31/10/2010 - 11:02

ضرب إيران.. "فشل استراتيجي"../ علي شهاب*

ضرب إيران..
«ستؤدّي الحملة العسكرية إلى توحيد سبعين مليون إيراني، فيما هم في الوقت الحالي أبعد ما يكون عن التوحّد، إذ سيتمثّل العنصر الموحّد بالقومية والضغينة العميقة لأميركا. إنّ القوات المسلّحة في الحرس الثوري سوف تزداد في الحرب، ويمكن لها أنّ تشنّ حرباً على قوّات أميركيّة غير محصّنة أينما كانت، وخاصة في العراق وقطر والكويت وأي مكان في الخليج: بهذا نكون قد عزّزنا الفشل الاستراتيجي».

هذه هي خلاصة الشهادة التي أدلى بها العقيد الأميركي المتقاعد لورانس ولكرسون أمام لجنة الأمن في الكونغرس، حيث استعرض الواقع في الخليج، مقدّماً لنتائج الضربة العسكرية المحتملة للجمهورية الإسلامية.

ويتناول عنوان جلسة الاستماع «التحديات الأميركية في مواجهة الدمار الذي حصل من جراء تدمير ميزان القوى في الخليج الفارسي، إذ إنّه من الواضح أنّ ما فعلناه مسبقاً لم يكن مقصوداً: لقد قضت أميركا على عدوّ إيران الأول ألا وهو العراق، وما زلنا حتى الآن نحن ومنظمة حلف شمال الأطلسي نشدّد الخناق على عدو إيران الثاني، ألا وهو حركة طالبان».

ويتابع العقيد الأميركي «إسرائيل تبحث عن أي سبب لإقامة علاقات جيدة مع إيران، ويمكن أن ينطبق هذا القول على الجانب الإيراني بخصوص إسرائيل، إذ إنّ الكلمات التي يطلقها الرئيس الإيراني (ضدّ إسرائيل) ما هي إلا غطاء خطابي لقلقه، غير أن هذه التخمينات تستحوذ على تساؤلات حزب الله: أليس هو عدوّ إسرائيل وأليس هو مدعوماً من إيران؟».

ويضيف ولكرسون أنّ قدرات حزب الله «تتجاوز قدرات تنظيم القاعدة. كما تبرز العقلانية لدى القيادة السياسية للمنظمة؛ فقد حصلت تغيرات في لبنان وسوريا وإيران وفي الوضع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وكان يمكن للقيادة السياسية في حزب الله والقيادة في دمشق وإيران أن تتأثر بهذا التغير. باختصار، يمكن لهذه التحديات أن تلتقي من خلال الدبلوماسية الذكية».

من جهة ثانية، «إذا كان القضاء على عدو إيران الرئيسي ليس كافياً، فإننا نكون قد قدنا سوريا مباشرةً لتحتضن إيران، وهذا احتضان قد تجده الدول العربية من دون أي شك غير مريح. ولكننا لم نعطِ دمشق أي فرصة للهرب من العروض المقدمة للقادة السوريين، كتلك التي وُضعت لطهران».

الخلاصة الثانية في شهادة العقيد الأميركي المتقاعد هي «باختصار نحن نحصد ما زرعناه في العراق. بالإضافة إلى ذلك، تستطيع إيران أن تضرب قواتنا الجوية من خلال مقاتليها الذين يستعملون تقنية حرب العصابات.

إلى ذلك، فإنّ سياسة واشنطن «العدائية» تجاه إيران جعلت مهمة روسيا الاستراتيجية في هذا السياق «سهلة الإنجاز». كما أن هناك «مصلحة استراتيجية أميركية لجذب جزء ذي شأن في العالم الإسلامي وإقناعه من أجل محاربة الإرهابيين الحقيقيين في العالم. ولنجاح صراعنا في القضاء على الإسلاميين، علينا أن نعزز وجودنا في الأراضي العربية وعزل السكان من الهند إلى أندونيسيا».

أمّا ماذا ستكون خيارات أميركا بالنظر إلى المعطيات التي تفيد بأنّ استراتيجيتهم المستحدثَة غير متوازنة من ناحية القوة وإعادة الانتشار الخاطئ للقوات العسكرية في الخليج الفارسي؟ يجيب ولكرسون عن هذا السؤال بأنّ «التدهور الحاصل في القوات البرية الأميركية سيقلّص الخيارات إلى انسحاب العناصر البرية من العراق، ومع حلول نهاية عام 2008، يجب أن تكون نصف القوات البرية العسكرية الموجودة في العراق منسحبة، أو على الأقل تستعد لتفعل ذلك».

بالتالي، فإنّ هذا الواقع وحده «يبرهن أن استعمال القوة العسكرية ضدّ إيران هو مجازفة متهوّرة. غير أنّ التصرف بهذه الصورة هو شيء شائع في تاريخ العسكر، وفي الحقيقة استعمال القوة سيكون نسخة طبق الأصل عن الفشل القديم في التاريخ العسكري؛ فالقائد عندما يصادف فشلاً استراتيجياً، تكون أول نزعة عنده هي تعزيز ذلك الفشل».

كذلك، يدعو ولكرسون إلى عقد محادثات «جدية» مع كل اللاعبين الإقليميين، ومن ضمنهم إيران وسوريا، من أجل «إنقاذ ما بقي من النجاح القليل نتيجة الفوضى الاستراتيجية التي أحدثناها. وعلى تركيا أن تكون حاضرة أيضاً.

ولكن «لنفترض ولو للحظة أن كل هذه الجهود الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والمالية التي لا بد منها فشلت، عندها ستكون القوة العسكرية هي الحل الوحيد المطروح على الطاولة». أما الخيار العسكري ضد إيران فهو «وسيلة لمنعها من امتلاك أسلحة نووية، علماً بأنّ هذه الغاية تفرض أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، وهذا بالنسبة إلي، كاستراتيجي، موقف غير منطقي، لأن إيران لا يمكن ثنيها عن شيء. لذلك ما دامت إسرائيل وأميركا تمتلكان أسلحة نووية، فإن إيران لن تستعمله ضدهما».

وإذا «اضطررنا إلى استعمال القوة؟ النتيجة ستكون من وجهة نظري كارثية»، والحملة العسكرية «لن تتمكّن سوى من تأخير برنامج إيراني النووي سنة أو سنتين أو أكثر بقليل».
"الأخبار"

التعليقات