29/09/2008 - 08:52

النشرة الإخبارية لعيد الفطر السعيد../ راسم عبيدات

النشرة الإخبارية لعيد الفطر السعيد../ راسم عبيدات
الخلافات السياسية العربية مازالت تلقي بظلالها على المناسبات والأعياد الدينية، وهذا يعني أن أول أيام عيد الفطر السعيد لن تكون موحدة في العواصم العربية والإسلامية، بل وربما مختلفة في الدولة الواحدة، كما حصل في العراق العام الفائت. وفي السياق نفسه تتحدث الأنباء عن حملة من التحريض والتحريض المضاد سنية- شعية تقودها المراجع الدينية في كل من المذهبين، ويبدو أن هذه العملية ليست بعيدة عن الخلافات السياسية، وتؤكد المصادر وجود بصمات أمريكية واضحة تغذي هذه الخلافات خدمة لأهدافها ومصالحها.

أما على الصعيد الفلسطيني، فكل المعلومات تقول بأن حالة الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني على حالها، بل وربما تتجه مستقبلاً نحو منحنيات وتداعيات جداً خطيرة. وكذلك الحوار الوطني الفلسطيني، فهناك تحركات عربية نشطة لوضع حد لحالة الانقسام الفلسطيني، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ورفع الحصار وفتح المعابر، ولكن هذه المحاولات تصطدم بمواقف وتصريحات متشنجة وتوتيرية من بعض القيادات في حماس وفتح مما يصعب الأمور ويدفع بها نحو العودة للمربع الأول. ومع اقتراب نهاية موعد ولاية الرئيس عباس، فإذا لم تنجح مساعي الحوار ويجري توافق وطني، فإن الساحة الفلسطينية مرشحة نحو المزيد من التدهور والضعف والتفكك، وستكون عرضة لخيارات أخرى على حساب الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية.

وعلى صعيد المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، فرغم الكثير من لقاءات القمة الفلسطينية- الإسرائيلية، سواءً العلنية أو السرية منها، فإن هذه المفاوضات لم تحقق أي تقدم في القضايا الجوهرية، وبقيت تدور في حلقة مفرغة رغم أن أولمرت حاول قبيل نهايته السياسية أن يدخل التاريخ كرجل سلام من خلال إنجاز لو شكل اتفاق سقف أو إعلان مبادئ، ولكن حتى هذا المسعى لم ينجح، وكل المؤشرات والخبراء والمحللين يقولون أنه لا اتفاق فلسطيني- إسرائيلي في العام الحالي ولا حتى في المستقبل المنظور.

وفيما يتعلق بالحصار وملف الجندي الإسرائيلي المأسور جلعاد شاليط، فهناك حركة نشطة في هذا الاتجاه، ولكن يبدو أن إسرائيل غير جادة في إغلاق هذا الملف، وهي ترى في استمرار احتجازها لأكثر من أحد عشر ألف أسير فلسطيني ورقة ابتزاز سياسي، وإن كان ثبات المقاومة الفلسطينية على مطالبها ومواقفها قد دفع بالحكومة الإسرائيلية إلى إعداد قائمة بديلة، للقائمة التي تطالب بها حماس، تشتمل على 450 أسيرا فلسطينيا توافق على إطلاق سراحهم في صفقة شاليط، نصفهم من الذين تطالب بهم حماس.

واستمرار التعنت الإسرائيلي هذا قد لا يخرج صفقة التبادل إلى النور. وفي سياق متصل تتحدث الأنباء عن سعي مصر لعقد صفقة إقليمية شاملة، من ضمنها إغلاق ملف شاليط.

يبدو أن الكثير من الأطفال الفلسطينيين لن يشعروا بفرحة العيد، بسبب الإجراءات والممارسات الإسرائيلي، حيث الحصار الخانق والظالم يلقي بظلاله على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وهذا ما يجعل تلبية الأسر لاحتياجات أطفالها على صعيد فرحة العيد من ملابس والعاب وهدايا صعبة جداً، ناهيك عن أن أبناء الأسرى لم تكتمل فرحتهم بتحرر آبائهم، وستبقى فرحتهم مؤجلة إلى إشعار آخر.

