19/10/2009 - 10:52

أي مستقبل ينتظر الحوار والمصالحة الفلسطينية؟/ نزار السهلي

-

أي مستقبل ينتظر الحوار والمصالحة الفلسطينية؟/ نزار السهلي
لا يختلف اثنان على حقيقة أن القضية الفلسطينية تعيش مرحلة ربما هي الأصعب والأخطر عبر تاريخها كله، وهي تقف اليوم على عتبة المجهول من حقبة التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني الذي ساهم في تكوينه مئات الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى على امتداد مساحة فلسطين والعالم العربي، الذي يترقب أجوبة لأسئلة يهجس بها كل مواطن عربي وفلسطيني عاصر ما آلت له الأوضاع على الساحة الفلسطينية منذ توقيع اتفاق أوسلو إلى اليوم، وحالة الانحدار التي وصلت إليها القضية الفلسطينية فيما يتعلق بالخطاب الداخلي والنقاش الدائر حول المصالحة ووثيقة الاتفاق المقترحة من الإدارة المصرية بلغت من الردح إلى ادني مستوياته بين أطراف الصراع، سهلت له من تدعي أنها تنادي للوحدة الوطنية الفلسطينية وتنتمي إلى فصائل يسارية وغير يسارية داخل البيت الفلسطيني عبر مظلة الاحتماء تحت قبة منظمة التحرير " كممثل شرعي وحيد " للشعب الفلسطيني مع الصراخ عاليا بوجوب إعادة اعمار حطامها الذي دمرته مسيرة " السلام " ووهم " الدولة " الفلسطينية القادمة وعاصمتها القدس الشريف، كشعار بالنظر لوقائع المسيرة الفلسطينية لا يجد الفلسطيني والعربي مع الخيارات المطروحة سوى ما تفرضه إسرائيل من وقائع على الأرض حولت معه كل أوهام
المسيرة " السلمية " وشعاراتها إلى ضرب من ضروب الخيال .

حين رمت السلطة الفلسطينية خلف ظهرها حقيقة ما تواجه من صراع مع عدو فريد في طبيعته العدوانية وبنيته الايدولوجية ، وبعده الاستيطاني الذي يقوم على نفي الآخر وهو صراع بين نقيضين يشمل كافة جوانب الحياة في التاريخ والتراث والأرض والوجود، كان من الطبيعي أن تؤول قضية الشعب الفلسطيني إلى مخاطر التصفية تحت سقف المطلب الإسرائيلي وإدارة الظهر لمطالب الشعب الفلسطيني من خلال نحر الذات وتصويب السهام إلى أدوات مقاومة المشروع الصهيوني، وإعفاء الاحتلال من مسؤوليته عن كل الجرائم المرتكبة طيلة 61 عاما من نكبة الشعب الفلسطيني عبر التساوق و التماهي مع المشاريع الأمريكية - الإسرائيلية كخيار استراتيجي لشعب تحت الاحتلال

أفق المراوحة والدوران في القعر هو جل ما أنتجته عقلية اختطفت وكبلت مقومات نهوض الشعب الفلسطيني ومقارعة الاحتلال واستبدلت العدو الحقيقي له بآخر وهمي يجري العمل على تسويقه بأنه عدو الديمقراطية الانتخابية المقبلة " تحت الاحتلال " مهددا الطرف الآخر بأنه سيتم العمل على إجراء الانتخابات في موعدها، إذ أصبحت الانتخابات احد ابرز الآمال التي تطمح لها السلطة الفلسطينية بدل مواجهة العدوان الإسرائيلي والحفاظ على مقاومة الشعب الفلسطيني لإجراءاته، وإذا ما نظرنا لمستقبل الحوار والمصالحة في واقعها الراهن والياتها المقترحة ومعركة كسر العظم بين الطرفين، فتح وحماس فإنها لا تؤشر لتأسيس حالة كفاحية ووطنية تحمي القضية الفلسطينية وتبعدها عن مذبحها الأخير
الذي يترقب أن تمد رقاب ثوارها له، والانزلاق الخطير لأركان الصراع بالردح الإعلامي وما بينهما لا يبشر يقرب انتهاء الأزمة في الساحة الفلسطينية طالما يغيب العدو الرئيسي للشعب الفلسطيني وهو يزرع الاستيطان بوتيرة متسارعة فوق الأرض و بسلب الفلسطينيين حتى وهمهم الموعود بدولة مقطعة الأوصال
ويسرق مائها وهواءها وحدودها ويعمل بالسر والعلن على تهويد مقدساتها، ويعلو الصراخ من يذهب للتوقيع على المصالحة أولا وينخفض لمستوى الصمت حين يتعلق الأمر بما تواجهه البلدات العربية في فلسطين 48 في عكا ويافا وأم الفحم والناصرة وصولا إلى مدن الضفة المستباحة ليلا ونهارا من جنود وحواجز الاحتلال مع الحصار الخانق للضفة والقطاع يطال كل نواحي الحياة ، والأمر برمته المتعلق بالمصالحة ليس كسب صيغة أو رفض صيغة بقدر ما هو دلالات سياسية فإما أن يصبح الشعب مرجعيته الوطنية الموحدة، وإما تبقى الأمور مستخدمة لصالح الآخر بحكم الفراغ الناشئ عن الحالة الهلامية والباهتة للسلطة الفلسطينية ومؤسسات منظمة التحرير التي نتباكى عليها، وستكون الذراع الطولى للاحتلال والعدوان الذي رفع من وتيرة عدوانه بغياب الردع الفلسطيني والعربي والدولي ، وإحلال سياسة مضللة للشعب الفلسطيني بشعارات ووعود أكل الدهر عليها وشرب لن تجدي نفعا ولن تنتج مصالحة ولا توافق فلسطيني ولا عربي، وطالما بقيت قضية فلسطين بعيدة عن عمقها العربي والإسلامي بشعارات " الاجندة الخارجية " ليسهل على المحتل الانقضاض على كل نهوض ومصالحة تجمع الفلسطينيين والعرب في مواجهة عدوان لم ولن يتوقف عن نفي ومسح الأخر من الوجود بسياسة التعلق بالعدم .

التعليقات