31/10/2010 - 11:02

الاستفتاءات الاسرائيلية: هروب مماطلة تهويد وتأبيد للاحتلال../ نواف الزرو

الاستفتاءات الاسرائيلية: هروب مماطلة تهويد وتأبيد للاحتلال../ نواف الزرو
يمكن لنا أن نكثف مصادقة الكنيست الإسرائيلي الأربعاء الماضي على مشروع قانون الاستفتاء حول الجولان ومعها القدس وغيرها من الأراضي المحتلة بعبارة واحدة: إنها تشريعات بغطاء حربي، بل إنها بمثابة إعلان حرب مفتوحة على العرب!

إذ بمصادقة الكنيست وبغالبية كبيرة على القانون الذي يربط إعادة أي مناطق محتلة خاضعة لـ "السيادة" الإسرائيلية باستفتاء شعبي عام"، تكون حكومة نتنياهو اتخذت خطوة جديدة على طريق ليس فقط إغلاق الآفاق السياسية للتسوية مع سوريا والفلسطينيين تماما، وإنما تكون قد خطت خطوة حقيقية خطيرة على طريق حرب أخرى في المنطقة، في الوقت الذي تكون فيه قد انتهكت القرارات والمواثيق الدولية التي تعتبر هذه المناطق محتلة، ولا يجوز للاحتلال فرض سيادته عليها!

فإذ يرهن هذا القانون الذي أيده نتنياهو وحكومته اليمينية المتشددة أي انسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران/1967، وخصوصاً القدس والجولان، بموافقة الرأي العام الإسرائيلي عبر استفتاء شعبي، فان النوايا تغدو واضحة، فتلك الحكومة لا تنوي ولا تخطط أبدا لأي مفاوضات حقيقية قد يتمخض عنها تسوية تلزم تلك الدولة بالانسحاب.

وفي إطار التشريعات الإسرائيلية المزيفة المتعلقة بالأراضي المحتلة، كان الكنيست الإسرائيلي اقر بتاريخ 14/12/1981 قانون تطبيق القانون الإسرائيلي على الجولان، وسمي القانون آنذاك بـ"قانون الجولان" الذي رفضته الأمم المتحدة واعتبرته قانوناً غير شرعي وأصدرت القرار رقم 497 بتاريخ 17/12/1981 الذي يدين تطبيق القوانين الإسرائيلية على الجولان المحتل ويعتبر القرار الإسرائيلي لاغيا.

وكانت سبقت إقرار ذلك القانون مجموعة أحداث أشرت إلى ذلك التصعيد الإسرائيلي منها:

- ففي 16/1/1980-- 750 ألف إسرائيلي طالبوا بتطبيق السيادة الإسرائيلية على الجولان من خلال عريضة تم تسليمها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق" مناحيم بيغن"، ومن بين الموقعين 71 من أعضاء الكنيست في المعارضة والائتلاف اليميني الحاكم بزعامة حزب الليكود.
- وفي 2/8/1980 طالب وزير الزراعة الإسرائيلي آنذاك" ارييل شارون" بضم الجولان إلى دولة إسرائيل.
- في 4/2/1980 – عمل خمسة عشر عضوا من أعضاء الكنيست الإسرائيلي من اجل صياغة قانون جديد ينص على تطبيق القانون الإسرائيلي على الجولان.
- وفي 18/8/1980 قام ثلاثون عضوا في الكنيست الإسرائيلي بجولة في الجولان مطالبين بسن قانون ضم الجولان.
- وفي 20/8/1980 أعلن نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية سيمحا ارليخ "أن إسرائيل لا تستطيع إعادة الجولان إلى سوريا وان تعيين حدود وسط الجولان سيكون اصطناعيا" .
- وفي 8/5/1981 اقسم مناحيم بيغن أمام 30 ألف مستوطن في مستوطنة ارييل في الضفة الغربية أنه طالما بقي يمارس مهامه فانه" لن يتنازل عن أي قسم في الجولان" وقال: "أنا ابن زئيف وهاسيا اقسم أنني لن أتنازل عن جزء من الجولان طالما بقيت في منصبي".
- وفي 14/12/1981 اقر الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون ضم الجولان في ثلاثة قراءات متتالية.

