21/09/2010 - 14:58

الحبل السري الذي يجمع المفاوضين!!../ نزار السهلي*

الحبل السري الذي يجمع المفاوضين!!../ نزار السهلي*
يتضح من خلال الخطوات، التفاوضية في المسار الفلسطيني الإسرائيلي، مستوى العجز والعقم الذي أصاب العقلية الفلسطينية، المراهنة منذ أوسلو إلى اليوم، وكان مرئيا عقم هذه السياسة وما جرى على امتداد عقدين
بعد أن بات وهم واشنطن الشغل الشاغل للسياسي الفلسطيني والعربي وأخذ موافقة الجانب الفلسطيني للضغط عليه ليكون هدف المفاوضات هو المفاوضات وأيا تكن النتائج.

والهجوم الإسرائيلي، بجملة من المواقف والشروط التعجيزية، أدخل مجددا الطرف الفلسطيني، في معركة إثبات حسن النية، بعد اللعق المتواصل للاشتراطات الفلسطينية، التي تشكل إحدى ثوابت الحق الفلسطيني، والقفز عنها، ليشن الطرف الفلسطيني "هجمة ابتسامات ومصالحة" لمخاطبة الجالية اليهودية في نيويورك بعد فشله في تقديمها لإسرائيل، والفشل الفلسطيني في مخاطبة الشارع الفلسطيني وتهميشه، بعد أن أدت وظيفته التفاوضية دورها السلبي، من جهة تمكين نتنياهو واليمين الإسرائيلي من كسب الوقت الثمين لفرض الوقائع الاستيطانية والتوسعية على الأرض، ومن جهة أخرى انخفض سقف الموقف التفاوضي، ليشل ويخدر عوامل الضغط على إسرائيل، من خلال محاربة وقمع الحركة الوطنية الفلسطينية في مدن الضفة المحتلة، ليحتل بند التنسيق الأمني مع إسرائيل موقعه في سلم العلاقة مع إسرائيل وليكون "حبل الصرة" التي تعتاش منه السلطة ووجودها حسب كل الاتفاقات الموقعة بين الجانبين.

هذا المنحى الذي اتخذه مجرى العملية التفاوضية، أكد مجددا أن الرهان على المبادرات الأمريكية والإسرائيلية ليس فقط رهانا عقيما كونه ينحدر بالحقوق الوطنية والتاريخية للفلسطينيين في أرضهم، بل لأنه أيضا ذو كلفة باهظة، تدمر ما تبقى من الحق الفلسطيني، لان أي نتيجة متوخاة من العملية التفاوضية لن تتخطى المربعات الإسرائيلية المرسومة للطرف الفلسطيني عبر متاهة الدوران في الفراغ، ليتبين طغيان جانب التنسيق الأمني على ما عاداه، لتأمين أمن وسلامة الاحتلال.

لم يدرك المفاوض الفلسطيني بعد، وغطاؤه العربي، أنه في لعبة تقاسم الأدوار الإسرائيلية، بين اليمين والوسط واليسار، الذي يكوّن المجتمع الإسرائيلي، أن التوافق بين كل تيارات وأحزاب المجتمع الإسرائيلي على لون واحد، يعمل على نفي ورفض الآخر، والنقاش المحموم حول يهودية الدولة والتصريحات الفلسطينية الرافضة للطرح الإسرائيلي لها حكاية أخرى سنأتي على ذكرها.

اليوم تبرز مجددا المخاطر التي تحيط، بعرب 48 وسلسلة القوانين العنصرية المرافقة لنشوء "دولة إسرائيل"
والمصاغة لكسر شوكة الفلسطينيين المنزرعين في أرضهم. وأبرز تلك المخاطر، هي تخلي السياسي الفلسطيني، عن حقه في الدفاع عنهم وتبني خطاب غوغائي، يعتبر الفلسطينيين داخل الخط الأخضر خارج المعادلة الوطنية. فإذا كان المفاوض الفلسطيني لا يملك شرعية التفاوض حول حق اللاجئين والقدس والحدود والاستيطان، فإنه يعمل في دهاليز التفاوض على تمرير مؤامرة تبادل الأرض مقابل السكان، التي أفصح عنها ليبرمان والتي تشي بالمرامي الحقيقية لموقف الحكومة الإسرائيلية، وهو توجه تتبناه أوساط عليا داخل المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، لاستثمار الانحدار الفلسطيني وقطف ثماره، بالذهاب نحو الأمام من خلال ابتزاز المواقف، ليدخل الطرف الفلسطيني في معركة الجزئيات التعجيزية التي تحاصره من كل حدب وصوب ليبدو المفاوض متلعثما أمام حق العودة للاجئين الذي يمثل، قلب الصراع وجوهره مع القدس والاستيطان والمعتقلين والحدود والمياه.

