عندما كان يتم التحضير للانتخابات النيابية العام الماضي، قال النائب وليد جنبلاط، يجب ان نتطلع الى الشريك الشيعي الذي كان الاساس في داخل قوى 8 اذار، وذهب الى الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله وعقد معه تحالفا انتخابيا وسياسيا يقوم على حماية المقاومة وسلاحها ورفض تطبيق القرار 1559 عليها، وتبنى سياستها الى حد التأكيد علي كل ثوابتها، ودعا الى جبهة تمتد من الناقورة الى الجولان فالقدس.
هذا ما كان يعلنه جنبلاط في تلك المرحلة التي كانت القوات السورية بدأت تنسحب من لبنان وبعد انسحابها، ما ساعد في قيام «التحالف الرباعي».
وفي ذلك الوقت كان حلفاء السيد نصر الله من قوى 8 آذار يراجعونه في موضوع الانتخابات، فكان يؤكد لهم تحالفه مع الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة جنبلاط و«تيار المستقبل» برئاسة سعد الحريري، اضافة الى الحلف الثابت مع حركة «امل» برئاسة نبيه بري.
وجرت محاولات مع السيد نصر الله من اجل ترك مقاعد شاغرة لحلفاء له، مثل الوزير السابق طلال ارسلان في عاليه ــ بعبدا، والنائب بيار دكاش وآخرين في البقاع الغربي ــ راشيا مثل ايلي الفرزلي وعبد الرحيم مراد وفيصل الداوود، الا ان جواب السيد نصر الله كان سأفتدي حلفائي بمنع الفتنة المذهبية، التي ظهرت فجأة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وان حلفائي يقدرون موقف «حزب الله»، بين الحفاظ على السلم الاهلي ووحدة لبنان وضمان المقاومة، وبعض المقاعد النيابية، فاننا سنضحي بهذه المقاعد اذا خسرها حلفاؤنا.
كان الهم الاساسي للسيد نصر الله كما يروي من التقوه وحاوروه في تلك الفترة، هو ابعاد كأس المذهبية المرة وتجنبها، وهو كان مهد لها بزيارة دار الفتوى ولقاء المفتي محمد رشيد قباني ،اضافة الى قيادات سنية سياسية بارزة.
وسعى الامين العام «لحزب الله» بكل قوته لوأد الفتنة التي طلت بعد ساعات قليلة من اغتيال الحريري، وتم ضبطها مع الرئيس بري لا سيما في بيروت، ورأى ان التحالف الرباعي السياسي يصون السلم الاهلي.
هذا ما كان يتخوف منه السيد نصر الله كما ينقل عنه، وحاول وما زال ابعاد لبنان عنه، وان البعض كما تقول مصادر قيادية في «حزب الله» لم يعرف مضمون هذا التحالف الذي حاول تمتينه من خلال اللقاءات والاجتماعات والتواصل مع النائبين جنبلاط والحريري، وسعى الى تكريسه على طاولة الحوار، وبادر مع رئيس «تيار المستقبل» لزيارة ضريح الشهيد الحريري لتعزيز الوحدة وتعميم ثقافة الوفاق الواحد.
ويبدو ان اطراف السلطة الحاكمة، التي طالبتها المعارضة بالمشاركة في القرار السياسي ضمن مؤسسات الدولة، وتحديدا في مجلس الوزراء، روجت لذلك على انه انقلاب، كما تقول مصادر «حزب الله»، وهذا امر خطير ان يحكى عن هذا الامر، لان الشراكة في الانتخابات النيابية، هي التي كونت السلطة، فكيف يمكن لفريق الحاكم ان يقبلني ويتحالف معي ويتسلم السلطة، ثم يعمل لابعادي عن قراراتها باللجوء الى التصويت بامتلاكه الاكثرية، وان الاعتراض على ذلك قد بدأ قبل البحث بالمحكمة الدولية وقبل القرار 1701، وقبل تحديد موعد مؤتمر باريس ـ3 الذي كان مؤتمر بيروت واحد الذي كان سيعقد في الشتاء الماضي وارجأته الحكومة لاسباب تتعلق بالورقة الاصلاحية.
فليس من رابط بين المطالبة بحكومة الوحدة الوطنية، والمحكمة والقرار 1701 ومؤتمر باريس ــ 3، كما تروج السلطة واكثريتها من قوى 14 شباط، كما تقول مصادر «حزب الله»، لان هذه المسائل الوطنية والمصيرية تعالجها حكومة وطنية وليس حكومة فئوية، وهذا هو العنوان الرئيس لتحرك المعارضة التي لا تقود انقلابا كما يروجون، فاذا كان المطروح تعديل الحكومة او توسيعها برئاسة فؤاد السنيورة، كيف يكون الموقع السني مستهدفا؟ واذا كانت المسألة كل المسألة هي تأمين ثلث ضامن فكيف تفسر على انها ضد المحكمة الدولية، التي تم الاجماع الوطني حولها؟
لذلك فان السلطة الحاكمة لم تر امامها سوى افتعال مشكلة والادعاء انها مذهبية، وان تحرك المعارضة هو استهداف السنة في لبنان، وهذا امر خطير جداً وسلاح قد يصيب الذي يستخدمه، واللعب به سيؤدي الى احراق لبنان وتدميره، كما تقول المصادر التي تشير الى انهم يأخذون على المعارضة انها قفزت فوق المؤسسات ونزلت الى الشارع واعتصمت في وسط بيروت، فأي خطر اشد الاعتصام السلمي الذي يكفله الدستور، ولم تسجل فيه حادثة واحدة، ام اللجوء الى التحريض المذهبي الذي هو ضد الدستور ويعاقب عليه القانون لانه يدعو الى الفتنة والاقتتال؟
فما خاف منه السيد نصر الله وما زال، وهو التحريض المذهبي، تذهب اليه اطراف في السلطة من دون ان يرف لها جفن كما تقول المصادر التي تعمل على تفويت الفرصة لهؤلاء، وهي في تحالفاتها الوطنية الواسعة والشاملة لكل الطوائف والمذاهب والاحزاب والتيارات السياسية، تمكنت حتى الان من منع حصول الفتنة المذهبية، التي اطلت من منطقة قصقص، وتم قصها في مهدها، واكد الاعتصام الشعبي الحاشد الاحد الماضي، ان مرحلة مذهبة العمل المعارض اصبح وراء المعارضة، وان بعض الدول العربية التي تم الاتصال بها على عجل بأن رئاسة الحكومة بخطر من الشيعة، فتحرك الرئيس المصري حسني مبارك لحماية السراي، وتبين له لاحقا، ان لا صحة لما قيل، وتراجع عن خطابه بان مصر ليست طرفا بل هي للجميع، وكذلك بدأت السعودية تتعامل بواقعية اكثر مع وجود اكثر من نصف الشعب اللبناني مع المعارضة.
"الديار"
التعليقات