03/10/2009 - 09:22

عبّاس وحماية مجرمي الحرب!../ أحمد الحيلة*

عبّاس وحماية مجرمي الحرب!../ أحمد الحيلة*
بغرابة واستهجان استقبلنا خبر تأجيل مجلس حقوق الإنسان التصويت على تقرير غولدستون (2/10)، بناءً على طلب السلطة الفلسطينية التي يقودها السيد محمود عباس.

ووجه الغرابة هنا، هو كيف لمسؤول، أياً كان موقعه، أو صفته أن يحول دون تطبيق العدالة على من اقترف أبشع جرائم الحرب ضد شعبه وضد الإنسانية؟! لا سيما وقد توفرت أغلبية من أعضاء المجلس (بواقع 33 دولة من أصل 47 دولة) تؤيد التصويت والمصادقة على التقرير الذي أدان إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وبارتكاب جرائم ضد الإنسانية في حربها الأخيرة على غزة نهاية العام 2008

هل يعقل أن يقف فريق فلسطيني، لحماية الصهاينة من القصاص على جرائم ارتكبوها ضد شعبنا الفلسطيني بذريعة الحفاظ على مسار التسوية السياسية والخوف من تقويض جهود السلام!!

فإذا كان مجرد الخوف على تقويض جهود السلام ثمنه التنكر لدماء آلاف الشهداء والجرحى من الفلسطينيين الذين سقطوا جراء العدوان الغاشم على غزة، فما هو ثمن استمرار مسيرة التسوية؟! وما هو ثمن الوصول إلى "السلام" المزعوم؟! هل الثمن هو تبرئة الاحتلال من دماء شعبنا في غزة، وجنين، وصبرا وشاتيلا، ودير ياسين، وتبرئته من دم الشيخ أحمد ياسين، ودم الرئيس ياسر عرفات..؟!

إن من يفرط بدماء الشهداء لمجرد الرغبة في استئناف مسيرة التسوية، يمكنه أن يفرط بالقدس، وبحق العودة..، وبالتالي فهو غير مستأمن على حقوقنا الوطنية، ولا يتمتع بالأهلية لقيادة شعبنا الفلسطيني.

فتطبيق العدالة والقصاص من مجرمي الحرب الصهاينة حق فردي وجماعي للشعب الفلسطيني، ولا يجوز للسيد عباس وفريق أوسلو التخلي عنه تحت أي ذريعة كانت، وإذا كان عباس وفريقه يعتبرون أنفسهم "وكلاء" عن الشعب، فهم مدانون لأنهم أخلّوا بحدود الوكالة الممنوحة لهم..

ومن غريب أولئك القوم، أن يتعذر سفير السلطة الفلسطينية العتيدة في الأمم المتحدة السيد إبراهيم خريشة بالقول: " بأن مواصلة السعي لاستصدار القرار حالياً يعني مواجهة الفيتو الأميركي". وبدورنا نتساءل، هل يعني ذلك بأن تحمل السلطة الفلسطينية الوزر بدلاً من الولايات المتحدة؟! أم أنه الانصياع لأوامر واشنطن تحت سيف المال السياسي، وسيف الخوف من فقدان الامتيازات الرخيصة على طاولة المفاوضات السياسية؟!

إن تأجيل التصويت والمصادقة على تقرير غولدستون بطلب من السلطة الفلسطينية، يعيد إلى الذاكرة ما ورد على لسان وزير الخارجية الصهيوني ليبرمان في نهاية الشهر الماضي، من تورط فريق أوسلو مع الاحتلال في الحرب على غزة لإنهاء المقاومة هناك.

فهل يعني ذلك أن الاحتلال الإسرائيلي قد هدد بكشف تلك المعلومات التي تثبت تورط سلطة رام الله في الحرب على غزة، إن إصرت السلطة على المضي قدماً في دعوة مجلس حقوق الإنسان للتصويت على تقرير غولدستون؟ الأمر الذي دفع تلك السلطة إلى طلب التأجيل على التصويت والمصادقة على التقرير هروباً من الفضيحة، وخوفاً من اتهامها بالشراكة مع الاحتلال في ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية إن كانت هي متورطة فعلاً ـ حسب ادعاء ليبرمان ـ من خلال التعاون الأمني، وعبر إمداد الاحتلال بالمعلومات عن مواقع المقاومة، وإمداده بإحداثيات المؤسسات والمرافق العامة والخاصة التي وقع جراء قصفها العديد من الضحايا والأبرياء.

ذلك السيناريو لسنا معنيين بتصديقه أو تكذيبه، فالأمر متروك لقادم الأيام بما تكشفه من معلومات، ولكن الثابت لدينا أن السلطة قد ارتكبت خطيئة بتأجيل التصويت على التقرير، لأن ذلك يعد مقدمة لتبرئة الاحتلال من جرائمه، وكما هو معلوم فإن تلك المواقف ستغري الاحتلال لارتكاب المزيد من الجرائم ضد شعبنا طالما العدالة الدولية غائبة أو معطلة، ولن يجد نفعاً التعويل على واشنطن أو التعويل على مسيرة التسوية السياسية التي لم تجلب لشعبنا سوى الدمار بما جرّته من استيطان في الضفة الغربية، وتهويد للقدس.

التعليقات