الماكينة الاعلامية الفلسطينية، المنشغلة لإظهار حسن نياتها أمام الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة، هذه الماكنة المدعومة أيضا من لوبيات أمريكية يهودية، قامت بتعرية وكشف ظهر الشعب الفلسطيني ومقاومته "فلا ابتسامات ولا مصالحة" مع الشعب الفلسطيني، في أجندة السلطة وموظفيها، بل اهتمام في توفير سبل الدعم من الشارع الإسرائيلي وجاليته اليهودية الضخمة في الولايات المتحدة لتسويق حسن النية الفلسطيني وجديته في المضي في المفاوضات لإبرام اتفاق إطار.

فبعد أن فقدت شرعيتها في الشارع الفلسطيني تتجه السلطة لتركيز جهدها الإعلامي نحو الجالية اليهودية في نيويورك. ولأن أوراق التفاوض تأتي من البيت الأبيض لا من الشارع الفلسطيني وجدت السلطة الفلسطينية نفسها ضمن المحيط الذي تتلاءم معه بعد لفظ المجتمع الفلسطيني لها.

يقدم الفريق الإعلامي لرئيس السلطة، من خلال وسائل إعلام يهودية الانجازات المحققة من خلال التنسيق الأمني المشترك بين قوات الأمن الفلسطينية وضباط الأمن الإسرائيليين، والتي بفضلها يتجول الضباط في مدن الضفة ليستخلصوا انه لم يعد هناك ذكر لكلمة احتلال في رام الله.

ثانيا – كل هذا النقاش المتعلق بعدم الاعتراف بيهودية الدولة أو الاعتراف بها، قدم له شرحا رئيس حكومة تصريف الأعمال سلام فياض، بعدم وجود مشكلة بحق اليهود بأرض "التناخ" حسب تصريحاته لهارتس

ثالثا – رفض السلطة للاستيطان هو نفاق كبير موجه لتضليل الشارع الفلسطيني والعربي، وكل المؤشرات والتصريحات للمسؤولين الفلسطينيين لوسائل الإعلام الإسرائيلية تؤكد عكس ذلك تماما "تصريحات سلام فياض لهارتس " 2 نيسان الماضي، حيث قال حرفيا: لا يوجد لدي مشكلة مع الروح الصهيونية والإيمان بان إسرائيل ارض التوراة، لديكم ما يكفي من التلال والأرض غير المأهولة لم لا تستعملوها هناك وتتركونا نعيش بسلام.
وسلام فياض القابض على كل مفاصل العمل الحكومي الفلسطيني، والمدعوم من المجتمع الدولي، يقد هباته واعترافاته بيهودية الدولة وبحق الاستيطان في أرض "التناخ".

ثالثا- في الخطاب الإعلامي الفلسطيني المقدم من السلطة للراعي الأمريكي وللحليف الإسرائيلي، إن الصراع القائم في المنطقة ليس بين إسرائيل وحقها في طلب الاعتراف بيهوديتها أو عقبة الاستيطان أو القدس أو اللاجئين أو أية قضية أخرى، فالصراع يتمحور بين قوى معتدلة وأخرى متطرفة لا تؤمن بالسلام، ولهذا تطلب الدعم والمؤازرة من واشنطن وتل أبيب، لمواجهة التطرف ومن يدعمه من قوى محلية وإقليمية للضغط عليها، وغزة وحصارها والعدوان اليومي عليها باتي من باب الرضا التام لقمع الإرهاب والتطرف، ليسود التسامح والابتسام والمصالحة.

المشاهد الجديدة من المسرحية القديمة لمسيرة السلطة الفلسطينية في طريق المفاوضات التي حطت من الحقوق الفلسطينية إلى الدرك الأسفل بعقلية فاسدة ومفلسة ومتاجرة بجهد إعلامي للظهور في مسرح المفاوضات للاستحواذ على انجاز يسمى اتفاق إطار ويفقد وطنا وشعبا ليتوج للشعب الفلسطيني سلطة باقية في رام الله حتى لو شمل الخراب كل ما تبقى من فلسطين ليبقي على حبل الصرة الذي يجمع المتفاوضين ويبدد الحق الفلسطيني.

التعليقات