31/10/2010 - 11:02

المصالحة الوطنية الفلسطينية إلى أجل../ أحمد الحيلة*

المصالحة الوطنية الفلسطينية إلى أجل../ أحمد الحيلة*
أعلن الرئيس عباس عن مبادرته للحوار والمصالحة..، الرئيس عازم على زيارة غزة من أجل المصالحة..، وفداً من حركة فتح بقيادة حكمت أبو زيد في غزة، ولكنه اعتذر عن لقاء قادة حماس بتوجيهات من الرئيس عباس..، السفير الفلسطيني في القاهرة نبيل عمرو يشير إلى أن مصر ستوجه دعوات للفصائل الفلسطينية من أجل الشروع في حوار المصالحة، والمصادر المصرية تنفي، وحماس تقول أنها لم تتلق أية دعوة..، الرئيس عباس يجول على الدول العربية باحثاً مسألة الحوار الفلسطيني مع الأشقاء العرب، ولكن الدول العربية لا تبادر بدعوة الأطراف للحوار..، الرئيس عباس سيلتقي مشعل في دمشق، والناطق باسم الرئاسة السيد أبو ردينة ينفي..
تلك الأخبار، كانت جزءً يسيراً مما ورد في الصحافة والإعلام..، والشعب الفلسطيني يراقب بهم وحزن على حال القيادة الفلسطينية التي تقول وتنفي، وتزعم ولا تعمل..

الكثيرون استبشروا بدعوة الرئيس عباس للحوار مع حركة حماس، وكنا كما كثيرون من الكتاب الذين ذهبوا بحسن نية إلى القول: أن دعوة الرئيس عباس للمصالحة، هذه المرة جادة، مستبعدين أن تكون تلك الدعوة مجرد لعبة سياسية وظيفية تسعى للضغط على تل أبيب وواشنطن من أجل تحريك المفاوضات التي تطحن في الماء، وتحصد في الهواء، أو أن تكون تلك الدعوة ستاراً للهروب من استحقاقات اجتياح إسرائيلي قادم لغزة..، مرتكزين في ذلك على جملة من المعطيات الموضوعية في حينه..

لكن ما لا بد من قوله، وبعد مرور أكثر من شهر على تلك الدعوة التي لم نجد لها صدى في عالم الفعل، أننا بدأنا نشك في صدق نوايا الرئيس الفلسطيني، بعد رفضه لقاء أي من قادة حركة حماس في الداخل أو الخارج، دون معرفة الأسباب الجوهرية، رغم حرص بعض الأطراف العربية على ذلك..، فالقيادة السورية مثلاً، حرصت على استثمار تلك الزيارة في خلق أجواء وأرضية صالحة للبناء عليها باتجاه المصالحة، وهذا كان واضحاً من تصريحات المسؤولين السوريين، ومن قيام الرئيس بشار الأسد باستقبال السيد فاروق القدومي، والسيد خالد مشعل قبل قدوم عباس إلى دمشق، في خطوة ترمي لتقريب وجهات النظر، ولكن النتيجة أن الرئيس عباس يصر على رفضه لقاء أي من قادة حركة حماس، الذين بادروا بتقديم رؤيتهم للمصالحة الوطنية إلى القيادة السورية، قبل وصول الرئيس عباس إلى دمشق بأيام.

فلماذا الحوار يتعثر؟ وما حجة الرئيس عباس في عدم الشروع في الحوار؟ وإلى متى؟ ..في سياق البحث عن الإجابة، لا بد من الإشارة إلى بعض المعلومات، التي تكشفت مؤخراً، والتي نركزها في النقاط التالية:

• نقل الكاتب شاكر الجوهري 5/7/2008، معلومات تكشف، أن دعوة الرئيس عباس للمصالحة الوطنية جاءت على خلفية نصيحة تلقاها الرئيس من أحد أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بأن يقذف الكرة إلى مرمى حماس، قائلاً له عضو اللجنة التنفيذية: "إن حماس تطاردك بموافقتها على جميع المبادرات التي تطرح من عديد الأطراف، لإجراء حوار بين الحركتين، فلم لا تطرح أنت مبادرة لا تستطيع حماس قبولها، و"تحشرها" في زاوية ضيقة، وتظهر أنت في مظهر الحريص على الوحدة الوطنية الفلسطينية.."

• كشفت صحيفة "الجريدة" الكويتية 7/7/2008، عن محضر اجتماع لفصائل فلسطينية في رام الله في 24 حزيران/ يونيو الماضي، حضره الرئيس محمود عباس، وقال فيه للحاضرين:"إن حركة حماس لا تريد محاورة أحد غير حركة فتح. لن يكون هناك حوار ثنائي مع حماس" وطالب عباس الحضور بحسب المحضر، قيادات الفصائل بالتوجه إلى مدينة غزة، "شريطة عدم اللقاء مع حركة حماس"، ومستدركاً بالقول: "أما إذا صدف أن جاء أحد من حماس للسلام فلا مانع، لا تصدقوا الحديث عن مرونة حماس".

• النقطة الأخيرة، نذكّر القارئ بما تناقلته وسائل الإعلام على الهواء مباشرة، من حديث ساخن دار بين السيد عمرو موسى، والسيدة كونداليزا رايس في برلين (24/6)، عندما ردت على موسى الذي طالب برفع الفيتو الأمريكي عن الحوار الفلسطيني، قائلة له بوضوح: "إن المصالحة بين حركتي فتح وحماس، يجب أن تتم على أساس مراعاة الاتفاقيات السياسية التي وقع عليها الفلسطينيون أنفسهم". أي اعتراف حماس بالاحتلال، وبشروط الرباعية..

وهذا الموقف في تقديرنا، يتساوق مع رغبة السيد عباس، الذي وجه خطابه مؤخراً إلى حركة حماس بالقول أن هناك مجتمعاً دولياً نعيش فيه ولا بد مراعاته..، أي أن المصالحة الوطنية منعقدة على شروط الرباعية، وهذا ما أكده الناطق باسم الرئيس عباس السيد نبيل أبو ردينة في دمشق (6/7) بقوله: "التزامنا الكامل بالمبادرة اليمنية، إذا ما كانت حماس مستعدة للتطبيق الفوري"، مضيفاً "أن المبادرة اليمنية تنص على عودة الأوضاع في غزة إلى ما كانت عليه قبل حسم حماس، وقبول الاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير مع إسرائيل".

وفي ذلك قول واضح وصريح كرره العديد من المستشارين والمقربين من الرئيس عباس، في صورة تعكس توزيعاً للأدوار، حيث ينأى الرئيس بنفسه عن طرح الشروط المسبقة، ويوكل تلك المهمة إلى مستشاريه..، الذين يتمسكون بالمبادرة اليمنية (النسخة الأولية)، ويتنكرون لإعلان صنعاء الذي وقّع عليه رئيس كتلة حركة فتح في المجلس التشريعي السيد عزام الأحمد والذي أشار بوضوح (إعلان صنعاء) إلى أن المبادرة إطاراً صالحاً للحوار..، ولكن جبهة الرفض في رام الله لا يسعها الحوار ولا تريده. وإلى أن تصدق النوايا، وتتغير المعطيات الذاتية، وهو أمر مستبعد في الأشهر القادمة المتبقية من عمر الإدارة الأمريكية صاحبة اليد العليا في المساعدات الاقتصادية لحكومة رام الله، فإننا نرى أن المصالحة الوطنية الفلسطينية مؤجلة إلى حين..

التعليقات