03/03/2020 - 16:15

انعتاق المشتركة.. استثمار القوة وخطر الإحباط

انعتاق أو تحرر المشتركة من الدخول في متاهات المعسكرات الإسرائيلية المتنازعة على الحكم يحتم استثمار ثقة الناس لمأسسة هذا التمثيل، وتوطيد العلاقات بين الأحزاب والقطاعات الشعبية والسلطات المحلية ولجنة المتابعة، وعدم الانكفاء داخل مبنى الكنيست فقط

انعتاق المشتركة.. استثمار القوة وخطر الإحباط

الرسالة الأمثل من نتائج الانتخابات الإسرائيلية الثالثة، هي انعتاق القائمة المشتركة من حسابات السياسة الإسرائيلية، بما يتعلق بتغيير الحكم في إسرائيل، وخطاب إسقاط بنيامين نتنياهو. تشير النتائج إلى تفوق الليكود ونتنياهو على بيني غانتس وقائمته "كاحول لافان" وزيادة قوة اليمين، في موازاة تصاعد قوة القائمة المشتركة والتمثيل العربي، وذلك ينسف ادعاء ومعادلة المنافسة بين الصوت العربي والصوت اليهودي اليميني، إذ تبيّن أن المنافسة الحقيقية هي بين الصوت العربي الفلسطيني وبين الصوت الصهيوني الذي يرى بإسرائيل دولة لليهود وفق تعريفها وجوهرها.

نجاح القائمة المشتركة وسيطرة النقاشات السياسية على العناوين لمدة عام ونصف، أدى إلى توضيح المواقف السياسية أكثر فأكثر، واتضاح صحة أو خطأ المواقف السياسية في مدة زمنية محددة قصيرة نسبيًا، من دون مزايدة أو مراوغة، نظرًا لامتحانها في الواقع بين جولة وأخرى، وعدم الاتكال على ذاكرة الناخب القصيرة.

مثلاً، النقاش الصاخب حول التوصية بتكليف غانتس لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات الثانية، اتضح أنه خطأ إستراتيجي ومبدئي بعد أقل من شهر من هذه التوصية، إذ أدت هذه الخطوة إلى تعاظم الخطاب العنصري لدى حزب "كاحول لافان" إلى حد اجتراح مصطلح جديد – قديم وهو "الأكثرية اليهودية"، الذي استجلب من خطاب ترسيم حدود دولة إسرائيل إلى خطاب حدود تشكيل الحكومات الإسرائيلية. هو خطاب قديم لأن هذا المصطلح كان أول ما يصرح به المنتصر في الانتخابات، بصيغة "سنتوجه لكل الأحزاب الصهيونية"؛ وهو جديد لأنه تحوّل إلى فزاعة الدعاية الانتخابية لـ"كاحول لافان"، في مقابل دعاية الليكود المحذرة من القائمة المشتركة في حكومة غانتس.

زيادة الالتفاف حول المشتركة يكمن في فهم الناخب لأهمية وجدوى المشاركة السياسية عندما تكون مُنظِمةً للعرب، إضافة إلى فهم متدحرج من قبل مركبات المشتركة بأن الوحدة كمشروع تنظيمي عربي جامع هي كلمة السر لكسب الثقة من الناس.

لا ألغي حقيقة أن خطاب التأثير وإسقاط نتنياهو كان نقطة البداية الرافعة لإعادة وحدة المشتركة وتعزيز قوتها في الانتخابات السابقة، إلا أن التأثير من منطلق القوة وتنظيم الناس على أساس انتمائهم القومي الممثل بهويتهم ولب صراعهم مع الصهيونية، هي الإستراتيجية التي يجب أن تضبط عمل التمثيل السياسي العربي في إسرائيل، وليس تكتيك التأثير بواسطة استثمار ثقة الناس في سياق الحسابات الائتلافية الإسرائيلية الزائلة والزائفة.

انعتاق أو تحرر المشتركة من الدخول في متاهات المعسكرات الإسرائيلية المتنازعة على الحكم يحتم استثمار ثقة الناس لمأسسة هذا التمثيل، وتوطيد العلاقات بين الأحزاب والقطاعات الشعبية والسلطات المحلية ولجنة المتابعة، وعدم الانكفاء داخل مبنى الكنيست فقط، خاصةً وأن تجربة انتخابات 2015 أكدت أن رفع منسوب التوقعات من العمل البرلماني وحصر الآمال بالتعويل عليه فقط، يحبط الناس ويؤدي إلى نتائج عكسية، ذلك أن الأحزاب الكبيرة، وبخاصة الليكود، تلقفت خطاب التأثير وحاولت استمالة الناخب العربي مخاطبته بدعاية انتخابية مُحكمة عن الميزانيات و"إنجازات" حكومة نتنياهو للعرب.

صحيح أن هذه الحملة والدعاية فشلت، إلا أن الخطر هو أن تتحول هذه الدعاية من قبل الليكود إلى عمل سياسي تنظيمي ينخر جسم المجتمع العربي، من منطلق تحصيل الميزانيات والحقوق والتحريض على النواب العرب. ولذلك انعتاق المشتركة من مشروع تغيير الحكم في إسرائيل يحتم عليها تبتي مشروع تحصين ومأسسة تنظيم العرب الفلسطينيين في إسرائيل.

التعليقات