16/09/2009 - 08:46

دولة فتات../ مصطفى إبراهيم*

دولة فتات../ مصطفى إبراهيم*
يرى بعض المراقبين أن إعلان فياض عن خطة إقامة الدولة خلال عامين جاء من خلال لعبه دوراً سياسياً في الساحة الفلسطينية، والذي يأتي من خلال النشاط الاجتماعي والاقتصادي الذي يقوم به في مدن الضفة الغربية، ومن خلال إطلاعه المباشر على تفاصيل السياسة الأمريكية، وكذلك على خطة اوباما للسلام التي بدأت في التبلور في شهر ابريل (نيسان) الماضي.

فالمقاومة الشعبية وبناء مؤسسات الدولة وتعزيزها من أجل تقصير عمر الاحتلال، وأن الدولة الفلسطينية ستقام خلال عامين، هذا جزء ما جاء في خطة رئيس وزراء حكومة رام الله سلام فياض، ومعه تتضح الخطوط العريضة لما يسمى عملية التسوية التي تقوم الولايات المتحدة وأوروبا على بلورتها للقضية الفلسطينية، وذلك من خلال ما أكدته بعض المصادر الأوروبية على أن المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل ستنطلق الشهر المقبل.

ويتضح من المقترحات المشار إليها أنها تأخذ بعين الاعتبار الـ "لاءات" الإسرائيلية بشأن القدس وحق عودة اللاجئين، حيث سيتم إرجاء بحث هذين البندين إلى المرحلة الأخيرة من المفاوضات، على أن يتم طمأنة الفلسطينيين بتعهد أمريكي وأوربي بإعلان الاعتراف بدولة فلسطينية خلال عامين.

المعلومات تؤكد أن الحل المقترح سيعتمد على ما جاء في خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في جامعة "بار إيلان" في منتصف حزيران (يونيو) الماضي.

أي دولة فلسطينية منزوعة السلاح، لا سيطرة لها على أجوائها ومعابرها، من دون القدس ومن دون حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وكل ذلك بشروط أهمها الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية والإعلان عن نهاية الصراع ونهاية مطالب الفلسطينيين.

المعلومات المتناقضة حول رفض فريق السلطة الفلسطينية البدء قي التفاوض إذا لم توقف الحكومة الإسرائيلية الاستيطان، لم تؤكد بعد، حيث تشير التصريحات المتناقضة لأركان السلطة بما في ذلك المعلومات غير المؤكدة أيضا حول اللقاء الثلاثي الذي سيجمع الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس وإمكان تمسكه بموقفه وعدم حضوره اللقاء.

المعلومات تشير أيضاً إلى أن التفاوض سيكون حول دولة بحدود مؤقتة، والملف الأول الذي سيطرح على طاولة المفاوضات هو الحدود بين الضفة الغربية وإسرائيل، فهل سيتمسك الرئيس عباس وفريقه بتأجيل المفاوضات حول القدس وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى المرحلة الأخيرة؟ أم سيتمسك بموقفه من العودة إلى المفاوضات حتى تقوم الحكومة الإسرائيلية بوقف الاستيطان.

ما يؤكد عدم وضوح الموقف الفلسطيني غير الصادق، مقارنة بما ذكره مصدر أوروبي إلى صحيفة "هآرتس" من أن المفاوضات ستبدأ على قاعدة الإعلان عن دولة فلسطينية خلال عامين بشكل رسمي، ما يشير بوضوح إلى تقاطع ذلك مع خطة رئيس وزراء حكومة رام الله سلام فياض التي تتحدث عن دولة فلسطينية خلال عامين.

وهذا ما يؤكد على أن إعلان فياض جاء بتنسيق مع الإدارة الأمريكية، وما تضمنته خطة اوباما للسلام الذي سيطرحها حسب ما ذكرته بعض المصادر في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الجاري، والذي تتقاطع مع خطة نتانياهو، وربما بتنسيق مع جهات إسرائيلية، ما يثير الشكوك في تزامن التغيير الحكومي الذي أجراه فياض على حكومته في شهر مايو ( أيار) الماضي.

والأنباء الواردة من إسرائيل التي جاءت تعليقاً على خطة فياض من قبل الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس بوصفه "بن غوريون فلسطين"، بمعنى أن فياض الذي يلعب دورا سياسياً منافساً للرئيس عباس هو من سيعلن إقامة دولة الفتات ليكون " بن غوريون فلسطين".

كما أن بيرس الذي تخطى عمله كرئيس للدولة العبرية وقيامه بلعب دور وزير خارجية في حكومة نتانياهو وتسويق حكومته في عدد من دول العالم، ما يؤشر للعبه دوراً بارزاً في بلورة خطة نتانياهو وربما اوباما والضغط على الفلسطينيين بالقبول بالمقترحات الجديدة، والتي أصبح من الواضح أنها تصفية للقضية الفلسطينية وتعهد جديد من الإدارة الأمريكية كتعهدات جورج بوش السابقة بإقامة دولة فلسطينية خلال ثلاث أعوام.

قيادة السلطة أدمنت الوعود والتعهدات الأمريكية، وها هي تشارك في تسويق وهم الوعد والتعهد، وفي بلورة مقترحات بإقامة الدولة الفلسطينية، التي سنكون دولة البقايا حسب وصف وزير التخطيط في حكومة رام الله الدكتور علي الجرباوي، وكما وصفها عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور محمد الهندي بدولة الفتات.

وبدل من إقامة دولة فلسطينية فتية مطلوب من الفلسطينيين إقامة دولة فتات على أراضي الضفة الغربية بما لا تريده إسرائيل مما تبقى من أراضي، فقيام الدولة يتطلب وضع إستراتيجية كفاحية يجمع عليها كل الفلسطينيين، تعتمد على المقاومة بكافة أشكالها، وتعزيز صمود الناس يأتي من خلال الالتفاف حول التأكيد على حق الناس في مقاومة الاحتلال، وليس فقط من خلال الاحتجاجات الموسمية.

التعليقات