعمل كدائرة إدارة ذاتية توزّع وتركّز المهام في آن واحد؛ توزّع المهام من خلال تشكيل لجان فعلية تعمل على قضايا خاصة من جهة وتنسق وتشبّك الخبرات وتدير المعلومات فيما بينها من جهة أخرى. لجنة تصعّد من طرق عملها نحو التمكين الجماهيري والبناء والتطوير الإيجابي، إلى جانب رفع مستوى الأساليب الديمقراطية في النضال لنيل الحقوق.
من هنا تكمن أهمية تشكيل لجنة متابعة قضايا الشباب العرب كحق جماعي وسد حاجة شبابية، بهدف تمكين دور الشباب في المجتمع من خلال تنسيق النشاطات والمواقف السياسية ودعم المبادرات الشبابية المحلية وتشكيل لجان محلية تعمل ضد التجنيد للخدمة المدنية. فإنا نملك الإيمان والقدرة والحاجة والحق بتأسيس هذا الإطار.

يصعب على المحارب أن يقاتل بسيف غير حاد أو بأيادٍ مرتجفة؛ بالتالي يصعب على مجتمع يناضل لنيل حقوقه تحقيق طموحاته دون تمكين الشباب وتعزيز موارد التنمية الذاتية، فالشباب هم سيف هذا الشعب؛ فليُستلّ من غمده ولنمكّن الأيادي المرتجفة.

* حيفا

التعليقات