31/10/2010 - 11:02

التعويل على الرفض ليس كافيًا../ عوض عبد الفتاح

التعويل على الرفض ليس كافيًا../ عوض عبد الفتاح
تشهد الأسابيع الأخيرة، حملة ضغط مكثفة تمارسها الإدارة الأمريكية على السلطة الفلسطينية في رام الله لاستئناف لعبة المفاوضات مع حكومة نتنياهو. ذهبت وفود مصرية وأردنية إلى واشنطن في محاولة للإتيان باتفاق على ضمانات تمنحها للإدارة الأمريكية لاستئناف المفاوضات، ولكن الموقف الأمريكي ظلّ على حاله وتحول „الضغط العربي الرسمي” على الإدارة إلى ضغط من هذه الإدارة على سلطة رام الله ورئيسها.

منذ أيام يتجول المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط في المنطقة مع رزمة من الإغراءات المقدمة لسلطة رام الله، مثل إزالة بعض الحواجز، وإطلاق أسرى، وتقديم ضمانات لأبو مازن بأن المفاوضات لن تستمر أكثر من عامين. أما بخصوص مطلب تجميد الاستيطان فإنه لا تغيّر في المقترحات الأمريكية عما طرحه نتنياهو. تجميد لعشرة أشهر وإخراج القدس من أي عملية تجميد.

حتى الآن لا يزال أبو مازن متمسكًا بموقفه ورافضًا استئناف المفاوضات بدون تجميد كامل. ولكن لا أحد يضمن عدم تغيّر هذا الموقف حين يشتد الضغط وتعود عجلة المفاوضات إلى الدوران في حلقة مفرغة.

إن المعطيات القائمة في الساحة الفلسطينية لا تشي بإمكانية الثبات في وجه الضغوط الخارجية، أمريكا وأوروبا واسرائيل، والنظامان في الأردن ومصر. هؤلاء يخشون انفجار الوضع واندلاع انتفاضة تهدد الوضع القائم وتهدد مصالح جميع الأطراف المتورطة ايضاً. وكما صرح ابو مازن نفسه، فإن سلطة رام الله لا تريد انتفاضة، بل ستعمل بالقوة على منعها، ولكن إذا ما انفجرت، لا سلطة رام الله ولا غيرها قادرة على السيطرة عليها.

هناك أوساط داخل حركة فتح تخالف سلطة رام الله في موقفها وترغب في العودة الى المقاومة، ولكنها عاجزة عن تحريك الأمور في ظل تنفّذ القيادة المرتبطة بالدول المانحة، بل وإن ما أعلنه الناطق الرسمي باسم المجلس الثوري لحركة فتح بوضع استراتيجية لاستعادة قطاع غزة بدل وضع استراتيجية لاستعادة القدس والضفة يضعنا أمام صورة عبثيّة بكل معنى الكلمة.

إذاً هذه بعض من معطيات الوضع القائم؛ حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل تتراجع الإدارة الأمريكية أمامها عن مطلبها بتجميد الإستيطان، وغير راغبة بممارسة ضغوط حقيقية على هذه الحكومة، واستمرار البناء والمستوطنات في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية وبشكل متسارع في هذه المدينة. هذا إضافة إلى مأزق المفاوضات بخصوص المصالحة الفلسطينية التي يراد منها استراتيجيًا (وفق ما هو مطروح عربيًا ودوليًا) إخراج حماس من معادلة القوة ضد الاحتلال.

في ظل كل ذلك وفي ظل رفض سلطة رام الله التفكير ببدائل سياسية أو عملية عن نهج المفاوضات والتعاون الأمني مع الإحتلال، فهل يكفي الرفض النظري وحده لتغيير الموقف الأمريكي والإسرائيلي، أو هل ذلك يكفي لتحرير الأرض.

إن الرئيس الفلسطيني والطبقة السياسية في رام الله يجلسون على قاعدة هشة ولن يستطيعوا مقاومة الضغوط الخارجية، - الدبلوماسية والمالية استنادًا إلى هذه القاعدة. الرفض لاستئناف المفاوضات هو ورقة هامة، وقد يُمهّد أو يقود استمرار الرفض، وإن بدون أفق، إلى انتفاضة أو إلى هبات شعبية متفرقة.. عفوية. ما معناه عدم التعلم من دروس الإنتفاضة الثانية التي افتقرت الى التحضير وبالتالي إلى الإدارة السليمة والإستراتيجية الموحدة.

الكل يعرف أن الإدارة السليمة للصراع ضد الإحتلال وضد مشروع الأبارتهايد الصهيوني تتطلب أولاً وحدة فلسطينية حقيقية، بديلاً عن الصراع على سلطة تحت الإحتلال، وتتطلب خطة لمواجهة اسرائيل سياسيًا على الساحة العالمية، وخطة لمقاومة شعبية تأخذ بالاعتبار قدرة الشعب على الاحتمال.

للأسف لا نجد نضوجًا لهذه الشروط حتى الآن. ولذلك فإن التعويل على استمرار الثبات في مواجهة الضغوط الخارجية ليس في محله.. ناهيك عن أن هذا الثبات ليس مطلوبًا لذاته بل كمحفز لخلق مقدمات لتغيير حقيقي على الأرض.

التعليقات