عمليات التهويد والأسرلة في القدس تجري على قدم وساق، عزل وفصل وحصار وجدار وتقطيع أوصال واستيطان وهدم بيوت، والهدف هو التهجير والترحيل القسري للسكان المقدسيين، ومن لا يرحل "بعصا موسى يرحل بعصا فرعون".

وفي سياق متصل يصعد المستوطنين من هجماتهم وعربداتهم ضد السكان الفلسطينيين، وتحديداً قي قرى شمال فلسطين ،وهذه العربدة والزعرنة، تجري تحت حراسة وحماية الجيش الإسرائيلي، فبعد إطلاق المستوطنين لعدد من الصواريخ محلية الصنع على عدد من البلدات الفلسطينية المحيطة بنابلس، وما أعقبها من اقتحامات المستوطنين لعدة قرى في منطقة نابلس أيضاً، وقيامهم بتدمير ممتلكات المواطنين وقتل حيواناتهم ومواشيهم وحرق أشجارهم ومزروعاتهم، وإصابة العديد منهم بجراح، بحماية وحراسة الجيش، ومن ثم أقدم المستوطنون من مستوطنة "يتسهار" على إعدام أحد رعاة الأغنام الفلسطينيين،من قرية عقربا القريبة من تلك المستوطنة، بدم بارد حيث أطلقوا علية ما يزيد عن عشرين رصاصة اخترقت كامل جسمه.

يبدو أن شهر رمضان الفضيل، والذي يفترض أن يرفع ويزيد من درجة وحرارة الإيمان عند المؤمنين والصائمين، وأن يزيد من التلاحم والتواد والترابط بين الناس، وجدنا أن هناك من استغل هذا الشهر الفضيل لرفع ومضاعفة الأسعار. في حين استغل آخرون من عديمي الضمير والقيم والأخلاق والانتماء ذلك لطرح بضائع الموت الفاسدة ومنتهية الصلاحية. ناهيك عن أنك ترى البعض ونتيجة التدافع وغياب النظام والقانون، من يأتي للصلاة ويضع سيارته في الشارع العام، وهناك من لا يأبه لأي قانون أو نظام ويخرج عن مساره ومسلكه في الشارع، ويغلق الشارع من خلال التجاوز والسير في المسلك المعاكس، ويتسبب في أزمة سير ليس لها أول ولا أخر. وكذلك والتدافع والتزاحم قبيل الإفطار على المطاعم ومحلات بيع الحمص والحلويات، ينذر بوقوع إما حرب عالمية أو أن البلد مقبلة على مجاعة طويلة. أضف إلى ذلك ازدياد "الطوش" والمشاكل والخلافات الاجتماعية والعشائرية، وبما أن دوري كرة القدم للتنافس على الدرجة الممتازة بين الفرق استمر في شهر رمضان، فقد ارتفعت وازدادت ليس حرارة التنافس والأخلاق الرياضية، بل لا نجافي الحقيقة أن جماهير بعض الفرق المشاركة، غالبة أو مغلوبة لا يهدأ لها بال، بدون أن تثير شغب في الملاعب،أو تفتعل "طوشة" عامة، وكان الله في عون إدارات الأندية واتحاد كرة القدم.

وأخيراً يبدو أن روسيا بدأت بشد القوس في علاقاتها مع أمريكا، والتي كانت تخطط أن تهاجم روسيا في عقر دارها وغرف نومها الداخلية، من خلال دعم ومساندة جورجيا بالأسلحة المتطورة وإقامة قواعد عسكرية لها هناك، ولكن روسيا تنبهت لذلك وقمعت جورجيا عسكرياً، مما أفشل الخطط الأمريكية بمحاصرة روسيا والتعدي على مصالحها الحيوية، والشد الروسي للقوس لمسناه من خلال إفشال روسيا لاجتماع الدول الست والمتعلق بتشديد العقوبات على إيران، حيث رفضت روسيا ذلك وأفشلت الاجتماع، ويبدو أن هذه التطورات والمواقف الروسية يمكن لها أن تؤشر على بداية مرحلة جديدة عالمياً، من انتهاء حقبة العالم آحادي القطبية وبروز عالم متعدد الأقطاب.

التعليقات