31/10/2010 - 11:02

ماذا نقدم لأسرى الحرية في يوم الأسير../ عوض عبد الفتاح

ماذا نقدم لأسرى الحرية في يوم الأسير../ عوض عبد الفتاح
يقال أن الإحتلال سجن كبير، وأن القهر سلاسل تكبل حرية الإنسان وتمسّ كرامته. وداخل هذا السجن الكبير سجون صغيرة، مصنوعة من الباطون والحديد، يقبع خلف قضبانها الآلاف من طلائع الأمة.

الذين يقبعون في السجن الكبير، يحظون بالتواصل الإنساني مع ذويهم ويناضل الكثير منهم بقدر أقل من القيود والسلاسل. ويحظون بفترات من الراحة والتنقل.

أما القابعون في السجون الصغيرة، فيصارعون القيود كل لحظة، ويقاومون عذاب الحرمان يوميًا. عماد صمودهم ومثابرتهم الإيمان القوي بقضيتهم والإرادة الفولاذية المستمد من هذا الإيمان. هم بشر مثل كل البشر، لهم ميولهم، وقناعاتهم ونزواتهم، وخلافاتهم، ولكنهم يمتازون عنا، نحن الذين في خارج السجن، والذين ننساهم أحيانًا بسبب زحمة الهموم اليومية وثقل القهر القومي. يمتازون بهذه القوة الهائلة المتراكمة من الصمود في العزل الدائم.. منهم قد قضى حتى الآن أكثر من 25 عاما.

ماذا نحن فاعلون لهؤلاء الأبطال، الذين يدفعون يوميًا ثمن نضالهم ضد الإحتلال الصهيوني، وثمن دفاعهم عن قضيتنا الوطنية. وهو ثمن لا يمكن أن يعوّض إلا بانتصار القضية التي ناضلوا من أجلها، وعلى المستوى الشخصي فقط بتحريرهم من الأسر. تشتد الحملة الصهيونية على هؤلاء الاسرى خاصة بعد إفشال إسرائيل لصفقة التبادل، وتمارس ضدهم الآن جملة من الإجراءات المعادية والحاقدة.

هناك أطرٌ وجمعيات وأفراد يتواصلون مع أسرى الحرية، وبفضل هذا التواصل، تبقى الحركة الفلسطينية الاسيرة حاضرة في أوساط الرأي العام الفلسطيني..

ولكن يبقى السؤال المطروح، خاصة في ظروف الإنقسام الفلسطيني، وتبعاته المدمرة وفي ظل سياسة الإرتهان لمفاوضات عبثية او لأوهام تسوية لم تأتِ وإن أتت فإنها مذلة وخطيرة، واللهاث وراءها ضيّع وبدّد الكثير من الإنجازات، وأعاق تحقيق إنجازات. السؤال هو كيف نرفع مستوى الإهتمام بين ابناء شعبنا بقضية الأسرى وكيف نوصل القضية لكل بيت، وكيف نجنّد المزيد من الضغط الشعبي المحلي والدولي على إسرائيل حتى تتراجع عن ممارساتها الوحشية ضد أسرانا، فالإجراءات القمعية الجارية الآن تشمل العزل الإنفرادي، وسلب معظم الإنجازات التي حققتها الحركة الاسيرة على مدى عشرات السنين من النضال والتضحيات والشهداء.

هناك أكثر من 11 ألف أسير، بما فيهم أسرى عرب الداخل وأسرى الجولان السوري المحتل. منهم قادة فصائل وأعضاء مجلس تشريعي وغيرهم.

إن المفارقة أن قضية الجندي الإسرائيلي الأسير الذي أرسل بأمر من قيادته للمشاركة في حصار وقتل الفلسطينيين، تُثير الإهتمام الدولي (الرسمي) أكثر مما تثيره قضية هذا العدد الهائل من الأسرى الفلسطينيين والعرب بل هؤلاء مغيّبون تمامًا عند الكثير ممن يتشدقون بحقوق الإنسان في الغرب. إنه الإنفصام الأخلاقي المعروف.

يصادف يوم الأسير الفلسطيني، بعد أسبوع، في السابع عشر من هذا الشهر، ويستحق هذا اليوم أن يُحيى بالصورة التي تليق به. وأن تطلق صرخة أعلى وأن يصل صوت الأسرى إلى كل بيت فلسطيني وخاصة في الداخل.. بكل السبل الشرعية الممكنة. وأدعو فروع حزب التجمع أن تنظم في هذا اليوم الندوات في النوادي والمشاركة الفاعلة في كل النشاطات التي تنظمها الأطر الأخرى.

وبطبيعة الحال، فإن التواصل مع قضية الأسرى باعتبارها قضية وطنية من الدرجة الأولى، هو جزء فعلي من النضال الوطني من أجل التحرر والحرية، ويصبّ مباشرة في مسيرة الكفاح المستمرّ.

لا يوجد فصل بين قضية النضال الوطني العام وقضية نضال الأسرى المستمر.. من داخل السجون. إنهم في قلب المعركة يوميًا.. فألف تحية لهم ولذويهم...

التعليقات