01/12/2018 - 07:35

تحالف وليس تطبيعا

رز عقدة النقص والدونية في التعامل مع الإسرائيلي ومنتوجه العسكري والاستخباراتي، ومنح الشرعية العملية لمقولات العنصرية الاستعلائية الإسرائيلية التي كان الرئيس الإسرائيلي السابق، شمعون بيرس، قد صاغها بعبارة بسيطة وواضحة "المال العربي مع العقل اليهودي"

تحالف وليس تطبيعا

لعل أهم ما في التقرير الذي كشفت عنه صحيفة "ذي ماركر" الإسرائيلية بشأن محاولة السعودية الاستعانة بإيهود باراك، رئيس الأركان ووزير الأمن ورئيس الحكومة الأسبق في دولة الاحتلال، هو إقرار باراك الاتصال به وبإجراء المحادثة الطويلة مع الوسيط الإماراتي لصالح العائلة المالكة في السعودية. فإقرار باراك بهذه الاتصالات وهذه المساعي السرية لم يكن ليحدث لو أن دولة الاحتلال، ومسؤوليها الحاليين والسابقين (كما في حالة باراك)، تشكك بأن الكشف عن اتصال بهذه الأهمية والخطورة يمكن أن له يسبب زلزالًا حقيقيًا أو يردع الجهة التي طلبت الاتصال بباراك، عن وقف محاولاتها لشراء الخبرات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية لمواجهة أبناء شعبها ومواطنيها.

ويبيّن تقرير "ذي ماركر"، وما سبقه بيومين تقرير "هآرتس" عن سعي سعودي لشراء برامج التجسس من شركة NSO الإسرائيلية أيضًا، عمق التواطؤ من النظام السعودي لدرجة التعاون الصريح شبه المعلن مع دولة الاحتلال، لتحقيق هدف واحد ووحيد هو الإبقاء على النظام الحاكم، وهي سمة ميزت وتميز كل أنظمة الطغيان العربية التي لا تتوانى عن التنسيق الأمني (كما هو مسمى التعاون الاستخباراتي والعسكري بين سلطة رام الله وبين الاحتلال)، أو التعهد بالتزام أمن الحدود مقابل إرجاع النظام السوري للهضبة السورية وتمكينه من دحر المعارضة وقوات الثورة.

لكن إلى جانب كل هذه الموبقات التي ترتكبها الأنظمة القمعية العربية، ومحور التخاذل والتطبيع الذي تقوده السعودية والإمارات اليوم، تبرز عقدة النقص والدونية في التعامل مع الإسرائيلي ومنتوجه العسكري والاستخباراتي، ومنح الشرعية العملية لمقولات العنصرية الاستعلائية الإسرائيلية التي كان الرئيس الإسرائيلي السابق، شمعون بيرس، قد صاغها بعبارة بسيطة وواضحة "المال العربي مع العقل اليهودي"، للتدليل برسالة غير مباشرة على غياب العقل العربي، إلا إذا كان تحت مجهر دولة الاحتلال ووصايته. روج بيرس لسنوات لشرق أوسط جديد يقوم على العقل اليهودي والمال العربي (الخليجي) والأيدي العربية الرخيصة. ويمكن القول إن برنامج بيرس ينفذ اليوم من قبل بنيامين نتنياهو، رجل "السلام الاقتصادي" والستار الحديدي الذي لا يخفي نظرته الفوقية والعنجهية بترديده إن رضوخ العرب وتطلعهم للتعاون مع إسرائيل مرده القوة الإسرائيلية لا غير، وبالتالي لا يجد سببًا لكي يقدم لهم شيئًا مقابل ذلك.

(العربي الجديد)

التعليقات