إلى ذلك - وفي مسألة الاستفتاءات الباطلة، كان الجنرال باراك قد تعهد بدوره في خطابه السياسي وخطوطه الحمراء وخطوطه العريضة للحكومة الائتلافية التي شكلها في عهده عام 1998، بالعودة إلى"الاستفتاء الشعبي الإسرائيلي " لدى التوصل إلى اي تسوية سياسية مع الفلسطينيين أو مع السوريين، وقد واصل بذلك طريق أستاذه رابين الذي كان أول من فجر في منتصف كانون الثاني / 1994 قنبلة "الاستفتاء الشعبي" ففاجأ الجميع آنذاك ، إذ أعلن "أنه سيلجأ إلى الاستفتاء الشعبي إذا ما كان الثمن الذي سيطلب منه في الجولان كبيراً".

وكان اسحق رابين يعلن "كلما دق الكوز بالجرة" ولأسباب أمنية أو انتخابية أو تكتيكية تفاوضية بأنه سيعرض أي صفقة حل يتم التوصل إليها مع سوريا حول مصير الجولان لاستفتاء الرأي العام الإسرائيلي.

ولم يتأخر عنه بيريز، بل تفوق عليه لاحقاً في بيانه الانتخابي عام 1996 وعمم مسألة الاستفتاء الشعبي لتشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة ومستقبلها.

وفقا لقراءة الخريطة السياسية والايديولوجية الإسرائيلية تجاه القدس والجولان والأراضي المحتلة، فان نتائج أي استفتاء إسرائيلي حول مصير هذه المناطق مقروءة سلفا.

على أية حال، لم يكن هذا القانون ليمر لولا ذلك الإجماع السياسي الإسرائيلي إلى حد كبير على التمسك بالسيادة والسيطرة الإسرائيلية على الجولان وغيرها، حتى لو كان الثمن المزيد من الحروب وتأبيد الصراع.

فمن بن غوريون وشاريت، إلى مناحيم بيغن، ثم إلى غولدا مئير فرابين فبيريز، وصولا إلى شامير وشارون، ثم إلى نتنياهو وباراك، كلهم يعتبرون الجولان جزءا من "أرض إسرائيل" وثروة استراتيجية لهم، ويعتبرون القدس مدينة الآباء والأجداد وعاصمة إسرائيل الموحدة إلى الأبد...!

وبهذا التواصل والإجماع ما بين رؤساء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة يغدو واضحا أن اللجوء الإسرائيلي إلى قصة "الاستفتاء الشعبي" هو تعبير عن حقيقة استراتيجيتهم تجاه الجولان والقدس، وهو لعبة للهروب من الاستحقاق الرسمي الذي يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تدفعه، وهو محاولة في الوقت ذاته للمماطلة والتأجيل والتعطيل، خاصة إذا ما علمنا بأن صقور"إسرائيل" من الليكود واليمين المتطرف وأصحاب نظرية "أرض إسرائيل" كلهم طالبوا سابقاً ويطالبون اليوم كذلك بالعودة إلى"الاستفتاء الشعبي الإسرائيلي" قبل التوقيع على أي اتفاقية على أي مسار كان.

في القرارات والمواثيق الأممية يعتبر مثل هذا الاستفتاء من قبل دولة محتلة على أراض محتلة باطلا من الأساس، وهو يعطى لمن ليس له أي حق في التصويت على مصير هذه الأراضي المحتلة التي تعود هنا للعرب، وليس من حق الحكومة الإسرائيلية أو الرأي العام الإسرائيلي التصويت عليها فيما إذا كانت من حق العرب أم لا، وفيما إذا كان على الاحتلال أن يرحل عنها أم لا...؟! ما يثير السؤال الاستراتيجي المزمن دائما على الأجندات الفلسطينية والعربية:
كيف لهم أن ينسحبوا من أي منطقة محتلة طالما لا تتوافر عناصر الضغط والإجبار ...؟!.

التعليقات