الاوساط المواكبة لنبض الشارع المعارض تقول بأن اليوم هو بداية التصعيد السلمي للاطاحة بالحكومة والعد العكسي لانهاء الوضع القائم منذ اكثر من 50 يوماً، ويبدو ان اطراف المعارضة قد قاموا بتوزيع الادوار كل بحسب منطقته وامكاناته لانجاح الدعوة الى الاقفال العام تعبيرا عن رفضهم لمشاريع قوى 14 شباط مع مراعاة بعض الحساسيات المناطقية حيث يشكل بعضها تماسا طائفيا ومذهبيا وحزبيا.
فبعد الاطلالة الاعلامية لمسؤول العلاقات السياسية في «التيار الوطني الحر» جبران باسيل قام بلقاء معتصمي «التيار» من المناطق كافة في ساحة الشهداء ليلا يرافقه الدكتور جوزيف شهدا وشرحا للمعتصمين خطة التحرك واهدافها السلمية وشددا على عدم الاصطدام بالقوى الامنية وعدم الانجرار وراء اي استفزازات يتعرض لها المتظاهرون.
وقد اكد باسيل للمعتصمين على سلمية التحرك واعطائه طابع «الغاندية»، وان اليوم الاول للتحرك هو حلقة من سلسلة حلقات تصاعدية للوصول الى تحقيق اهداف الاعتصام الذي طال امده ولم يعرفه الشارع اللبناني خلال تاريخه القديم والحديث، وقد شدد باسيل في لقائه مع المعتصمين على ضرورة التحلي بروح المسؤولية وعدم التعرض للاملاك العامة منعا لاستغلال التظاهرة من قبل عناصر من الطابور الخامس قد تتسلل الى صفوف محازبي «التيار».
وتضيف الاوساط ان التحركات التي سيشهدها الشارع اليوم وضعت على اساس مجموعة من الخطط لجهة توزيع الادوار من العاصمة اللبنانية وصولا الى المناطق. وخصوصا المختلطة منها والتي تتداخل فيها التلاوين كافة والاطياف السياسية منها والمذهبية، ففي بيروت قد تتوزع التحركات على عناصر «التيار» و «حزب الله» وحركة «أمل» وبعض الاحزاب «كحركة الشعب» و «الشيوعيين» و «القوميين»، اما في الجنوب فسيتولى مسوؤلية انجاح التحرك «حزب الله» و «أمل» و «الناصريون المستقلون» وفي الجبل سيقوم بالدور انصار المير طلال ارسلان وفيصل الداوود والوزير السابق وئام وهاب اما في مناطق كسروان - جبيل والبترون فسيلقى العبء على كاهل «التيار الوطني الحر»، وفي منطقة الكورة وطرابلس وزغرتا ستكون مسرحا لتحركات «المردة» وانصار الرئيس عمر كرامي و«العونيين» و«القوميين» وبقية الاحزاب المنضوية تحت لواء المعارضة، اما في عكار فتبدو الصورة ضبابية بسبب المنحى المذهبي المسيطر على الوضع السياسي كون المنطقة تشكل غالبية سنية تنجرف في معظمها في سباق «تيار المستقبل»، الذي يستند فيه التحرك على بعض الفتاوى التي يصدرها بعض ائمة المساجد، ولكن هذا الامر لن يمنع من تحرك «العونيين» في مناطقهم بالتكاتف مع بعض قوى المعارضة في الوسط السني وبعض الاحزاب الوطنية والتي ما تزال تملك هامشا لا بأس به في التحرك.
وحيال هذه الصورة الاستعراضة لما يمكن ان يحصل في باكورة التحرك المطلبي يبقى السؤال المطروح: ماذا لو لم تستجب الحكومة لهذا التصعيد، وهي لن تستجيب خصوصا بعد موقف رئيسها فؤاد السنيورة الذي سبق له وهدّد بأن «الشارع سيقابله بشارع آخر» فكيف سيكون المخرج الذي ينتزع الوضع من عنق الزجاجة، وهنا لا بد من التذكير بما طرحه العماد ميشال عون في الاول من امس بأن «الحريرية حبل مشنقة عليكم ان تقطعوه قبل ان يؤرجحكم» وهذا يعني ان الجنرال وحلفاءه اتخذوا القرار باطاحة الحكومة وان فترة السماح والعودة الى طاولة الحوار قد تخطاها الزمن، والذين عايشوا مواقف الجنرال منذ توليه رئاسة الحكومة الانتقالية في نهاية الثمانينات يعرفون جيدا ان عون لن يتراجع قيد انملة قبل الوصول الى اهدافه، لا سيما ان الحكومة ما زالت تتمادى في مخالفاتها الدستورية وتتعاطى بفوقية مع كل الطروحات وهي تعيش تحت نشوة الدعم الكلامي الاميركي والفرنسي، وهي لن تستيقظ من سكونها الا باحداث صدمة في الشارع تعيدها الى الواقع وتنتشلها من احلام اليقظة، خصوصا ان عون ينظر الى الحكومة بانها تحولت معتمدية تنفذ الاوامر الصادرة من الادارة الاميركية وفرنسا على حساب المصلحة الوطنية، والمعروف انه من ضمن قوى المعارضة والموالاة في آن يبرز الجنرال على انه الشخص الوحيد الذي لا يرتبط بأي مشروع اقليمي ودولي وانما بمشروعه الوطني المحلي الصرف وان تقاطعت مصالحه مع بعض مصالح حلفائه.
"الديار"
التعليقات