29/02/2008 - 09:31

المسلمون والمسيحيون براء من أوباما../ زهير أندراوس

المسلمون والمسيحيون براء من أوباما../ زهير أندراوس
تجري في هذه الأيام معركة حامية الوطيس بين المرشحين الديمقراطيين هيلاري كلينتون وبراك اوباما، للحصول على تذكرة التنافس على رئاسة أمريكا.

وهذا الأسبوع اجتازت المعركة الخطوط الحمراء، عندما اتُهم اوباما أنه من أصول إسلامية، الأمر الذي اضطره إلى الرد على هذه "الفرية الدموية"، والإعلان في جميع وسائل الإعلام أنّه لا يمت للإسلام بصلة، مشدداً على أنّه مسيحي مائة بالمائة وحلف على الإنجيل المقدس.

بادئ ذي بدء، نقول إنّ المسيح والمسيحيين براء منك يا اوباما، لأنّك حتى قبل أن تصل إلى البيت الأبيض، هذا إذا وصلت، أكّدت للعالم قاطبة أنّ تعاليم الدين المسيحي المتسامح بعيدة عنك ومنك على الأقل ألف سنة ضوئية.

سارعت للإعلان أنّك ضد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، الذين شُرّدوا من وطنهم في النكبة المشؤومة عام 1948، ولم تتردد في حلف يمين الولاء للدولة العبرية، وتعهدت بالمحافظة على أمنها، وهكذا تحّولت إلى مجرم حرب على شاكلة الرئيس جورج بوش، وأنت تعرف أنّ الجرائم التي ارتكبها بوش في العراق وأفعانستان وفلسطين وفي مناطق أخرى من هذا العالم، ستُلاحقك وستُلاحق كل أمريكي.

نحن نعلم، وأنت تدري يا اوباما، أنّ الدين الذي يسير عليه زعماء الويلات المتحدة الأمريكية هو النفط والشركات الكبيرة التي تهضم حقوق العمال، والادعاء بأنّك مسيحي، ما هو إلا ذر للرماد في العيون، قد ينطلي على بعض العرب السذج، الذين ينتمون لأمة تبحث عن أبطال، هذه الأمة التي ما زالت تفتخر بصلاح الدين الأيوبي قاهر الصليبيين من أمثالك، على الرغم من أنّه كان كردياً، وليس عربياً.

المأساة أنّ الأمة الإسلامية تصرفت في قضية إسلام اوباما بطريقة خاطئة، فبدل أن تُعلن على الملأ أنّها لا تتشرف بأن يكون مسلماً، بسبب تصريحاته المؤيدة للصهاينة والمعارضة لكل ما هو مسلم وعربي، انبرى عدد من أشباه الكتاب وأشباه السياسيين وأشباه المفكرين، للدفاع عن اوباما، وكأنّه مخّلص هذه الأمة.

كان حرّياً بمن يعتز بعروبته وبإسلامه أن يُعلن بصريح العبارة أنّ اوباما ومؤيديه لا يُشّرفون الدين الإسلامي الحنيف، كان حرّيّاً بهم أن يتخذوا موقفاً معارضاً للألعاب البهلوانية التي تُنتجها صناعة السياسيين في أمريكا، وتحديداً الصادرة من اوباما.

المأساة الأكبر أنّ حفنة من العرب والمسلمين يعّولون على اوباما ويتمنون فوزه في الانتخابات الرئاسية، لا يا سيداتي ولا يا سادتي، هذا الرجل هو ابن المؤسسة الأمريكية الحاقدة على كل ما هو مسلم وما هو عربي، وبالتالي فإنّ فوزه في الانتخابات لن يُغير شيئاً بالنسبة للأمتين العربية والإسلامية، لأنّ اوباما لا يقدر حتى ولو أراد، أن يُغرد خارج السرب الداعم للامبريالية العالمية وسحق الشعوب الضعيفة ونهب ثروات الشعوب المُستضعفة على وجه هذه البسيطة، وإحداث الفتن وملاحقة "الإرهابيين"!.

فليعلم العرب والمسلمين، أنّ الحصول على حقوقهم لن تصل من العم سام، وعليهم أن يتذّكروا مقولة الرئيس العربي الراحل، جمال عبد الناصر، طيّب الذكر، الذي قال: ما أُخذ بالقوة، لا يُسترد إلا بالقوة، وأمريكا لا تريد أصدقاء وإنما تبحث عن عملاء لتعاملهم معاملة العبيد، والخائفون لا يصنعون الحرية، والمترددون لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء.

التعليقات